اجتماع القاهرة.. دفعة لقطار الانتخابات الليبية أم «محلك سر»؟
توافق ليبي جديد بين أعضاء مجلسي النواب والدولة على تشكيل حكومة جديدة، ووضع خريطة طريق لاستكمال الاستحقاقات الضرورية وصولا للانتخابات.
جاء خلال اجتماع استضافته العاصمة المصرية القاهرة، بهدف الاتفاق على عملية سياسية تخرج ليبيا من أزماتها و"التمسك بضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وفق القوانين المتوافق عليها، والصادرة عن مجلس النواب مع العمل على استمرار توسعة دائرة التوافق".
الاجتماع أكد "ضرورة تشكيل حكومة جديدة واحدة من خلال دعوة مجلس النواب للإعلان عن فتح باب الترشيح، والشروع في تلقي التزكيات ودراسة ملفات المترشحين لرئاسة حكومة كفاءات بقيادة وطنية تشرف على تسيير شؤون البلاد"، داعيا المجتمع والقوى الدولية إلى دعم التوافق واحترام سيادة القرار الوطني ووحدة وسلامة التراب الليبي.
ولكن هل ستختلف هذه التوصيات عن مثيلتها الصادرة عن اجتماعات سابقة؟
"جنيف جديد"
رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي، قال "الفرق هو أنه هذه المرة يوجد توحيد كامل في نفس الرؤى بخصوص تشكيل حكومة موحدة للإشراف على الانتخابات القادمة".
وأضاف الفارسي لـ"العين الإخبارية"، أن "هناك إشكالية خاصة بافتراض مسألة الاتفاق ما بين مجلس النواب ومجلس الدولة خاصة أن الأخير ليس بكامل أعضائه موافق على تشكيل حكومة موحدة"، لافتا إلى وجود عدة أطراف ضد مشروع الحكومة الجديدة.
وعن الضامن لفكرة الحكومة الجديدة، قال الفارسي "لا يوجد ضامن إلا المجتمع الدولي إذا أصر ووافق على هذه النتائج وأيد برنامج تشكيل الحكومة، ولكن هذا لن يحدث".
وأوضح أن "المجتمع الدولي غير متوافق على تشكيل أي حكومة داخلية، إلا عبر اتفاق وحوار جديد كما حدث مع حوار جنيف الذي أثمر حكومة الوحدة الوطنية".
وشدد على أن دخول الحكومة الجديدة إلى غرب البلاد أصبح مستحيلا.
وقال إن "أي اتفاق سوف يكون على مدينة سرت، فهي المدينة الوحيدة التي تباشر منها الحكومة الجديدة عملها، غير ذلك، لا يمكن أن تكون هناك أي حكومة جديدة داخل طرابلس، ما لم تتم السيطرة على المليشيات".
تأييد البعثة الأممية
أما المحلل السياسي الليبي محمد أمطيريد، فرأى أن الاجتماع لا يختلف عن سابقيه، معتقدا أن المواثيق والإعلان الدستوري الثالث عشر واللجنة التي تشكلت بإشراف الأمم المتحدة، وكان مضمونها أن تكون هناك حكومة وحدة وطنية بإشراف أممي باءت بالفشل، وعندما تغيّرت رئاسة مجلس الدولة، انسحب الأعضاء الستة من مجلس الدولة وفشل الاتفاق".
وقال أمطيريد لـ"العين الإخبارية" إن "ما حدث في اجتماع القاهرة بحضور 120 من أعضاء مجلس الدولة والنواب، لا يلقى استحسان بعثة الأمم المتحدة، خاصة من القائمة بأعمال رئيس البعثة، ستيفاني خوري، ما يجعل مخرجاته معطلة دوليا".
واعتبر أن ما حدث مؤخرا من توافق رئيس مجلس النواب والبنك المركزي وتوحيد المؤسسة المالية لأول مرة منذ سنوات من المحتمل أن يكون أحدث تغيير في المشهد، لافتا إلى أنه يجب انتظار ردود حكومة الدبيبة الذي من المتوقع أن يرفضها ويذكر الليبيين بأنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة من خلال مجلس نواب، وهذا أمر يعد عائقا واضحا وصريحا مما لا يغيّر الأمر الواقع.
لا يختلف عن سابقيه
واتفق معه المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، الذي أكد أن مخرجات اجتماع القاهرة لا تختلف عن سابقاتها.
ووصف المرعاش لـ"العين الإخبارية" نتائج الاجتماع بأنها "فضفاضة وتعكس سعي الطرفين إلى البقاء في المشهد وإدارة الأزمة، دون حدوث أي تقدم في القضايا الخلافية، التي لم تبحث وتم تأجيلها عبر الترحيل وتشكيل خرائط الطريق واللجان".
وقال إن "التجربة المريرة السابقة عودتنا بأن المجلس الأعلى للدولة ليس شريكا نزيها في الاتفاقات، فعقب كل توافق، ينكث وعده ويعلن رفضه أحيانا حتى قبل أن يجف حبر التوقيع عليه".
يجب امتلاك قوة في الغرب
بدوره، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني الليبي السابق عبدالمنعم اليسير، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه رغم اجتماع القاهرة فإن الخلاف المتجذر ما زال موجودا، معربا عن أمله في أن تكون الأمور اختلفت عن الماضي ووجود اتفاق حقيقي يمكن تطبيقه.
وأضاف اليسير أن "الإشكالية بناء على ما نعرفه، هي أن فكرة حكومة جديدة ستكون تكرارا لحكومة باشاغا سابقا وأسامة حماد جديدة"، لافتا إلى أنه رغم امتلاك الأولى العديد من القوات تحت يده بالمنطقة الغربية فإنها لم تستطع الدخول لطرابلس ولم تحمه.
وتابع قائلا إن "ما نعرفه هو أن هناك شقا سياسيا موجودا في المنطقة الغربية لا يرضى بتغيير الحكومة قبل الاتفاق على صيغة دستورية لإجراء الانتخابات مع مجلس النواب"، لافتا إلى أن هذا لن يحدث بعد انتخاب أشخاص لديهم جدلية بمؤسسات الدولة.
وكشف عن أن الواقع الموجود على الأرض لن يتغير دون تغير الانشقاق السياسي الموجود أو الاختلاف السياسي الموجود حتى داخل بما يسمى مجلس الدولة، ما يصعّب في التوافق مع مجلس النواب، موضحا أنه حتى في حدوث توافق لا توجد ضمانات للحكومة الجديدة دون وجود قوة تفرض وجودها وسيادتها في المنطقة الغربية.