تاريخ المنطقة جرب التنافس والمسارات السياسة ذات التشدد، الذي وصل في بعض درجاته إلى مرحلة التطرف.
وقّعت دولة الإمارات العربية المتحدة معاهدة سلام مع إسرائيل، وتأتي هذه المعاهدة التاريخية بعد عدد من المعاهدات العربية مع إسرائيل، من بينها أيضا منظمة التحرير الفلسطينية، وهذه المعاهدة تقدم الأجوبة المهمة حول السياسات والمصالح الاستراتيجية وتضعها في مسارها الصحيح دون مبالغة أو إجحاف في حقها، اليوم فرضت التحولات الدولية على الجميع ودون استثناء ضرورة التنبه إلى تلك التحولات لفهم مسارها الصحيح، ولم تعد المنطقة العربية بشكل خاص قابلة أو مجبرةً على تكرار ذات الأسباب وذات النتائج عند اتخاذ القرارات المصيرية.
عملية السلام هي عملية سياسية تؤدي دوراً استراتيجيا للدول التي تسعى إليها، كما أن السلام يشكل صناعة للإطار الصحيح للحالة السياسية والذي يجب أن تطوّق به المنطقة العربية والخليجية من اليوم فصاعداً، فتاريخ المنطقة جرب التنافس والمسارات السياسة ذات التشدد، الذي وصل في بعض درجاته إلى مرحلة التطرف، لذلك فإن تجربة السلام هي تفكير جديد يعقب تجربة التنافس والحروب التي سادت المنطقة بموضوعها الرئيس - القضية الفلسطينية – وغيرها من القضايا.
ومع أنه طرحت الكثير من المجادلات حول تأثير السلام على قضايا المنطقة، ومنها ما ادعى أن صناعة السلام سوف تضعف الولاء للقضية الفلسطينية على وجه التحديد، وهذا النمط من التفكير يفتقر للأدلة، فلو استعرضنا الكيفية التي ساهمت بها مصر في تجنب الكثير من الأزمات للقضية الفلسطينية، لأمكن استشعار أهمية معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فكانت معاهدة السلام بابا رئيسيا من أبواب المعالجات السريعة والفاعلة للقضايا التي كانت تعترض مسار القضية الفلسطينية.
بالنظر إلى المنطقة العربية وخاصة بوجود التهديد الإيراني تتغير المفاهيم وتصبح المصالح الاستراتيجية في المقدمة، فإيران خطر على الجميع وتهديدها يطال الجميع دون استثناء، كما أن الأزمات العربية في كثير من الدول تستوجب تفكيراً مختلفا ونظرة فاحصة لكيفية قراءة الأزمات، ولأن المنطقة لم تعد تحتمل حروبا، ولم تعد تحتمل مزيدا من الهشاشة في بنائها السياسي، فإنه يصبح لازاما على الدول أن تكون أكثر جرأة في تغيير نمط التفكير السياسي، من خلال رؤية شمولية للمنطقة لا تستثني دولة بعينها، فالتهديد للمنطقة لن يتوقف دون أن ترسم سياسة السلام حدود المنطقة العربية والخليجية على وجه الدقة .
السلام الذي تم توقيعه بين الإمارات وإسرائيل يأتي في إطار تبادلي من حيث الجوانب الاقتصادية والتعاون المثمر في جوانب تقنية وسياحية وغيرها من الجوانب المهمة للدولتين، وهذا إطار طبيعي للعلاقات، ومما لفت الأنظار ورسخ الثقة بهذه المعاهدة تأكيدات المسؤولين في دولة الإمارات العربية المتحدة بالتزامها استثمار مسارات السلام مع إسرائيل، لتؤكد على أن الحقوق الفلسطينية لم تتغير، بل سوف يتم ترسيخها عبر هذه المعاهدة لصالح القضية وحل الدولتين، وإيجاد مسار أوسع وأكبر للسلام في هذه القضية التي أنهكت المنطقة بأكملها شعوباً ودولا دون إستثناء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة