اللاما والفئران على خط مواجهة كورونا بـ"أجسام مضادة"
فرق بحثية تلجأ لاستخدام الحيوانات في إنتاج أجسام مضادة لكورونا بهدف توفير إمدادات دائمة بدلا من انتظار بلازما المتعافين
يعد العلاج بالأجسام المضادة تقنية علاجية تعود إلى أكثر من 100 عام، حيث استخدمت خلال وباء الإنفلونزا الموسمية، وتعتمد فكرتها على الاستفادة من استجابة الجهاز المناعي للفيروس لدى المتعافين، حيث يقوم بإنشاء أجسام مضادة تقوم بمهاجمته، وبمرور الوقت تتراكم هذه الأجسام في الجزء السائل من الدم "البلازما "، ويتم عزلها من البلازما لاستخدامها في علاج المصابين.
وبينما بدأت أكثر من فرقة بحثية حول العالم اللجوء إلى هذه التقنية العلاجية للتعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد، لجأت فرق بحثية أخرى إلى تقنية ليست ببعيدة عنها، وهي استخدام الحيوانات في إنتاج الأجسام المضادة، بهدف توفير إمدادات دائمة ومستمرة من هذا المكون العلاجي، بدلا من انتظار بلازما المتعافين، والتي قد لا تكون متوفرة بكميات كافية تسمح باستخدامها على نطاق واسع.
وبينما لا تسمح كميات البلازما سوى بعلاج حالات محدودة من المصابين، فإن كمية الأجسام المضادة المحضرة في الحيوانات تسمح بالاستخدام في علاج المصابين، وكذلك في التحصين ضد المرض، بالنسبة لمن لم يصب به.
ومن بين المشروعات البحثية المهمة في هذا الصدد ما تم الإعلان عنه مؤخرا حول استخدام حيوان "اللاما" في إنتاج الأجسام المضادة.
ويعود هذا المشروع إلى 4 أعوام مضت، حيث عثر فريق بحثي من جامعة تكساس في أوستن وجامعة جينت في بلجيكا عام 2016 على أجسام مضادة في جسم اللاما شبيهة بالأجسام المضادة التي ينتجها الجسم البشري عند تعرضه للفيروسات، وحقق الباحثون حينها نتائج مذهلة في علاج فيروس من نفس عائلة فيروس كورونا المستجد، وهو فيروس متلازمة ضيق التنفس الحاد (سارس)، ولكن انحسار هذا الوباء وعدم الحاجة إلى علاج في ذلك الوقت لم يشجع على المضي قدما في تطوير العلاج.
ومع الحاجة الملحة حاليا إلى وجود لقاح لفيروس "كورونا المستجد"، عاد الفريق البحثي إلى بحثهم القديم، وقاموا بإجراء دراسة على استخدام الأجسام المضادة من اللاما في علاج العضو الجديد في عائلة كورونا، ونشروا بحثا عن هذا الجهد الجديد تنشره دورية "cell" في عددها المقبل في 28 مايو/ الجاري.
ووفق تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في 6 مايو/ أيار الجاري حول هذه الطريقة، فإن الإنسان ينتج نوعًا واحدًا فقط من الأجسام المضادة، يتكون من نوعين من سلاسل البروتين - الثقيلة والخفيفة - التي تشكل معًا شكل Y، بينما تنتج اللاما نوعين من الأجسام المضادة، وأحد هذه الأجسام المضادة مشابه في الحجم والتكوين للأجسام المضادة البشرية، ولكن الآخر أصغر بكثير (فقط حوالي 25% من حجم الأجسام المضادة البشرية).
والميزة المهمة في جسم اللاما المضاد أنه يشكل Y ، ولكن ذراعيه أقصر بكثير لأنه لا يحتوي على أي بروتينات سلسلة خفيفة، ويمكن لهذا الجسم المضاد الأصغر حجما الوصول إلى الجيوب الصغيرة والشقوق الصغيرة على بروتينات السنبلة ( البروتينات التي تسمح لفيروسات مثل فيروس كورونا المستجد) باقتحام الخلايا المضيفة وإصابتها.
ويأمل الباحثون في إجراء دراسات ما قبل السريرية، والتي سيخضعون فيها حيوانات مثل الفئران للتجارب، قبل إخضاع البشر لهذه التجارب، لتطوير علاج يساعد في علاج المصابين بفيروس كورونا، وكذلك في تحصين غير المصابين.
وإضافة لهذه الطريقة التي تعتمد على اللاما، أعلنت شركة "سورينتو ثيرابيوتكس" الأمريكية قبل أيام عن توصلها إلى أحد الأجسام المضادة الفعالة في علاج الفيروس.
وقالت الشركة في تقرير نشرته قبل أيام شبكة " فوكس نيوز"، إنها استطاعت تحديد مئات المرشحين المحتملين للأجسام المضادة التي يمكن أن تربط نفسها بنجاح ببروتينات فيروس كورونا المستجد، ووجدوا من بين اثني عشر من هذه الأجسام جسمًا مضادًا معينا (STI-1499) أظهر فعالية بنسبة 100 ٪ في منع الفيروس من إصابة الخلايا الصحية.
ويكشف الموقع الإلكتروني للشركة عن طريقة إنتاج هذه الأجسام المضادة، حيث يتم حقن الفيروس في الفئران، بما يؤدي لإنتاج أجسام مضادة، ويعقب ذلك إجراء أبحاث للوصول إلى الخلية التي تنتج الجسم المضاد الأكثر فاعلية في العلاج، ليتم عزل هذه الخلية من الفئران ووضعها في وسط شبيه بالجسم بعد إعطائها خصائص سرطانية حتى تظل تتكاثر، وتكون بمثابة مصنع لإنتاج الأجسام المضادة المطلوبة.
ومثل الفكرة السابقة لم تخضع هذه التجربة بعد لتجارب سريرية، ومن ثم لا يمكن الحكم عليها قبل أن يتم إجراء مثل هذه التجارب، كما يقول الدكتور محمد مدحت، أستاذ مساعد الميكروبيولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا لـ "العين الإخبارية".
ومثل هذا العلاج سيكون مكلفا جدا حال تم إثبات فاعليته، حيث يعطي الحماية لبعض الوقت، ويحتاج الإنسان لتكراره كل فترة، وهذه أحد مشكلات العلاج الذي يمنح "مناعة سلبية" وليست مناعة فاعلة، كما يؤكد الدكتور مدحت.
والمناعة السلبية هي تلك التي يتم منحها للجسم من خلال أجسام مضادة لم يتم تخليقها داخله، أما الفاعلة فهي تلك التي يكونها الجسم من خلال تعرضه للمرض، أو بمنحه لقاحا يتضمن جزءا من الفيروس، لتحفيز الجسم على إنتاج الأجسام المضادة.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMy4yMCA= جزيرة ام اند امز