"لوبي" الاستثمار بين إيران وفرنسا مرعوب من ماكرون
صحيفة فرنسية تنشر تفاصيل صفقات طهران وباريس منذ رفع العقوبات
تصريحات ماكرون المؤيدة للضغط على إيران تثير صدمة شركات فرنسية ومليشيا الحرس الإيراني المستثمر الأكبر في فرنسا
أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بتأييده اتخاذ خطوات ضد أنشطة إيران ومليشياتها المزعزعة للاستقرار بالشرق الأوسط مخاوف لوبي مكون من مستثمرين فرنسيين وإيرانيين من انعكاسها على مصالحهم المشتركة.
- ماكرون: على إيران وقف أنشطتها العدائية في المنطقة العربية
- استراتيجية ترامب تربك حسابات المال الإيرانية- الأوروبية
وكان ماكرون اتفق مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، السبت، على ضرورة العمل مع الحلفاء لمواجهة أنشطة مليشيا حزب الله وإيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة العربية.
وتحت عنوان "بعد نشوة رفع العقوبات.. دش بارد للمستثمرين الإيرانيين"، كشفت صحيفة "شالنج" الاقتصادية الفرنسية روابط المصالح الاقتصادية بين كبرى الشركات الفرنسية ونظيرتها الإيرانية والتي يملكها في الأغلب مليشيا الحرس الثوري الإيراني المسيطر على الاقتصاد الإيراني.
وفي ذلك قالت إن "رفع العقوبات المفروضة على إيران (منذ أشهر) وهب أملا أحمقا للمصانع الفرنسية وللمستثمرين الإيرانيين لتعويض خسائرهم بعد عقد من العقوبات الدولية، ولكن الآن بات كابوسا بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد النشاط النووي الإيراني".
وكانت فرنسا قد أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يناقش فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها الصاروخي.
وأشارت الصحيفة إلى أن "تصريحات ماكرون الأخيرة أصابت المستثمرين الإيرانيين بالإحباط، موضحة أن"تدفق رأس المال الفارسي كان مرحبا به لخبراء الاقتصاد الأوروبيين الذي يرون أن هذا البلد الذي يتخطى عدد سكانه 80 مليون نسمة يعد السوق الأكثر جذبا على الكوكب".
وتابعت أن "التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي أربكت تلك الحسابات، وسببت حسرة على الأموال الإيرانية التي دُفعت، والمهددة بإعادة تجميدها".
ونقلت الصحيفة عن مستشار شركة "بي.إس.أي" الفرنسية لصناعة السيارات، أردافان أمير أصلاني، الفرنسي-الإيراني، قوله إن "التفاؤل المبكر دفع رجال الأعمال الفرنسيين للتهور في الاستثمارات الإيرانية، إلا أنهم لا يعلمون أن التسرع في التعاون مع إيران في مجال الاستثمارات يعد فشلا لا محالة".
وسردت الصحيفة الاقتصادية تفاصيل الصفقات الإيرانية في فرنسا منذ رفع العقوبات، لافتة إلى الشركات الفرنسية الكبرى التي استفادت من ذلك، وأبرزها شركة "إيرباص" لصناعة الطائرات التي باعت مئات الطائرات إلى طهران بقيمة 18 مليار يورو، وشركتي "بي.إس.أي" و"رينو" لصناعة السيارات، فضلا عن شركتي "بييوج. تليكوم" للاتصالات، و"فينسي" للمقاولات، التي وقعتا اتفاقات من حيث المبدأ في التعاون في مجال المطارات.
ويوجد كذلك استثمارات لشركة "توتال" الفرنسية، التي حصلت في مطلع يوليو/تموز الماضي، على عقود غاز ضخمة تقدر بـ5 مليار دولار".
وتابع أردافان أصلاني أن "التبادل بين إيران وأوروبا تخطى 4 مليار يورو قبل رفع العقوبات، واليوم بعد رفع العقوبات تخطت الصفقات 14 مليار يورو، وهذا "أمر مثير للسخرية"، خاصة بعدما دفع الإيرانيون هذه المبالغ الضخمة، فإن لديهم مخاوف من إعادة تجميد أموالهم".
