"عرين الأسود".. إسكات البنادق مقابل وقف المطاردة الإسرائيلية
مقابل وقف مطاردة إسرائيل لهم، سلمت مجموعة من عناصر "عرين الأسود" الفلسطينية في نابلس أنفسهم للأمن الفلسطيني.
خطوة جاءت بعد جهود حثيثة بذلتها السلطة الفلسطينية مع عناصر "عرين الأسود" وبخاصة أولئك المحسوبين على حركة "فتح".
- نشطاء من "عرين الأسود" يسلمون أنفسهم للأمن الفلسطيني
- "عرين الأسود".. 30 رقما جديدا في معادلة الفصائل الفلسطينية
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ"العين الإخبارية" إن "السلطة الفلسطينية وبدعم من الولايات المتحدة ومصر والأردن تمكنت من الحصول على التزام إسرائيلي بوقف مطاردة المسلحين الذين يسلمون أنفسهم إلى الأمن الفلسطيني".
وأوضحت أنه "بموجب ذلك فإن المسلحين يسلمون سلاحهم إلى الأمن الفلسطيني ويلتزمون الثكنات الأمنية كخطوة نحو اندماجهم في الأمن الفلسطيني مقابل وقف ملاحقة الجيش الإسرائيلي لهم".
وأضافت: "الخطوة جاءت بالاتفاق معهم وبعد منحهم تطمينات بوقف المطاردة الإسرائيلية لهم بالاغتيال أو الاعتقال".
وسبق لعناصر من "عرين الأسود"، التي تضم عشرات المسلحين من مختلف الفصائل الفلسطينية، أن أقدموا على خطوة مماثلة في الأشهر الماضية.
وفي هذا الصدد، قال القيادي في حركة فتح، منير الجاغوب، في تدوينة على "فيسبوك": "بعقلية الفدائي الثائر الصامد الذي يفهم أن الثورة لا تقتصر على سلاح ورصاص فقط، بل هي بالدرجة الأولى مفاهيم وأخلاق سليمة هدفها تقليص دائرة السلبيات (التي يوسعها الاحتلال بإمكانياته العالية)، وتوسيع دائرة الإيجابيات لصالح الشعب والهدف على قدر المستطاع وبأقل الإمكانيات".
وأضاف: "هكذا كانت معايير 11 فردًا من أبناء عرين الأسود الذين اختاروا الانتقال من بين قطع جمر الحال وغدر الاحتلال إلى عمق الفضاء الوطني المتمثل بقوات الأمن الوطني الفلسطيني وعلى رأسها اللواء أبو الدخان ابن الثورة"، في إشارة إلى قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء نضال أبو دخان.
وتابع الجاغوب: "لم يركنوا إلى جانب طريق الإرادة، إنما هم هكذا يسيرون فيه، فالهدف الأسمى أن نحفظ أروحانا ونهضم ما فات بعقلية فن الممكن نحو تجديد الطاقات معا وسويا إلى ما ننشد مرة أو مرات أخرى فالطريق طويل الأمد".
وأردف في إشارة إلى خطوة عناصر "عرين الأسود: "ليس تيهًا بقدر ما هي محاولة في البحث عن باب رجاء آمن يلم شتاتنا، وجدوه عند أهل بيت عرفوا بأنهم لا يتخذونهم وسيلة كما يظن الجهلاء، إنما يريدونهم أهل الطريق، وحراس الباب هم الحاضنة وملجأ الأمان الأول والأخير خلف شعبنا، وهم المثل الأعلى من شبابنا الوطني المقاتل، والتاريخ والحاضر يشهدان".
ولم تعلن السلطة الفلسطينية أو "عرين الأسود" في بيان رسمي عن هذه الخطوة.
ومن جهتها، فلم تلزم إسرائيل نفسها، علنا، بعدم ملاحقة هؤلاء المسلحين حال تسليمهم سلاحهم للأمن الفلسطيني والتزامهم الثكنات الأمنية الفلسطينية وعدم مغادرتها لفترات زمنية يتم الاتفاق عليها مع قادة الأجهزة.
وتزداد مثل هذه الخطوات كلما اشتدت عمليات الاغتيال الإسرائيلية لعناصر هذه المجموعة التي تعتبر واحدة من عدة مجموعات مسلحة في شمالي الضفة الغربية.
وتعتبر "عرين الأسود"، التي تتواجد في نابلس، الأكبر والأكثر شهرة من بين هذه المجموعات المسلحة، والتي تشمل أيضا "كتيبة جنين" وكتيبة"جبع" في محافظة جنين.
والمشترك في هذه المجموعات، التي تضم كل منها عشرات المسلحين، هو أنها تضم مسلحين من كتائب شهداء الأقصى، المحسوبة على حركة "فتح"، وكتائب القسام، التابعة لحركة "حماس"، وسرايا القدس، التابعة للجهاد.
وكانت هذه المجموعات برزت خلال العام المضي بعد تكثيف الجيش الإسرائيلي اقتحاماته للمدن والمخيمات الفلسطينية في شمالي الضفة الغربية وبخاصة نابلس وجنين.
وتمكنت هذه المجموعات، وبخاصة عرين الأسود، خلال فترات قصيرة من اكتساب شعبية واسعة في الأراضي الفلسطينية وفي الوقت ذاته عداوة شرسة من قبل السلطات الإسرائيلية.
فقد أعلنت السلطات الإسرائيلية قرارها ملاحقة هذه المجموعات ووضعها أمام واحد من خيارين فإما القتل أو الاعتقال.
وقد اغتالت السلطات الإسرائيلية أو قتلت خلال اشتباكات مسلحة العديد من هؤلاء المسلحين.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قالت إن حكومة بنيامين نتنياهو اتخذت قرارا بأن تبدأ بعد انتهاء شهر رمضان والأعياد اليهودية، الأسبوع الماضي، عمليات اغتيال واسعة باستخدام الطائرات المسيرة لعناصر "عرين الأسود" و"كتيبة جنين" و"كتيبة جبع".
خطة المنسق الأمني الأمريكي
وكان المنسق الأمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين الجنرال مايكل فينزل قدم قبل شهرين خطة لنزع فتيل التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية.
وتقضي الخطة بأن تعيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية سيطرتها تدريجيا على المدن الفلسطينية وبخاصة في شمالي الضفة الغربية.
وتشمل الخطة خطوات تقوم بها السلطة الفلسطينية على هذا الصعيد، بمساعدة أمريكية، باتجاه عودة السيطرة الأمنية الفلسطينية الكاملة.
وكانت أجهزة الأمن الفلسطينية أشارت إلى أن الاقتحامات الإسرائيلية شبه الليلية للمدن والمخيمات في شمالي الضفة الغربية تجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل نزع فتيل التوتر، داعية إلى وقف الاقتحامات الإسرائيلية أولا.
ولكن الحكومة الإسرائيلية بررت اقتحاماتها بأن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لا تتحرك ضد المسلحين.
ويحظى المسلحون الفلسطينيون بشعبية كبيرة جدا في الشارع ما يجعل أي تحرك ضدهم محل انتقاد وحتى غضب من قبل المواطنين.
وترى مصادر فلسطينية ودبلوماسية غربية، أن التوصل إلى تفاهمات مع المسلحين بتسليم أسلحتهم للأمن الفلسطيني ينزع المبررات التي تستخدمها إسرائيل لاقتحام المدن والمخيمات لغرض الاعتقالات أو الاغتيالات.
واعتبرت المصادر ذاتها أنه من السابق لأوانه التقدير ما إذا كان المزيد من المسلحين سينضمون إلى الخطوة التي قام بها مسلحون من "عرين الأسود".
كما استبعدت انضمام مسلحين من "حماس" والجهاد إلى خطوات مماثلة ما يبقي فتيل التوتر قائما.
وكان مسؤولون من الولايات المتحدة والأردن وفلسطين ومصر اجتمعوا في الأشهر الماضية في مدينة العقبة الأردنية وشرم الشيخ المصرية للاتفاق على خطوات للتهدئة في الضفة الغربية.
ومن المقرر عودة هذه الأطراف للاجتماع مجددا في الأسابيع المقبلة لبحث التقدم المحرز والخطوات المقبلة.
تضامن واسع
وكانت "عرين الأسود" اكتسبت زخما كبيرا في الشارع الفلسطيني من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
ونجحت المجموعة في إخراج عشرات الآلاف من الفلسطينيين في جميع المدن في ساعات منتصف الليل للتضامن معها كلما اشتدت الضربات الإسرائيلية ضد عناصرها.
ولم يسبق للمجموعة أن اشتبكت مع عناصر الأمن الفلسطيني، حيث تضع شارة حمراء على فوهات بنادق عناصرها للتأكيد على أنها موجهة فقط ضد الإسرائيليين.
وعناصر المجموعة هم من الشبان الصغار ولا يوجد قادة بارزون لها إلا المطاردين من قبل الجيش الإسرائيلي.
aXA6IDMuMTM5LjcyLjE1MiA= جزيرة ام اند امز