إيران تقوم بدور كبير في تأجيج الصراع في ليبيا، فالتدخل الإيراني السافر في الشأن الليبي له تاريخ.
مظاهر الدور التخريبي للنظام الإيراني في ليبيا كثيرة ومتنوعة، ليس آخرها «سفينة الحرس الثوري الإيراني» المملوكة لشركة «IRSL» لنقل الأسلحة، التي شملتها قائمة العقوبات الأمريكية، والتي رست في ميناء مصراتة محمّلة بشحنات من الأسلحة الإيرانية للمليشيات، قادمة من مرفأ بورغاس البلغاري، وترفع العلم الإيراني، وفق بيانات موقع «مارين ترافيك». والسفينة، وفق موقع «بيفول»، تعمل لحساب وزارة الدفاع الإيرانية.
ثالوث الشيطان المتكون من النظام الإيراني والنظام القطري وتنظيم الإخوان، لن يتوقف عن العبث وتأجيج الصراع في ليبيا ما دامت هناك مليشيات فيها نفس، ولهذا وجب كتم أنفاسها لقطع دابر ثالوث الشيطان
إيران تقوم بدور كبير في تأجيج الصراع في ليبيا، فالتدخل الإيراني السافر في الشأن الليبي له تاريخ يسبق هذه السفينة، ومنذ بداية فوضى «الربيع العربي» والنظام الإيراني سارع إلى التدخل في ليبيا عن طريق التناغم والانسجام والترتيب والاتفاق مع النظام القطري من خلال تبادل الأدوار، خصوصاً أن هذين النظامين تربطهما علاقات وثيقة بتنظيم «الإخوان» الإرهابي، الذي يعد ليبيا غنيمة وبيت مال للتنظيم الدولي.
النظام الإيراني دأب على تصدير الفوضى إلى العالم، ويحاول السيطرة أو إيجاد نفوذ وموطئ قدم له في الشمال الأفريقي، ولهذا اختار ليبيا لتنفيذ مشروعه، بعد أن ثبت تسلل عناصر من «حزب الله»، إبان حراك فبراير (شباط) 2011، حيث أكدت ذلك الاستخبارات الليبية في حينها، إذ تم رصد عناصر من «حزب الله» في مدينة مصراتة، معقل تنظيم «الإخوان»، ثبت وجودهم بأشكال شتى، حتى افتضح أمرهم بنشر التشيع في مجتمع أغلبه سنّي، ولكن هذا الأمر فشل في إيجاد صدى له يمكن التعويل عليه في الجانب المذهبي باستثناء جانب المصالح وتقاطعها مع تنظيم «الإخوان» الذي راهن على الدعم الإيراني. ولعل هذه السفينة كشفت المستور في علاقة تنظيم «الإخوان» بالنظام الإيراني الذي يحاول تصدير نسخة ولاية الفقيه وطاعة المرشد إلى ليبيا ولو كانت سُنية، فالنظام الإيراني لا يزال يستعيد ذكريات الفاطميين الذين عبروا ليبيا إلى مصر، ورغم حكمهم للبلدين مئات السنين فإن البلدين بقيا على منهج السنة، وسبق أن اتهمت هيئة علماء ليبيا، في بيان، إيران، بنشر التشيع بين الشباب الليبي.
النظام الإيراني يعبث بالشأن الليبي عبر تحالفات وتحريك أمراء مليشيات، ودفع الأموال لهم ليكونوا تحت تصرفه وتصرف النظام القطري في خدمة التنظيم الإخواني، الحليف للنظام الإيراني وصاحب المشروع المشترك. إيران الخمينية جمعها مع ليبيا الماضي ليست دعوة القذافي إلى الفاطمية الثانية، بل حلف الخلاف بين نظام القذافي وبعض دول المنطقة، ودعم نظام القذافي لإيران في حرب الخليج، ورغم هذا التقارب الشديد الحَذِر فلم يتمكن القذافي من زيارة إيران، إذ كان يؤرقه ملف اختفاء المرجع الشيعي موسى الصدر بعد عام من ثورة الخميني، والزعم بأنه اختفى في ليبيا رغم التأكد من سفره ووجود ملابسه وجواز سفره في أحد الفنادق في روما، الأمر الذي تتخذ منه إيران اليوم قميص عثمان لتصفية الحسابات مع الشعب الليبي، رغم أن الشعب الليبي لا علاقة له باختفاء الصدر، بل هناك المستفيدون من هذا الاختفاء، وعلى رأسهم حسن نصر الله زعيم «حزب الله»، أداة إيران في المنطقة العربية.
سجل تاريخ الأعمال التخريبية الإيرانية في ليبيا أو التي أضرت بليبيا، لن يقف عند السفينة «سحر آي كورد»، فالنظام الإيراني كثيراً ما اختبأ خلف ليبيا، ولعل قضية «لوكربي» التي يعد النظام الإيراني متهماً بالتورط فيها وصاحب المصلحة في تفجيرها ليست ببعيدة، القضية التي حمل تكلفة وزرها نظام القذافي، فقط ليدفع فاتورة إيرانية مؤجلة. التحالف مع المليشيات والأقليات لعبة إيرانية مستمرة، فالنظام الإيراني الشيعي المعتقد، يقدم الدعم لعناصر «القاعدة»، بل ويتحالف معها في ليبيا، لكسب منطقة نفوذ في الشمال الأفريقي، حيث مطامع إيران الحقيقية.
ثالوث الشيطان المتكون من النظام الإيراني والنظام القطري وتنظيم الإخوان، لن يتوقف عن العبث وتأجيج الصراع في ليبيا ما دامت هناك مليشيات فيها نفس، ولهذا وجب كتم أنفاسها لقطع دابر ثالوث الشيطان.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة