في خضم النزاعات السياسية والتباينات في المواقف فإنّ الإمارات اعتادت على تحييد كل شيء عندما يتعلق الأمر في كونه إنسانياً.
انتقد كيفما تشاء وتحفّظ على ما تريد، ولكن ليس من الحكمة نسيان المعروف والفضل الذي أسداه أهل الخير حين أغلقت الدنيا أبوابها بوجهك، فالقاعدة الرئيسة التي يبنى عليها العمل السياسي والدبلوماسي، بل وحتى المحور الصحيح للعلاقات الإنسانية وليس بين الدول والسياسات فحسب وإنما حتى بين الأفراد؛ هي أن خلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية، فكيف له أن يفسد الود وشراكة الدم والنسب؟، مما يجعلنا وجهاً لوجه أمام حقيقة مفادها أنّ البعض لا يراهن إلا على الأوراق السياسية وليته يجيد اللعب بها أصلاً، وإنما هو يحسب نفسه قد وجد ورقة سياسية دون أنْ يدرك بأن هذه الاستراتيجية إنما هي حالة نكران مدفوعة الثمن ولكنه للأسف ثمن بخس.
هذا ما ينطبق اليوم على حال البعض تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة التي ما ادّخرت جهداً لمساعدة الناس، ليس القريبين منها فحسب، بل وصل خيرها أصقاع الأرض، على شكل مساعدات إنسانية وإغاثية وجمعيات خيرية، عدا عن الجسور الجوية في حالات الطوارئ والكوارث، ودون أدنى تمييز في العرق والدين والقومية، وإنما الدافع الأوحد هو الإنسانية وزرع الخير في كل مكانٍ، ومن يريد التَّحقق من ذلك عليه مراجعة منظمتي الأغذية والصحة العالميتين والاطلاع على حجم التبرعات التي زوّدت بها دار زايد الخير هاتين المنظمتين لمساندة البشرية في محنٍ كثيرةٍ؛ من أفريقيا إلى آسيا وليس انتهاءً ببعض الدول الأوروبية وغيرها.
حتى في خضم النزاعات السياسية والتباينات في المواقف فإنّ الإمارات اعتادت على تحييد كل شيء عندما يتعلق الأمر في كونه إنسانياً، فعلى سبيل المثال وعلى الرغم من الموقف السياسي الإماراتي المعروف فيما يتعلق باختلاف الرؤى ووجهات النظر مع الحكومة السورية ولكن عندما اجتاح سوريا وباء كورونا بادرت الإمارات بالاتصال مع دمشق وسعت لمواجهة الكارثة، وغيرها الكثير من الدول العربية الشقيقة وعلى رأسها "فلسطين" التي لم تبخل عليها الإمارات ولم تتوانَ لحظةً في تقديم الدعم المادي والمعنوي نصرة للفلسطينيين وقضيتهم العادلة وحقهم المشروع، في أن تكون لهم دولتهم العربية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وغيرها الكثير، فأينما صرخ العربي والإنسان عموماً وجدتَ الإمارات مادّةً يدها له بالخير مغدقةً عليه معوّضةً إياه عما أصابه.
سنواتٌ طويلةٌ مضت وسياسة الإمارات بمدّ يد العون لم تتغير، بل لطالما كانت تطول وتطول لتبلغ المحتاج أياً كان وأينما وُجِد، بل لا غلوّ إنْ قلنا بأنّ هذا الأمر من الإسراع في إيصال المساعدات والمعونات والوقوف موقف الخير والإنسانية مع كل من هو بحاجتها إنما هو قاعدة سياسية وقانون أخلاقي يلتزم به الإماراتيون التزاماً تامّاً، وكأنه نص دستوري محكومون به لشدة أصالته في الإمارات قيادةً وشعباً، بعد أنْ أرسى قواعده مؤسس الدولة وباني نهضتها المغفور له بإذن الله الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان" رحمه الله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة