خبراء يكشفون لـ"العين" أبرز 4 ملفات تظهر تباين ماكرون ولوبان
بوابة "العين" الإخبارية استطلعت آراء خبراء سياسيين بشأن السياسة المتوقعة من ماكرون ولوبان.
مواجهة قوية منتظرة بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبان في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسية الفرنسية في 7 مايو/أيار المقبل، وتأتي المنافسة بين المرشحيين لتعارض مواقفهما السياسية وتباين آرائهما الحزبية في الكثر من القضايا الداخلية بفرنسا والخارجية خاصة الأزمات في دول الشرق الأوسط وملفات مكافحة الإرهاب، فضلًا عن علاقة فرنسا تحديدًا بدول الاتحاد الأوروبي.
وحول الإجراءات المتوقعة من كلٍ من ماكرون ولوبان في حالة الفوز بمنصب الرئيس، استطلعت بوابة "العين" الإخبارية آراء خبراء سياسيين بشأن التوقعات المرسومة لسياسة فرنسا الداخلية والخارجية.
واستند الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية، في تحليله لموقفي ماكرون ولوبان على التوجه السياسي وأعمارهما، قائلًا: "ماكرون هو المرشح الأكثر اعتدالًا حاليًا في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة، بالإضافة إلى أن عمره لا يتجاوز الـ39 عاما، بينما انتماء لوبان السياسي وتطرفها الفكري بحكم الالتزام الحزبي يجعلها أكثر تشددًا في اتحاذ الإجراءات داخل وخارج فرنسا".
وأشار الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن إجراءات المرشحين ستعتمد على البرنامج الانتخابي المباشر، وربما الظروف السياسية المتغيرة وطبيعة المجتمع الفرنسي ستفرض عليهما بعض القرارات.
1- قضايا المنطقة.. حل عسكري أم مؤتمرات دولية؟
واعتبر اللاوندي، في تصريحاته مع بوابة "العين"، أن ماكرون في حالة فوزه بالانتخابات سيحمل شعار "من أجل مصلحة فرنسا"، لذا يصبح التحرك في قضايا الشرق الأوسط مثل الأزمة السورية والليبية والفلسطينية، معتمدًا على مبدأ مصلحة فرنسا، بالإضافة لفكره المختلف لصغره سنه سيجعله بعيدًا عن الحلول العسكرية.
وبشأن الأزمة السورية الحالية التي تصاعدت وتيرتها بعد الهجوم الكيماوي على خان شيخون والضربة الجوية الأمريكية التي وجهت لقاعدة الشعيرات العسكرية بسوريا، رأى خبير العلاقات الدولية أن الأولوية لدي ماكرون في قضايا الشرق الأوسط ستكون الأزمة السورية، وستتغير سياسته في هذا الشأن عن سياسية فرانسوا هولاند بالتعامل مع نظام الأسد، وسيؤسس منهجا مختلفا لفرنسا في التدخل العسكري ويصبح أكثر حزمًا وحسمًا في سوريا.
وفي الوقت نفسه، كان شعار لوبان في جولة الانتخابات "فرنسا للفرنسيين" الأمر الذي يجعلها أكثر تشددًا نحو العرب والمسلمين، وستصبح أكثر حدة مع الأزمة السورية في دعمها التدخل العسكري ظنًا منها أن هذا الطريق سيحافظ على توازنات القوى بالمنطقة، بحسب رؤية الدكتور سعيد اللاوندي.
واختلف الدكتور طارق فهمي في تحليله، قائلًا: "لن يكون هناك اختلافات جذرية بين ماكرون ولوبان كما هو متوقع، وتحديدًا في سياسة فرنسا الخارجية، ففي سوريا، يبقى الموقف ثابتا من بشار الأسد ودعمهما لتدخل ترامب في توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، كما هي الحال من القضية الفلسطينية، وستدعو فرنسا لمؤتمر باريس 2 المنتظر إقامته في سبتمبر/أيلول المقبل"، مؤكدًا أن اليمن الوسطي الفرنسي معروف تاريخيًا بدعمه للقضية الفلسطينية وهو التيار السياسي الذي ينتمي له ماكرون.
وذكر فهمي أن التعامل مع الأزمة الليبية ربما يتسم ببعض التباين بينهما، خاصة فيما يخص دخول فرنسا في عمليات عسكرية تقودها إيطاليا أو أي دولة من دول التحالف الدولي، لتستمر علاقة فرنسا مع حلف الناتو ودعمها لقوات الحلف.
2-محاربة الإرهاب.. جبهة دولية أم إجراءات صدامية؟
7 هجمات إرهابية وجهت ضد الفرنسيين منذ عام 2015، ما يجعل محاربة الإرهاب الملف الأول والتحدي الكبير للرئيس الفرنسي المقبل، ليتوقع أستاذ العلوم السياسية، أن الإجراءات التي يسعى ماكرون لتنفيذها لمحاربة الإرهاب ستختلف عن باقي النطاق الأوروبي، ما يترتب عليها تعامل مختلف مع الجاليات العربية والإسلامية بشكل كبير، مشبهًا الوضع بالنموذج الأمريكي الذي طبقه دونالد ترامب بعد فوزه بالرئاسة في الحد من الهجرة وتقنين أوضاع الجاليات هناك.
