كذب وتدليس واتهامات متبادلة.. "حلقة ساخنة" من "السقوط" الإخواني
يبدو أن الخلافات التي ظهرت بين قيادات الإخوان بالخارج في نهاية أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي لم تنتهِ وغير مرشحة للانتهاء قريبا.
فارتفاع نبرة الاتهامات المتبادلة واستخدام ألفاظ عقائدية غاية في الخطورة ينبئان بأن "ما تحت الأَكَمَةِ ما تحتها"، وأننا مقبلون على صيف مليء بالفضائح الإخوانية.
- الإخوان بمهب الريح.. خلافات "منير-حسين" تعري تنظيم الإرهاب
- خطر الإخوان بألمانيا وصراع "منير-حسين".. تقرير استخباراتي جديد
فبعد فترة من الهدوء الحذر بين كيانات الإخوان المنشقة على بعضها، تفجرت منذ ساعات الخلافات بينهم مجددا، على أثر إعلان جبهة إبراهيم منير (لندن) الاجتماع بمكتب الإرشاد الدولي (العالمي) برئاسته، الخميس الماضي، وذلك دون دعوة عضو مكتب الإرشاد محمود حسين زعما أنه قد تم فصله في أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢١، هو و5 من القيادات، هم: محمد عبد الوهاب مسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج، وهمام علي يوسف عضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا السابق، ومدحت الحداد عضو مجلس الشورى العام، وممدوح مبروك عضو مجلس الشورى العام، ورجب البنا عضو مجلس الشورى العام ولا يحق له حضور تلك الاجتماعات، وهو القرار الذي ترفضه جبهة محمود حسين (إسطنبول) وردت عليه بعزل إبراهيم منير نفسه عن منصب القائم بأعمال المرشد وتولية مصطفى طلبة مكانه في ١٧ ديسمبر/كانون الأول ٢٠٢١.
ثم تبادل الطرفان الاتهامات بالعمالة لجهات أجنبية وبالاختلاسات المالية من مخصصات المحبوسين ورعاية الهاربين في تركيا، وتجلى الانقسام وظهرت حدته أثناء احتفال بتأسيس الجماعة، فقد ظهرت كل مجموعة كأنها هي الإخوان متجاهلة المجموعة الأخرى، وباتت نغمة التخوين هي اللغة السائدة بين الجبهتين، وكان من الواضح أن كلا الطرفين يملك أدوات الصراع جيدا، سواء الأذرع الإعلامية بما تحتويه من قنوات ومواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، أو تأييد بعض المكاتب الإدارية في مصر، كما يمتلك الطرفان مصادر تمويل كافية للإنفاق على أنشطة مؤيديهم.
وفي سعيه لإثبات شرعيته، سربت جبهة منير أن المرشد العام محمد بديع أرسل رسالة شفوية يؤيده ويؤكد على ضرورة لم شمل الجماعة تحت إمرته، على إثرها قام منير بدعوة أعضاء مكتب الإرشاد العالمي، ومعظمهم من غير المصريين ليبايعوه قائما بالعمال ويقروا قيادته للجماعة.
وسرعان ما ردت جبهة محمود حسين بإصدار بيان اتهمت فيه جبهة منير بـ"الكذب والتدليس والنفاق". واستفتح البيان بالآية القرآنية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"، في اتهام واضح وصريح لهم، وتحذير لباقي الإخوان ألا يتبعوا منير وإلا سيصبحون نادمين.
وحول آخر مستجدات الخلافات الإخوانية ودلالاته يرى أحمد بان، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، أن "الخلافات الأخيرة بين الإخوان هي حلقة من حلقات السقوط".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أكد الباحث والكاتب أن "واقع الإخوان يؤكد سقوط الجماعة تنظيميا وفكريا وأخلاقيا، فتنظيميا قد تشظى التنظيم والجماعة عقب ٣٠ يونيو/حزيران وقد بدأ ولم ينته، أما فكرياً فبعد سقوط التجربة وفشلهم الذريع في تطبيق أي من أفكارهم، بات من المؤكد أن أفكار الجماعة وأطروحتها للحل لم تعد أملا يداعب خيالات أعضاء التنظيمات الإسلامية، أما أخلاقيا فماذا تنتظر من جماعة تزعم أنها تربوية فإذا ما اختلف شيوخها وسدنة التربية وحماة الأخلاق لم يتوانوا في استخدام أقسى الألفاظ وأشدها قبحا لأخيه الآخر، فأي قيمة أخلاقية يمكن أن يحملها هؤلاء".
