«يخرج الحي من الميت».. إعجاز قرآني تؤيده أربعة تفسيرات علمية

كيف يكون إخراج الحي من الميت، كما جاء في الآية 19 من سورة الروم (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ).

قدم البعض تفسيرات لهذه الآية، بأنها تشير إلى القدرة الإلهية على بعث الإنسان، والتي يشكك فيها الملحدون الذين يتساءلون: "كيف إذا مات الإنسان وتحلل جسده يمكن أن تعود له الحياة بعد آلاف السنين".

• «والجبال أوتاداً».. إعجاز قرآني أبهر العلماء بأسرار اكتُشِفت حديثاً (خاص) 

ويبقى هذا التفسير أقرب إلى علماء الدين، ولكن العلم، أوجد أربعة تفسيرات أخرى، كان أولها ما يتعلق بـ "التحلل ودورة المغذيات"، كما يوضح عبدالغني الزهيري، الأستاذ بمركز البحوث الزراعية المصري، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية".

والتحلل هو العملية التي يتم من خلالها تقسيم المواد العضوية، مثل النباتات الميتة والحيوانات والمواد العضوية الأخرى، إلى مركبات أبسط بواسطة المحللات مثل البكتيريا والفطريات والكائنات الحية الدقيقة الأخرى.

وأثناء التحلل، يتم تقسيم الجزيئات العضوية المعقدة إلى جزيئات أصغر وفي النهاية إلى مركبات غير عضوية مثل ثاني أكسيد الكربون والماء والمعادن، ويلعب التحلل دورا حاسما في إعادة تدوير العناصر الغذائية وإعادتها إلى البيئة، مما يجعلها متاحة للاستخدام من قبل الكائنات الحية الأخرى.

أما دورة المغذيات، المعروفة أيضا باسم الدورة البيوجيوكيميائية، فتشير إلى حركة وتبادل العناصر الغذائية الأساسية، مثل الكربون والنيتروجين والفوسفور والكبريت، بين الكائنات الحية والبيئة والغلاف الجوي، وتتضمن هذه الدورة عمليات مختلفة، بما في ذلك امتصاص النباتات للعناصر الغذائية من التربة، ونقل العناصر الغذائية عبر السلسلة الغذائية حيث تستهلك الكائنات الحية بعضها البعض، وتحلل المواد العضوية بواسطة المحللات، وإطلاق العناصر الغذائية مرة أخرى في البيئة من خلال العمليات مثل التنفس، والإفراز، والتحلل، ويعد تدوير المغذيات ضروريا للحفاظ على توازن العناصر الغذائية في النظم البيئية ودعم نمو وإنتاجية الكائنات الحية.

ويشرح الزهيري مفهوم "التحلل ودورة المغذيات" بمثال عملي، وهو سقوط شجرة في الغابة، لتبدأ هذه الشجرة بمرور الوقت في التحلل، وتقوم الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا والفطريات بتفكيك موادها العضوية إلى مركبات أبسط، وتلعب هذه الكائنات دورا حاسما في إعادة تدوير العناصر الغذائية الموجودة داخل الشجرة الميتة وإعادتها إلى التربة.

ويقول: "وبالتالي يمكن النظر إلى الآية القرآنية في سياق أنها تصف عملية التحلل ودورة المغذيات، حيث تنشأ الحياة (الكائنات الحية الدقيقة والنباتات) من الأموات (المواد العضوية المتحللة)، مما يسلط الضوء على ترابط واستمرارية عمليات الحياة".

التكاثر والنمو

ويمكن تقديم تفسير علمي آخر للآية الكريمة في سياق ما يعرف بـ"التكاثر والنمو"، حيث يشير "التكاثر" إلى العملية البيولوجية التي تنتج من خلالها الكائنات الحية ذرية، أما النمو فهو العملية التي من خلالها تزداد الكائنات الحية في الحجم والكتلة والتعقيد مع مرور الوقت.

ويقول الزهيري إنه "على سبيل المثال، إذا أنبتت بذرة وتحولت إلى نبات، فعندما ينضج النبات، فإنه ينتج الزهور التي تحتوي على البذور، وعندما تنتشر هذه البذور وتجد الظروف المناسبة، فإنها تنبت، مما يؤدي إلى ظهور نباتات جديدة، وبالتالي، يمكن تفسير الآية بأنها تعكس عملية التكاثر والنمو في الكائنات الحية، حيث تنبثق حياة جديدة (النباتات) من حالة البذور التي تبدو هامدة، مما يوضح دورة الحياة من الموت إلى الحياة".

ومن الدلائل العلمية الأخرى المؤيدة لهذا التفسير ما ذكرته مقالة نشرتها الغارديان في 12 من يونيو 2008، حول (نوى تمر) عمره 2000 سنة، عثر عليه في قلعة أحد الملوك القدامى بالأردن، وعندما قاموا بزراعتها أنبتت، حيث عادت الحياة إليها بعد ألفي سنة عندما توفرت الظروف المناسبة للحياة، وهي المياه.

حياة ميكروبية في بيئات هامدة

ومن التفسيرات العلمية الأخرى للآية الكريمة ما أثبته العلم حديثا من قدرة بعض الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا على الحياة في بيئات مختلفة، بما في ذلك الظروف القاسية مثل فتحات أعماق البحار والينابيع الساخنة الحمضية، حيث تزدهر هذه الميكروبات في بيئات كان يُعتقد في السابق أنها غير ملائمة للحياة.

ويقول الزهيري إنه يمكن "فهم الآية الكريمة في هذا السياق على أنها تشمل فكرة أن الحياة يمكن أن تنشأ من بيئات تبدو هامدة".

التجدد في الكائنات الحية

وأخيرا، فإن "التجدد في الكائنات الحية"، الذي تم إثباته مؤخرا، يمثل تفسيرا علميا رابعا للآية الكريمة، ويقول الزهيري إن "بعض الكائنات الحية تظهر قدرات تجديدية رائعة، مثل أنواع معينة من نجم البحر التي يمكنها إعادة نمو الأطراف أو الذيل المفقودة، وبالمثل، يتمتع السلمندر بالقدرة على تجديد الأطراف المفقودة".

ويضيف أنه "وفقا لهذه الظاهرة، فقد نشأت حياة جديدة (أنسجة أو أعضاء متجددة) من أجزاء تبدو هامدة أو تالفة من الكائن الحي، مما يدل على المرونة والتجدد الكامن في الأنظمة الحية".