ومن خلال حملته الانتخابية، استنتج اللاوندي أن خطوة الانضمام لجبهة عالمية لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، يصبح الإجراء الرئيسي الذي يقوم بها ماكرون، بهدف حماية فرنسا من بطش الإرهاب، وجعلها دولة أكثر أمنًا وأمان.
وفي الوقت نفسه، ربطت لوبان مرشحة اليمين المتطرف، بين الإرهاب والإسلام، لتصبح أول مرشحة رئاسة تعلن هذا الأمر في حملتها الانتخابية، نتيجة تأثرها بفكر والدها، والتزامها بأفكار الحزب المتطرف، ليرى اللاوندي أن الإجراءات الأولى للوبان ستؤثر سلبًا على المهاجرين والجاليات العربية، خاصة أن عدد المسلمين والعرب بفرسنا يتراوح بين 5-6 ملايين مهاجر.
ويؤكد فهمي على التحليل السابق، واصفًا إجراءات لوبان لمكافحة الإرهاب بـ"الإجراءات الصدامية" من ترحيل للمهاجرين وطرد مسلمين وعرب من وظائفهم وخارج فرنسا، بالتنسيق مع باقي الدول الأوروبية، خاصة أن مواقفها السياسية كانت واضحة لرفضها الهجرة واستقبال لاجئين لفرنسا.
3- الاتحاد الأوروبي.. بقاء أم استفتاء؟
وحول بقاء فرنسا بالاتحاد الأوروبي وتقديرهم لطبيعة الاتفاقيات التجارية والاقتصادية المبرمة بين دول الاتحاد، تباين موقفا المرشحين، وقال خبير العلاقت الدولية، إن مطالبة لوبان لخروج فرنسا من الاتحاد يعد كارثة كبرى للاتحاد وللقارة العجوز، سواء تم هذا الإجراء بالاستفتاء أو بقرار مباشر منها بناءً على صلاحيتها كرئيس للدولة في حالة فوزها بالمنصب، متوقعًا أن الأحداث الحالية التي تمر بفرنسا زادت من أعداد المتشككين بفرنسا حول أهمية الاتحاد لبلادهم، ما يجعل قرار الانسحاب أولوية لدى لوبان.
واختلف فهمي في هذا التفسير، مشيرًا إلى أن الدعوة لاستفتاء مفاجئ على عضوية فرنسا بالاتحاد لن يحدث، خاصة أن طبيعة القيود المفروضة على فرنسا من قبل الاتحاد ليست شبيهة للقيود التي فرضت على بريطانيا.
وأضاف أن التزام لوبان بالموقف الحزبي سيؤجل قرارها بشأن علاقة فرنسا بالاتحاد، مؤكدًا في حالة فوز ماكرون لن يتم أي تغيير في هذه النقطة، نظرًا أن طوال حملته لم يتطرق للأمر سواء بدعم أو رفض بقاء فرنسا بالاتحاد، بينما هو ملتزم بالاتفاقات الاقتصادية والتجارية الأوروبية.
ليجد اللاوندي أن في تعهدات ماكرون بإنشاء ميزانية وبرلمان لمنطقة اليورو وإصدار جواز سفر أوروبي موحد يعني حرصه التام لبقاء فرنسا دولة مهمة داخل الاتحاد.
4- الأمن والتعليم.. إجراءات في مواجهة الميزانية؟
حماية العمالة الفرنسية، إغلاق الحدود لضبط الأمن، إلغاء نظام المدارس الموحدة، كانت أهم ملامح خطة مارين لوبان، التي استند عليها طارق فهمي في تحليله، منوهًا إلى أن شعار مرشحة اليمن المتطرف "فرنسا أولًا" يجعلها تعطي الأولوية للفرنسيين أكثر من المهاجرين، بإعادة النظر في منظومة الصحة والتعليم، ولكن ربما تصطدم سياستها بالوضع الداخلي للشرائح المجتمعية ومخصصات الميزانية.
ووصف موقف ماكرون بشأن ضبط الأمن والقضايا الداخلية بـ"الرؤية الواضحة" لاستيعابه جميع الشرائح بالمجتمع واهتمامه بالطبقات المهمشة، مشيرًا إلى أن توجه المرشح بين اليسار المتأرجح واليمن المتطرف يجعله شخص غير ملتزم بجميع القرارات المتعلقة بـ تغيير المؤسسات التعليمية.
كما أوضح خبير العلاقات الدولية أن إصرار لوبان للربط بين وجود المسلمين بفرنسا واهتزاز الأمن، يؤدي إلى إجراءات صارمة لغلق الحدود مع دول الجوار والحد من استقبال مهاجرين بطرق شرعية، خاصة مع دعوتها للحد من الهجرة بما لا يزيد على 10 آلاف شخص سنويًا.
وفي الوقت نفسه، اعتبر اللاوندي إجراءات ماكرون الأمنية ستهدف لضبط الأمن وطمأنة الفرنسيين فقط، وتتمثل في إجراءات صارمة للحد من الهجرة غير الشرعية، ودعمه لاندماج العرب والمسلمين بفرنسا، بالإضافة لتعهده بالنظر في جميع طلبات اللجوء خلال 6 أشهر.