من «دودة موريس» إلى أزمة «كراود سترايك».. أعطال التكنولوجيا تهز العالم
عانى العالم اليوم من صدمة تردد صداها بين شرقه وغربه بعد أن أدى خلل تقني إلى تعطيل العمليات في العديد من الصناعات اليوم الجمعة.
إذ أوقفت شركات الطيران رحلاتها الجوية، وتوقفت بعض محطات البث عن العمل وتضررت الخدمات من القطاعات المصرفية إلى الرعاية الصحية حيث عانت من مشاكل في النظام.
ورغم التطور الفائق والمستمر في تكنولوجيا المعلومات والصناعات التكنولوجية فإنه حتى الآن يمكن توقع حدوث مثل هذا الخلل بين وقت وآخر، رغم محاولات حثيثة من أصحاب الأعمال لتجنب حدوثه لما يسفر عنه من خسائر مادية واسعة.
وبطبيعة الحال، لم يكن هذا الخلل التقني استثنائيا، فقد شهد العالم فيما مضى حالات لانقطاع التكنولوجيا أثرت على صناعات كاملة.
أكبر حوادث التكنولوجيا
وفقاً لتقرير لوكالة رويترز، في مايو/آذار عام 2017، تعرضت الخطوط الجوية البريطانية لعطل كبير في نظام الكمبيوتر مما أدى إلى تقطع السبل بـ75000 راكب خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأحدث كارثة في العلاقات العامة وتعهدت الشركة في أعقابه بأداء أفضل لعملائها.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن سبب انقطاع التيار الكهربائي هو قيام مقاول صيانة بإيقاف التيار الكهربائي عن طريق الخطأ.
ووفقا للتقديرات، فقد تراوحت تكلفة تعويض الركاب والمبالغ المستردة والموظفين الإضافيين والإيرادات المفقودة بين 80 مليون جنيه استرليني (102 مليون دولار) إلى 100 مليون جنيه استرليني (138 مليون دولار)، وفقًا لروبن بايدي، محلل الطيران في كانتور فيتزجيرالد.
وفي 14 ديسمبر/كانون الأول 2020، تعطلت بعض خدمات Google الأكثر شهرة، بما في ذلك YouTube وGmail وGoogle Drive، لمدة ساعة أثناء انقطاع الخدمة.
ووفقًا لموقع DownDetector لمراقبة الانقطاع، تأثر أكثر من 12000 مستخدم على YouTube في أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا والهند.
وتشير التقديرات إلى أن انقطاع الخدمة كلف الشركة "ما يصل إلى 47 مليون دولار (350 ألف دولار للدقيقة).
وفي يونيو/حزيران 2021، تعرضت الآلاف من المواقع الحكومية والأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم لانقطاع واسع النطاق لمدة ساعة بسبب عطل مرتبط بشركة Fastly السحابية ومقرها الولايات المتحدة.
وأثرت المشكلة على العديد من المواقع عالية الحركة بما في ذلك Reddit وAmazon وCNN وPayPal وSpotify وAl Jazeera Media Network وNew York Times مع فترات انقطاع تتراوح من بضع دقائق إلى حوالي ساعة.
وفي الشهر ذاته، تعطلت المواقع الإلكترونية لعشرات المؤسسات المالية وشركات الطيران في أستراليا والولايات المتحدة لفترة وجيزة بسبب خلل يتعلق بالخادم في مزود شبكة توصيل المحتوى Akamai. ووفقا للشركة، فإن سبب المشكلة هو وجود خلل في برنامجها.
وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، توقفت منصات التواصل الاجتماعي المملوكة لشركة Meta وهي Facebook وWhatsApp وInstagram لمدة ست ساعات حيث أبلغ 10.6 مليون مستخدم عن مشكلات في جميع أنحاء العالم. وقالت الشركة إن الانقطاع كان بسبب تغيير خاطئ في التكوين.
وخلال يوم الانقطاع، انخفضت أسهم الشركة بنسبة 5% تقريبًا وانخفضت ثروة الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرغ بأكثر من 6 مليارات دولار. وفقًا لتقرير صادر عن Fortune and Snopes، خسرت شركة فيسبوك ما لا يقل عن 60 مليون دولار من عائدات الإعلانات.
كما عانت منصة التواصل الاجتماعي تويتر (إكس) من انقطاع كبير في 28 ديسمبر/كانون الأول 2022، مما ترك عشرات الآلاف من المستخدمين على مستوى العالم غير قادرين على الوصول إلى منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة أو استخدام ميزاتها الرئيسية لعدة ساعات قبل أن يبدو أن الخدمات قد عادت عبر الإنترنت.
الحالات الأقدم
أما حالات التعطل التقني المبكرة فلم تكن متكررة كثيرا مقارنة بالسنوات الأخيرة حيث بات العالم على نحو متزايد مترابطا في شبكاته المعلوماتية والحاسوبية.
واستعرض تقرير لموقع "راي جن" (raygun) أبرز الحالات المبكرة، وذكر أنه في عام 1988 حدثت واحدة من أغلى الأخطاء البرمجية على الإطلاق وكان سببها روبرت تابان موريس، طالب بجامعة كورنيل، الذي قام بإنشاء "دودة حاسوب" كجزء من تجربة انتهت بالانتشار كالنار في الهشيم.
وطالت الخسائر عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر بسبب خطأ في الترميز. وكانت جميع أجهزة الكمبيوتر متصلة من خلال نسخة مبكرة جدًا من الإنترنت، مما جعل "دودة موريس" أول فيروس كمبيوتر معدي.
وتم في النهاية اتهام طالب الدراسات العليا وإدانته بالقرصنة الإجرامية وفرضت عليه غرامة قدرها 10000 دولار، على الرغم من أن تكلفة الفوضى التي أحدثها قدرت بنحو 10 ملايين دولار.
ومع ذلك، فقد غفر التاريخ لموريس، حيث يُنسب الفضل للحادثة الآن على نطاق واسع في الكشف عن ثغرة أمنية وتحسين الأمن الرقمي. وفي هذه الأيام، يعمل موريس أستاذًا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وقد تم الاحتفاظ بالرمز المصدري للدودة كقطعة متحف على قرص مدمج في جامعة بوسطن.
أما خلل Pentium التابع لشركة إنتل فهو يعد حالة غريبة لمشكلة بسيطة تفاقمت بسبب "هستيريا جماعية" بحسب تقرير الموقع. وفي عام 1994 اكتشف توماس نيسيلي، أستاذ الرياضيات، عيبًا في معالج Pentium وأبلغ شركة Intel عنه. وكان ردهم هو تقديم شريحة بديلة لأي شخص يمكنه إثبات تأثره بها.
كان الخطأ الأصلي بسيطًا نسبيًا، وفي الواقع، فإن احتمال حدوث خطأ في التقدير كان 1 في 360 مليار فقط. لكن على الرغم من أن التأثيرات الفعلية لخطأ البرنامج كانت ضئيلة، إلا أنه عندما وصلت تفاصيل الخطأ إلى الصحافة الدولية، طلب الملايين من الأشخاص شريحة جديدة، مما كلف إنتل ما يزيد على 475 مليون دولار.
وفي عام 2008، تكبد مطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن خسائر تزيد على 16 مليون جنيه استرليني عندما تم إلغاء رحلات وضياع أمتعة الركاب الخاصة بآلاف المسافرين.
فعندما تم افتتاح المبنى رقم 5 في مطار هيثرو في مارس/آذار 2008، كان قد تم وضع نظام جديد للتعامل مع الأمتعة، الذي كان أداؤه جيدًا في الاختبارات التجريبية، لكنه فشل في الحياة الواقعية. وقد تسبب هذا في اضطرابات هائلة مثل خلل في أحزمة الأمتعة وفقدان آلاف العناصر أو إرسالها إلى وجهات خاطئة.
وكشفت الخطوط الجوية البريطانية أيضًا أن مشاكل الشبكة اللاسلكية تسببت في مشاكل إضافية في المطار. وخلال الأيام العشرة التالية، فُقد حوالي 42 ألف حقيبة وألغيت أكثر من 500 رحلة جوية، بتكلفة تزيد على 16 مليون جنيه استرليني.