ما تفعله الأيديولوجية الإخوانجية اليوم في ليبيا هو التضييق ووأد كل الحلول السياسية والدبلوماسية.
ق: قطر
ا: ايران
ت: تركيا
اجتماع التحالف الثلاثي المخدّر بأيديولوجياته الدّينية على اختلافاتها، حول مصالح فيها تناقضات بين دوافعها وأهدافها، وهنا أتحدّث عن قطر، إيران وتركيا.
وربّما أول من انتبه إلى مفعول التخدير الدّيني هو معمّر القذّافي الذي تحدث في خطاباته التي اتّهم بها الشّعب اللّيبي بتعاطي ما أسماه وقت ثورتهم عليه بـ"حبوب الهلوسة"، وقد كان محقّا لما لاحظه من جوانب غير طبيعيّة في تصرّفات الشباب، هو أحسن التّشخيص لكن جهل بالأسباب.
إنّه غسل العقول والتّخدير الأيديولوجي الذي تمارسه إيران وقطر وتركيا.
ما تفعله الأيديولوجية الإخوانجية اليوم في ليبيا هو التضييق ووأد كل الحلول السياسية والدبلوماسية.
وفي خضم كل ما يحدث وعندما ننظر للمشهد الليبي من أي زاوية نرى أن الأتراك وحكومة الحمدين هم من خلقوا على أرضها الصراعات القبليّة، التي لم تكن موجودة أساسا ومنذ أكثر من قرن.
لم تتوفّر في ليبيا على غرار سوريا والعراق العناصر الطّائفية، فلعب هؤلاء على العناصر القبليّة والجغرافية، ووضعوا بذورها في عقول الليبيين، وعملوا على تغذيتها منذ سقوط القذافي وإلى يومنا هذا.
لا حلّ أمام الليبيين سوى التّوقف عن التعامل والتّعاون مع القوى الخارجية العدوانية التي ترتكز علـى الإيديولوجيات الدّينية لتنويم الشعوب واستدراجهم نحو الهلاك، والحلّ السياسي وبناء مؤسسات الدّولة ونزع الأسلحة من الشوارع والبيوت هو الخيار الوحيد نحو بداية طريق دولة حديثة
حاولت قوات حلف الشمال الأطلسي "الناتو" ومنذ سقوط القذافي ونهاية ٢٠١١ أن تساعد الشعب اللّيبي.
وأستحضر جيدا قمة الناتو التي كانت في شيكاغو من أجل ليبيا، ومحاولة "الناتو" المساعدة وقتها على إحلال السّلام فيها ومساعدة الشعب الليبي على جمع الأسلحة من أيدي المقاتلين، ومسح البلاد كليا والتّأكد من عدم وجود أسلحة لدى المقاتلين أو المدنيّين، ووقف أي تدفق لمساعدة المقاتلين على الأرض، الذين يعملون ضد مصالح بلادهم.
شخصيّا فوجئت وقتها بوفد ليبي رافض تماما لأيّ تدخّل دولي، واعتباره تدخّلا في "السيادة" في بلد لم يكن مفهوم الدّولة والسيادة واضح فيه بعد.
ووقتها وفي قصص منفصلة استمعت لها من الوفد اللّيبي المشارك في القمّة، الذي من المفترض أن يتّخذ القرار نيابة عن شعبه، علمت منهم وعن قناعة تامّة أن من ساعدهم على "نجاح الثورة" وزوّدهم بأجهزة التواصل من حواسيب وهواتف الثّريا هي الحكومة القطريّة.
وأكّد لي أحدهم أن إعلاميا مشهورا في الجزيرة ومراسلها من لندن وقتها، هو الذي كان يأتي إلى مصراتة عبر البحر، وسلمهم أجهزة هواتف الثريا وأجهزة الحواسيب المحمولة.
في ذلك الوقت فكرت فقط في سؤال واحد: ما الذي يجعل حكومة قطر ترسل وجوهها الإعلامية المألوفة لدى شعوبنا العربية وقتها، والذين خدعوا ولزمن طويل الشعوب العربية للتعامل بشكل مباشر مع المقاتلين؟
وأعود لقمّة النّاتو التي رفض الوفد الليبي وقتها فيها أي تدخل لحلف الشّمال الأطلسي، وشخصيا لا أزال مقتنعة أن تدخّل الحلف كان سيمنع الاقتتال الذي شهدته ليبيا، والذي صعّد ولا يزال متواصلا إلى اليوم.
ما استنتجته الآن وبعد حوالي ثماني سنوات أن الوفد الليبي الذي جاء وقتها لم يكن يمثل الشّعب الليبي المسالم، ولا تطلعات الجميع نحو التّسوية، بل تعنتهم ورفضهم للاستماع إلى كل المواقف كان تلقينا قطريـّا باسم الدين و"الإخوان " تلقّوه حينها.
قطر وتركيا لم تتضررا إلى حدّ الآن من تدخّلهما المباشر في الشأن اللّيبي والوقوف أمام الحلول السّياسية وتعكير المحادثات بين الأطراف المتنازعة.
المتضرّر الأول هو الشّعب اللّيبي الذي لا تهمّه تفاصيل السّياسة الآن وأبعادها بقدر ما يهمّه أن يعيش في أمان ويحقن الدّماء.
والزّعيم الوحيد ورجل الدّولة الذي يتمتّع بالكاريزما والحكمة لقيادة ليبيا حاليّا هو المشير خليفة حفتر، لتمتعه بالخبرات الميدانية، هو رجل وكما وصفه المبعوث الأممي لليبيا همّه جمع صفوف الشعب اللّيبي وتوحيد البلاد لإعادة بناء الدّولة والمؤسسات.
لكن المتاجرين بالدماء والسّلاح، والمستفيدين من تواصل الاقتتال وعدم حلول السّلام في ليبيا هم الأتراك ونظام الحمدين المتحالفون مع إيران، ليس من مصلحتهم استقرار ليبيا ولا أمن شعبها بل تواصل الاقتتال ونهب الثروات خاصة من الجانب التركي والإيراني، غنيمة لن يتنازلوا عنها بالسهولة التي قد يتوقّعها العالم.
ولا حلّ أمام الليبيين سوى التّوقف عن التعامل والتّعاون مع القوى الخارجية العدوانية التي ترتكز علـى الإيديولوجيات الدّينية لتنويم الشعوب واستدراجهم نحو الهلاك.
الحلّ السياسي وبناء مؤسسات الدّولة ونزع الأسلحة من الشوارع والبيوت هو الخيار الوحيد نحو بداية طريق دولة حديثة، والخطوة الأولى لتحقيق الأمن والأمان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة