انتصارات حفتر في ليبيا.. القوى الدولية تغير حساباتها
الانتصارات العسكرية الأخيرة للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تفرض على الغرب إعادة حساباته للتسوية السياسية للأزمة الليبية.
فرضت الانتصارات العسكرية مؤخراً، التي حققها المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق، واقعاً جديداً في معادلة التنافس الإقليمي وحالة الاستقطاب الدولي الحاضرة في هذا الملف، وهو الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى إعادة الحسابات في الداخل والخارج، ويضع كل مخرجات الجهود الدولية في السنوات القاضية موضع التعديل والتغيير.
الأسبوع الماضي، استطاعت قوات عملية الكرامة -الاسم الذي يطلق على قوات حفتر- السيطرة على منطقة القوارشة غرب مدينة بنغازي (شرق)، التي تمثل بؤرة لكتائب مجلس شورى ثوار بنغازي، وتنظيم أنصار الشريعة، وعناصر من "داعش"، وقبلها كانت معركة الهلال النفطي التي اعتبرها المراقبون نقطة مفصلية في رسم مستقبل البلاد بناء على تلك المعطيات الجديدة والتي يعتبر النفط أحد أهم أدواتها.
تلك الانتصارات كان لها انعكاساً على مواقف الغرب تجاه الملف الليبي، وجاءت ردود الفعل الدولية بما يتماشى مع الواقع الجديد الذي فرضته قوات المشير خليفة حفتر، لتؤكد أن الغرب لا يراهن على الحصان الخاسر، وأن من يملك القوة على الأرض ومعه مفاتيج آبار النفط سيكون هو الرهان بالنسبة للغرب والدول الإقليمية، حسب تصريحات صحفية لنعيم الغرياني أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنغازي.
الرؤية السابقة أكدها بيان الاتحاد الأوروبي الذي قال فيه: "يدعو الاتحاد الأوروبي جميع الليبيين للوحدة في الكفاح ضد الإرهاب"، مقدماً تعازيه لـ"ضحايا أفراد الجيش أو اللبيبين الذين سقطوا وهم يكافحون ضد الإرهاب في بنغازي".
هذا البيان قرأه المتابعون في سياق اعتراف الاتحاد الأوروبي بالجيش الليبي، كمظلة رئيسية منوط بها حماية البلاد ممن وصفهم بالإرهابييين، وهم في هذه الحالة معسكر "كتائب ثوار بنغازي وأنصار الشريعة وعناصر داعش"، الذين يمثلون بشكل أو بآخر "عمليات فجر ليبيا "، وهو تنظيم يضم الجماعات المسلحة المؤدلجة من بينها جماعات الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة.
وفي السياق نفسه "إعادة الحسابات"، رحبت أطراف دولية بهذا التقدم الذي حققه حفتر على الأرض، بعد أن كانت كل المؤشرات تصب ناحية انحياز إقليمي ضد الجيش الليبي.
كما رحب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر، عبر تغريدتين على موقع "تويتر"، بالتقدم الذي أحرزه الجيش الليبي، ما يعني اعترافاً صريحاً بقوة معسكر الشرق، الأمر الذي يعطي انطباعاً أن الأمم المتحدة بصدد تغيير موقفها من العملية السياسية في ليبيا، خصوصاً ما يتعلق بوضع المشير خليفة حفتر في اتفاق الصخيرات.
وسبق التغيير الحاصل في الموقف الدولي تغييراً في الموقف الأمريكي أيضاً، حيث أشاد المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا جوناثان وينر، بـ"تضحيات جنود الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب ببنغازي".
ويخوض الجيش الليبي المنبثق عن مجلس النواب في طبرق معركة ضد تنظيم أنصار الشريعة وتحالف كتائب الثوار وعناصر من داعش، معارك مسلحة منذ أكثر من عام في مناطق متفرقة بمدينة بنغازي شرق البلاد.
ويقول عز العرب أبوالقاسم -مدير الإعلام الخارجي بمجلس القبائل الليبية- إن الحسابات السياسية في ليبيا تغيرت خصوصاً بعد الحديث عن موافقة الأمم المتحدة فتح اتفاق الصخيرات من جديد، وإمكانية التعديل أو إلغاء بعض بنوده، خاصة مسألة المسودة الثامنة المتعلقة بوضع الجيش الليبي والمشير خليفة حفتر .
والمادة الثامنة في الاتفاق السياسي الموقع في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 في مدينة الصخيرات المغربية، هي سبب الخلاف الحاصل حول الحوار السياسي، حيث تنص على نقل كافة الصلاحيات السيادية في الدولة إلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بما فيها منصب القائد الأعلى للجيش الليبي.
ومن جانبه، اعتبر السفير هاني خلاف، سفير مصر السابق لدى ليبيا، أن الانتصارات التي يحققها الجيش الليبي بصرف النظر عن شخص المشير خليفة حفتر، ستطرح من جديد مسألة رفع الحظر عن الجيش الليبي، وإعطاء الفرصة للكيانات المسلحة الصغيرة أن تلتحق بالجيش الليبي، حيث يمكن تنظيم عملها تحت مظلة شرعية.
وأضاف خلاف لبوابة "العين" الإخبارية، أن إعادة فتح اتفاق الصخيرات وإدخال بعض التعديلات ستكون من أهم النتائج السياسية للانتصارات العسكرية على الأرض، مشيراً إلى ضرورة ضمان مسألة الولاءات من خلال تعديل مادة المجلس الرئاسي، حيث يكون هناك نائبين بدلا من 9 نواب، مشيراً إلى أن حفتر قدم حسن نوايا عندما سيطر على منطقة الهلال النفطي وجعل إدارتها تحت تصرف البنك المركزي التابع لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4xNjYg جزيرة ام اند امز