بطلان اتفاقيتي السراج وأردوغان.. خطوة لمعاقبة "الوفاق" وكبح تركيا
أشاد خبراء ليبيون بحكم محكمة استئناف البيضاء ببطلان اتفاقيتي السراج وأردوغان البحرية والعسكرية، مؤكدين أن الاتفاقات عقدت من غير ذي صفة.
إلا أن خبراء ليبيين يرون أن الحكم التاريخي سيؤثر تأثيرا كبيرا على تركيا وحكومة السراج، وسيضعهما في ضغوط دولية للخروج من ليبيا ويمنح الجيش الليبي ومجلس النواب الحق في اتخاذ أي تدابير للتصدي للعدوان التركي غير الشرعي.
اتفاق من غير ذي صفة
وأكد الخبير القانوني الليبي محمد صالح جبريل اللافي أن حكم الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف البيضاء، اليوم الأربعاء، عمل تاريخي ووطني يؤكد استقلال القضاء الليبي ونزاهته.
وأضاف أن القضاء الليبي أصدر حكمه وفقا للقوانين والإعلان الدستوري، والمواد المخولة له وكان في مستوى الحدث.
وأردف اللافي أن الحكم جاء كون حكومة السراج غير مخول لها عقد الاتفاقيات، حيث تم الحكم "بعدم الاختصاص الجسيم" وهو يؤكد عدم مشروعية ما قامت به حكومة السراج.
ونوه بأن الحكم أكد أن "فايز السراج وأعضاء حكومته هم مواطنون ليبيون لا يحملون صفة قانونية تخول لهم عقد اتفاق"، وأن ما قام به السراج لا ينطبق مع نصوص الإعلان الدستوري، خاصة المادة 17 التي تخول هذه السلطة للسلطة التشريعية فقط.
وقال إن الحكم سيسمح للدول الصديقة والشقيقة بالضغط على حكومة السراج وتركيا ومجلس الأمن لاتخاذ التدابير الاحترازية للتصدي للتصرفات التركية غير المسؤولة في ليبيا.
تركيا بلا سند قانوني
ويقول السياسي والحقوقي الليبي عبدالله الخفيفي إن تركيا لم يعد لها أي مسوغ قانوني للبقاء في ليبيا وعليها إخراج مرتزقتها وإخلاء القواعد الليبية المحتلة فورا.
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن حكم الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف البيضاء بانعدام قراري ما يسمي المجلس الرئاسي بشأن اتفاقيتي ترسيم الحدود البحرية والتعاون الأمني والعسكري حكم نهائي.
وأردف أن السراج عليه أن ينصاع لأحكام القضاء لكي يحافظ عل استقلالية القضاء ويبرهن على وحدة هذه السلطة وسيادة القانون.
ونوه بأن الاتفاقية باطلة شكلا ومضمونا ، موضحاً أنها صدرت من غير ذي صفة قانونية وهي حكومة السراج التي لم تحصل على ثقة البرلمان وكذلك رفضها مجلس النواب .
أمام الأمر الثاني بحسب الخفيفي فهو أن الاتفاقيات تخالف القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن واتفاق وقف إطلاق بين لجنة 5+5 القاضية بإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب ووقف أي برامج تدريب مع الدول الأخرى.
خنق تركيا والسراج
ومن جانبه أكد الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ الأمن القومي الليبي، أن قرار محكمة القضاء الإداري بالبيضاء سيؤثر بشكل بالغ على المشهدين السياسي والعسكري.
وتابع الفارسي أن الحكم القضائي يضع حكومة السراج في خانة الخيانة والعمالة ولإجرام والعقاب دوليا خاصة في الجرائم التي لحقت بالشعب الليبي من انتهاكات وتدمير وتصدير للإرهاب من جانب تركيا واستنزاف الأموال لصالحها والعمل على زعزعة استقرار المنطقة.
وشدد على أن "تركيا التي ليس لها أي سند قانوني في احتلال ليبيا ارتكبت جرائم لا تسقط بالتقادم خاصة وأن السراج سوف يكون مطلوب دوليا حال التحقيق معه إن أقامت الدولة الليبية دعوى قضائية بسبب الانتهاكات التي حدثت بعد قراره غير القانوني.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقية غير معتمدة من مجلس النواب وغير مسجلة في المكتب القانوني لمنظمة الأمم المتحدة لشؤون البحار والمحيطات وكذلك تركيا غير موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.
وأردف أن القرار يمنح مجلس النواب والجيش الوطني الشرعية أكثر أمام المجتمع الدولي على اعتبار أن السراج وحكومته غير شرعيين وبالتالي الجيش الوطني الليبي يتعامل مع مستعمر تركي يدعم الإرهاب ووجوده غير قانوني ما يخالف المواثيق والأعراف الدولية، ويعطيه الغطاء لأي تحرك عسكري قد يلجأ إليه.
وأشار إلى أن القرار سيزيد من عزلة تركيا الدولية ويجعل أي مشروع لها في شرق المتوسط خصوصا في أطماعها في الطاقة والغاز والتنقيب عليها بلا أي سند قانوني ولو كان وهميا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أعلنت تركيا توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط مع حكومة فايز السراج، بالإضافة إلى اتفاق حول التعاون الأمني والعسكري الموسع، وبموجبه أرسلت أنقرة نحو 20 ألف مرتزق سوري و 10 آلاف متطرف من جنسيات أخرى إلى طرابلس.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن الرئيس التركي رجب أردوغان انطلاق نشر قوات في ليبيا لدعم حكومة السراج، وهي الخطوة التي تتخذها أنقرة غطاء لانتهاك حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011، حيث تقدم دعما كبيرا للمليشيات في طرابلس لمواجهة الجيش الوطني الليبي.
ولا يكتفي نظام أردوغان بذلك؛ بل تساهم ممارساته في إجهاض المساعي الدولية الرامية لحل الأزمة الليبية، من ذلك مخرجات مؤتمر العاصمة الألمانية برلين، القاضية بتعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح، ونزع سلاح المليشيات وفرض عقوبات على الجهة التي تخرق الهدنة.
وتعد السلطة القضائية الليبية إحدى السلطات القليلة التي ظلت موحدة ولم تنقسم، وكانت رمزا لوحدة البلاد طوال فترة الصراع المرير الذي انعكس على كافة المؤسسات السيادية.