وأضاف أن عددا ضئيلا من البنوك الصغرى فقط تسمح بتحويل الأموال الإيرانية لفرنسا، من بينها، بنك "ورمسر فرير"، وبنك "ديلوباك" الفرنسي، و3 بنوك إيرانية أخرى، وهما بنك "تيجارات"، و"سيباف"، و"ميلي"، وخارجيا، بعض البنوك الصغرى في النمسا، والدنمارك وإيطاليا، وكوريا الجنوبية".
أما البنوك الكبرى فتخشى ملاقاة مصير بنك"بي.إن.بي" الفرنسي الذي تعرض لغرامات ضخمة عام 2014 من قبل واشنطن في إطار العقوبات المفروضة على إيران والشركات المتعاملة معها حينذاك.
ولفتت الصحيفة إلى أن "رفض البنوك بتحويل الأموال إلى إيران أو استقبالها، دفع مجموعة "بي.إس.اي" "بيجو-ستروين" لتصنيع السيارات، للتوجه للبنوك الصغيرة الإيطالية مثل بمصرف "بنكا بوبولار.دي سنودريو" لتحويل 14 مليون يورو من إيران".
و"شركة (رينو) في المقابل تعد أكثر حظا؛ حيث استطاعت التمويل الذاتي لمشروعاتها المتمثل في عشرات ملايين اليوروهات التي لم ترسل إلى إيران بسبب العقوبات، دون الحاجة لاقتراض البنوك.
وتابعت صحيفة "شالنج" الاقتصادية أن "هذا الحظر، للبنوك، يفسر بمخاوفهم من غضب واشنطن، التي تحظر تحويل الدولارات إلى إيران، بتطبيق " قانون القوى الاقتصادية الطارئة الدولية"، وهذا القانون، الأمريكي الذي صدر 1977، يسمح للرئيس الأمريكي بتقييد التعاملات التجارية لبعص الدول، على سبيل المثال، "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية"، الذراع الاقتصادي الحقيقي للولايات المتحدة، الذي يحظر على الأفراد أو الشركات بإقامة علاقات مع الدول المحظور التعامل معها".
ولفتت إلى أن "ما عزز تلك المخاوف للبنوك ورجال الأعمال الإيرانيين والفرنسيين، موقف الرئيس ترامب، بعدم التصديق على برنامج إيران النووي، والرئيس ماكرون الذي يهاجم هذا الخطر".
وكان محللون فرنسيون قد اتهموا دولا أوروبية من قبل بتفضيل مصالحها الاقتصادية مع طهران على حماية العالم من الخطر الإيراني، متساءلين عن سر تحفظ الدول الكبرى الغربية على استراتيجية ترامب ضد إيران.
وفي ذلك قالت صحيفة "ليزإيكو" الفرنسية إنه "بسبب التغول الاقتصادي لمليشيا الحرس فإن العديد من الدول الأوروبية تخشى على مصالحها واقتصادها إذا ما تم اعتباره منظمة إرهابية، وذلك لكون كثير من هذه الدول، ومن بينها فرنسا وألمانيا، منخرطة في مشاريع استثمارية مع إيران".
فيما نقلت إذاعة "فرانس إينفو" الفرنسية عن الباحث السياسي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، لورانس ناردون، قوله إن "الولايات المتحدة تعد وحيدة في معركتها ضد إيران على الرغم من دعم بعض البلدان لها، إلا أن حلفاءها الأوروبيين تخلوا عن ترامب لتعارض ذلك مع مصالحهم الاقتصادية مع إيران".
وفي ذات الاتجاه نقلت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية عن الباحث في معهد العلاقات الدولية الاستراتيجية، والمتخصص في الشأن الإيراني، تييري كوفيلي، قوله: إن "إيران هي المستورد الأول من الاتحاد الأوروبي".