الشهوة الحرام أم الجرائم.. "العين الإخبارية" تفتح ملف الكبت الجنسي
في الفترة الأخيرة تعددت الجرائم التي كان دافعها الشهوة، لذا لم يكن من المستغرب أن يكون معظم المتورطين فيها من المراهقين.
فتاة في العشرين من العمر تقتل أمها في محافظة بورسعيد المصرية بعدما ضبطتها الأم مع شاب يصغرها بـ6 سنوات في وضع مخل، ومراهقان يضبطان بعد نشر فيديو لهما يتضمن أفعالا منافية للآداب جرت في وضح النهار أعلى أحد الكباري في العاصمة المصرية، القاهرة، وغير ذلك من الجرائم الصادمة.
الرابط بين هذه الجرائم هو وجود شهوة محرمة تحرك مراهقين للقيام بالقتل أو ارتكاب أفعال منافية للآداب بدون عقل أو تفكير.
"العين الإخبارية" تواصلت مع عدد من الأطباء وعلماء النفس لسؤالهم عن أسباب هذه الحوادث؟ وعن الرابط بين عدم ممارسة الجنس وطغيان الشهوة على العقل ما يؤدي إلى التورط في المحظور.
تأخر الزواج لا يؤثر
يقول الدكتور حسني عوض، أستاذ جراحة أمراض الذكورة والتناسل بالقصر العيني، إن تأخر الزواج لا يؤثر صحيًا على الرجل ما لم يكن مريضا، فإذا كان لديه مرضا وراثيا أو في الغدد فإنه يؤثر عليه، لكن التأخير في حد ذاته لا يؤثر على الصحة الجنسية أو الجسمانية.
ويوضح عوض، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن التأثير يكون على الحالة النفسية؛ فيصيب المراهق بالتوتر ويجعل فكره مشدودا وقلقا، لكنه هذه المشاعر لا ترتبط بالتفكير في التحرش أو الاغتصاب.
ويقول عوض إن تعرض الأطفال والمراهقين للمثيرات والأفلام الإباحية مع عدم وجود بيئة ناصحة وتربية وأخلاق، يجعلهم يتصرفون بدون توجيه من الأسرة أو المدرسة.
تأثير الإباحية
من جانبه يقول الدكتور إبراهيم مجدي حسين، استشاري الطب النفسى، إن هذه الحوادث إذا بحثنا خلفها لوجدنا شخصا لديه شهوة جنسية مرتفعة، تحول الأمر داخله لنوع من أنواع الإدمان، فيقوم بفعل أي شيء دون تخيل عواقبه.
ويضيف حسين، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، هذه الشهوة تقود الشخص لمخالفة قيم المجتمع؛ لأنها تصبح لديه أهم من القيم والأخلاق.
وأوضح حسين أن معدل انتشار الإباحية مرتفع وإدمانها مرتفع جدًا، مضيفا: "الإباحية بتخلي الواحد يعتادها ويحب أن يمارس اللى شافه، لأنها تستحوذ على تفكيره وبتخليه زي المدمن، وهي مرتبطة بجرائم الاغتصاب والتحرش".
واعتبر حسين أن تأثير مشاهدة الأفلام الإباحية واضح في هذه الحوادث، فمثلا فتاة بورسعيد مارست الجنس مع طفل أصغر منها بـ6 سنوات، وتركت خطيبها وأهلها وراء ظهرها وقتلت أمها من أجل هذا الشاب، وهي حادثة تعبر عن خلل نفسي واضح في الشخصية، وفكرة تعدد العلاقات ما بين خطيب وعشيق هي من أفكار الأفلام الإباحية.
وأضاف حسين: "هذه نماذج مريضة وليست منتشرة، لكن لأنهم يقومون بفعل غريب يتم تسليط الضوء عليهم".
وعن قيام هذه النماذج بتربية أطفال المستقبل، قال حسين: "للأسف أولادهم هيكونوا جيل مشوه، جيل فاقد الانتماء، جيل أفكاره منحرفة لأن جينات الخلل والشر تورث".
ثورة أخلاقية
بدوره يقول الدكتور جمال أمين، خبير التنمية البشرية، إنه لابد من تركيز التنشئة الاجتماعية بكل أدوارها في البيت والمدرسة أو في الكلية أو في الأماكن العامة على الناحية الأخلاقية.
وأضاف أمين، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أنه "لابد من ثورة أخلاقية من جديد، حيث نبدأ بالأولاد الصغار فنعلمهم القيم والأخلاق، وفي المراهقة نعلمهم أضرار العادة السرية والاختلاط غير المباح، بأسلوب منهجي بسيط يتمثل في أسلوب المواجهة المباشرة أو على مواقع التواصل، ويواكب ذلك حملة إعلامية على القنوات الفضائية للأخلاق".
وقال أمين إن التربية هي أساس كل شيء، ولابد من قيام الأم والأب بتوعية أولادهم دون حرج ولا استحياء من القضايا الاجتماعية والثفافية وعلى رأسها الإباحية والعادة السرية والشذوذ.
وأضاف أمين: "الحياء هنا غير صحيح، لكن لابد للأسلوب أن يكون فيه رقي وتعليم ومراقبة، فلازم كلنا نراقب أولادنا وبناتنا، وإحنا كنا زمان بنسألهم: أنت رايح فين؟ وجاي منين؟ وبتسمع مين؟ ولابس إيه؟ سواء كان ذكرا أو أنثى".
وشدد أمين على أهمية تعليم الأولاد الثقافة الدينية والجنسية، وبرر ذلك بقوله: "لسنا وحدنا، العالم اتفتح علينا، فلابد من التوعية والتربية ولابد من الثقافة الصحيحة السليمة التي تؤهل الشباب والأولاد والبنات لحياة صحيحة قائمة على الفكر والعلم والتربية".
وأكد أمين على أهمية القدوة في التربية، وقال: "لازم يكون في قدوة وسيدنا النبي قال: (أدِّبوا أولادَكم على ثلاثِ خِصالٍ حُبِّ نبيِّكم وحبِّ أَهلِ بيتِه وقراءةِ القرآنِ)، لأن القدوة مرتكز أساسي في التربية"، مطالبا باصطحاب الأولاد لدور العبادة ومجالس الصالحين لما لها من عامل مهم في تهذيب أخلاقهم.
مصارحة في كل شيء
ويوافقه الرأي الدكتور إبراهيم حسين، حيث يؤكد أنه لابد من تعليم الأطفال والمراهقين الدين بمفهومه الصحيح، وليس مظاهره فقط.
وطالب ببث فكرة أنك مراقب من الله قبل مراقبتك من الناس؛ لأن هذه الفكرة ستجعل الشاب يتقي الله في كل خطواته، لكنه شدد على أهمية أن يكون ذلك في سياق التشجيع على الفضيلة وليس الترهيب.
من جانبه يرى عوض، الذي اعتبر هذه الجرائم "سوء تربية"، أنه لابد من تدريس التربية الجنسية، وأن تقوم الأسرة والمدرسة بتوجيه المراهقين، حتى لا نرى مثل هذه الجرائم مرة أخرى.