وحول مستقبل الجماعة وهل ثمة احتمال للمصالحة ولم الصف الإخواني، أكد بان أن "ما تشهده جماعة الإخوان من معارك دائرة بين أجنحة التنظيم المتصارعة على قيادة الجماعة غير مسبوق في تاريخها، ويحمل في طياته أكثر من مجرد أزمة يمكن حلها بلجنة مصالحة، لأن الجماعة تحولت بالفعل إلى 3 كيانات مستشهدا بما صرح به المتحدث الرسمي الأسبق محمد منتصر والمحسوب على المكتب العام من بقايا مؤيدي محمد كمال، وهي جبهة لندن بقيادة منير وجبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، وهم أعضاء المكتب العام".
وأوضح بان أن "حجم الاتهامات متبادلة ونوعيتها وعمقها يمنع أي التقاء بين المجموعات الثلاث، أو كما يقولون أصبح رتقا في ثوب التنظيم يصعب على أي راتق إصلاحه".
وأضاف: "بالنظر إلى البيان الأخير سنكتشف أن الصراع أعمق وأشد من أي خلاف شهده التنظيم من قبل"، مؤكدا " أن الجماعة لا مستقبل لها، ولكنها كجماعة ليست مرشحة للانتهاء فمازال لها دور في المنطقة لصالح القوى العالمية، وهي التي تبقيها حية إلى أن يحين موعد عودتها، وما تتعرض له الجماعة نتيجة طبيعة لأعراض الهزيمة والفشل"، مؤكدا أننا "أمام حالة يرثى لها فكلاهما يتصارع على قيادة تنظيم غير وطني".
هذا ويرى الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية منير أديب أن "الخلاف الإخواني الأخير انحرف من مجرد خلاف على التنظيم إلى الاتهامات العقائدية.
وفي حديث خاص لـ"العين الإخبارية" ألمح أديب إلى أن "البيان الصادر من جبهة محمود حسين جاء ردا على اجتماع إبراهيم منير مع مكتب الإرشاد العالمي تم تصديره بالآية القرآنية (إذا جاءكم فاسق) وهذا منحى خطير إذ بدأ التراشق في البداية بالتعامل بالعمالة واليوم أصبح الاتهام في الإيمان وغدا ربما يتم تكفير واستحلال دم بعضهم البعض".
وحول دلالة اجتماع منير بمكتب الإرشاد العالمي يرى الكاتب والباحث أن "أهمية هذا الاجتماع أنه سيعطي الشرعية التنظيمية لجبهة منير ويتم سحب البساط من تحت أقدام جبهة محمود حسين، الذي من الواضح أن التنظيم العالمي يميل إلى منير، وهذا واضح من عجز محمود حسين على دعوتهم بالمقابل، لهذا أصدروا هذا البيان تحت اسم وهمي".
وأوضح أديب أن "البيان وإن جاء في شكل مقال إلا أنه واضح للغاية أنه يخدم جبهة محمود حسين، فالمقال يرتكز بالأساس على اللائحة، ويرفض مخرجات اجتماع مكتب الإرشاد العالمي ليظل الصراع بين الكتلتين قائما، عسى أن يستجد من الأحداث ما يمكن أن يرجح كفة جبهته".
ويستكمل أديب وجهة نظره في أهمية هذا البيان بقوله: "إن هذا البيان يعد نقطة تحول مهمة في الخلافات الإخوانية الإخوانية لأنه يثبت هزيمة الإخوان وعدم صلاحيتهم للاندماج في النسيج الوطني، فهم إذا اختلفوا مع إخوانهم سبوهم واتهموهم بالفسق والكذب والتدليس ونسوا الأخوة التي كانوا يتشدقون بها والتي كانوا يعلمون أنها هي الركيزة الأولى لدعوتهم، فهل تتوقع أن يكونوا أخلاقيين مع غيرهم".
واستطرد: "هذا الخلاف أظهر وكشف الجماعة على حقيقتها، وكشف عجزهم عن إدارة حوار إخواني/إخواني فهل يمكن أن يكونوا ضمن مكونات الحوار الوطني، وهل يمكن أن يدّعوا أنهم يحملون الخير لمصر، هذا الخلاف أنهى مشروعية الجماعة إلى الأبد".
aXA6IDMuMTQ1LjU5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز