دول عدة أسّست الأيديولوجيا الدينية أو دعمتها رغبة منها في تفتيت دول أخرى من خلال سياسات الاختراق
الأيديولوجيا في تعريفها العام هي منظومة فكرية مبنيّة على مسلمات وأسس تتخذها الجماعة "المؤدلجة" منطلقاً ومنهاجاً، وبالعودة إلى التاريخ فقد ظهر المفهوم في عصر التنوير على يد الفيلسوف دي تراسي، الذي صاغه غداة الثورة الفرنسية.
ولكيلا ندخل في جدل التعريف وتفصيلاته، فالقصد هنا الأيديولوجيا السياسية المبنيّة على أسس أصولية دينية، ذلك الفكر المدعي امتلاكه الحقيقة الكاملة والأحقيّة في الاستيلاء على السلطة.
وهنا تكمن علة الانقياد للأيديولوجيا الدينية، حيث إنها تحد من التفكير وتقيّد معتنقها بالارتباط بها وافتراض صحتها المطلقة بزعم أنها ذات أصل إلهي، وترتبط الأيديولوجيا بالوصول إلى السلطة ارتباطاً وثيقاً، فالسلطة هي الهدف والمحرّك الأساس للفعل الأيديولوجي.
وتتمثل خطورة الأيديولوجيا الدينية في نقاط منها:
1۔ الولاء الخارجي: الولاء الكلي لرجل الدين يسبق الولاء للأوطان، بل يتفوق على كل ولاء وانتماء سواء كان عائلياً أو قبلياً أو وطنياً.
2۔ غياب مفهوم الوطنية: تهديد الكيانات الوطنية ورسم قواعد جديدة للسلطة لا تقوم على مشروع الدولة، بل على كيانات عابرة للحدود ومفتتة للدول.
3۔ الانقياد الأعمى: حيث يفترض أتباع الأيديلوجيا صحتها وأحقيتها المطلقة، وينساقون وراء ادعاءاتها بشكل كامل، ما يؤدي إلى انغماسهم فيها والدفاع عنها بضراوة.
المؤدلجون يرتعبون من الوطنية لأنها ببساطة تفقدهم الأتباع والمناصرين وتجعل المواطنين سواسية، ما يجعلهم غير قادرين على اختطاف العقول التي ترتبط وتتعلق بوطنها وتحافظ على مصالحه.
وقد أسست دول عدة الأيديولوجيا الدينية أو دعمتها رغبة منها في تفتيت دول أخرى من خلال سياسات الاختراق بحيث توالي جماعة في الداخل الوطني دولة خارجية لها أطماع شتى، وتتبع الجماعات الأيديولوجية أشكالاً مختلفة الأساليب تتراوح بين التسلل الناعم، والغزو الثقافي، يعقبه تفكيك المجتمع واصطناع الأزمات بالاعتماد على الأذرع المليشياتية.
وتشترك الأيديولوجيات الدينية في هيكلها وبرنامجها العملي الذي يكاد أن يكون متطابقاً في التصور والتطبيق، إذ تبدأ جميعها بالسعي لإقامة أسطورة "أرض الوعد" أو "دولة العدل الإلهي" أو "الخلافة الشاملة".
فكيف يمكن التصدي لمثل هذه الأيديولوجيات التي أثبتت خلال نصف قرن من الزمان قبح مطلبها وسوء قصدها، ذلك أنها كانت وراء حروب أهلية وثورات دموية، وعمليات إرهابية.
إن تنمية الارتباط بالوطن والانتماء له وحبه والتضحية لأجله في النشء، ومكافحة كافة أشكال التمييز والكراهية والطائفية سيقي دولنا العربية من مغبة الدخول في متاهات الأحزاب الأيديولوجية الظلامية.
فالمؤدلجون يرتعبون من الوطنية لأنها ببساطة تفقدهم الأتباع والمناصرين وتجعل المواطنين سواسية، ما يجعلهم غير قادرين على اختطاف العقول التي ترتبط وتتعلق بوطنها وتحافظ على مصالحه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة