نور العراقية.. قاهرة ظلام العينين وظلامية "داعش"
الفتاة التي تنحدر من الموصل، شمالي العراق، داهمها مرض أثّر على ضغط العينين، وكان مسقط رأسها آنذاك تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي.
ذهب المرض ببصرها لكنّ حلمها لم يتحطّم على صخرة الواقع المر، فقد أثبتت الشابة العراقية نور الطائي لنفسها والعالم، بعد أن أصبحت مذيعةً بالإذاعة العراقية، أنّ تحقيق الأحلام مشروع وممكن، في ظل أصعب الظروف وأحلك الأوقات.
الفتاة التي تنحدر من مدينة الموصل شمالي البلاد، داهمها مرض أثّر على ضغط العينين، وكان مسقط رأسها آنذاك تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، حيث لم تتمكن من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة ففقدَت بصرها تدريجياً.
وقالت نور: "عندما سقطت الموصل تحت احتلال داعش كنت مصابة بمرض ضغط العين الذي يحتاج إلى جراحة طبية سريعة، ولكن كما يعلم الجميع، لا يُسمع لأي أحدٍ بالخروج من المدينة بعد أن سيطر عليها التنظيم الإرهابي".
وأضافت: "في الوقت ذاته، لم يكن هناك كثير من الأطباء في الموصل، ولم نستطع الذهاب لعلاج المرض.. وهكذا بدأت تدريجياً أفقد بصري".
عاشت نور مع المرض وتعايشت معه ولم يكن لديها، في ظل ضعف البصر وسيطرة الإرهابيين، سوى متنفس ترفيهي وحيد وهو الإذاعة.
وأفادت: "أثناء احتلال داعش لم تكن هناك وسائل ترفيهية، فقط الإنترنت، ما لا يكفي لتدريبي على أن أصبح مقدمة.. ولا أستطيع أيضاً التعلُّن من التلفزيون.. لذا لجأت إلى الراديو باعتباره الحلّ الأمثل والوحيد.
وفقَدت نور القدرة على الإبصار بشكل كامل عام 2016، غير أن هذا لم يمنعها من مواصلة السعي لتحقيق حلمها بأن تصبح مقدمة برامج في الإذاعة.
وأوضح غدير أحمد، مدير محطة إذاعية محلية في الموصل، أنّ الطائي حصلت على وظيفة في المحطة وأصبحت "رمزاً للأمل"، متابعاً: "يجب رعاية من لديهم احتياجات خاصة مثل نور، فرغم أنها مكفوفة، تصرّ على تحقيق حلمها بأن تكون مذيعة، لذلك لبَّينا طموحها عندما قدَّمت لنا استمارةَ طلبها.. إنها تمثل بالفعل رمزاً للأمل".
وأعرب والد نور عن سعادته لأن ابنته كافحت بغية تحقيق شيء حلمت به، بدلاً من أن تحبس نفسها وتعيش وحيدة في غرفتها.
وأضاف الوالد حمادي إبراهيم: "طموحها أن تكون مذيعة ناجحة، هي تحب ذلك، وقد دعمتُها بالكامل.. لا أريدها أن تبقى بين 4 جدران بسبب فقدان بصرها".
لكنّ طموح مقدمة البرامج الشابة لا يتوقف عند حدود وظيفتها الحالية، فهي تريد أن تنطلق إلى آفاق جديدة، على أمل أن يصل صوتها في يوم ما إلى الجمهور على مستوى المنطقة أو حتى العالم بأسره.
وأكدت نور: "طموحي هو أن أكون مذيعة وقد حققته.. لا أزال أعمل لإنجاز المزيد، فأنا أعتزم أن أصبح إعلامية عربية وعالمية".