فشل القوميون والإخوان في محاربة إسرائيل، وفشلوا أيضا في عرض القضية الفلسطينية والحصول على التعاطف الدولي اللازم لقيام دولة فلسطين.
طوال سبعين عاما، وللأجيال التي شهدت حرب العام 1948، بين الجيوش العربية وإسرائيل، وكذلك حرب العام 1967، ولحين دخول الخميني على الخط، في العام 1979، ثم انضمام أردوغان لذات الجوقة، فإن الجهلة جميعا، استطاعوا خلق "إسرائيلوفوبيا"، ليس في عقول وعيون المجتمع الدولي، ولكن في قلوب العرب والمسلمين فقط.
فشل القوميون والإخوان في محاربة إسرائيل، وفشلوا أيضا في عرض القضية الفلسطينية والحصول على التعاطف الدولي اللازم لقيام دولة فلسطين، وفشلوا أيضا في توحيد وجهة النظر العربية تجاه فلسطين، من خلال تخوين الدول والشعوب العربية ومهاجمتهم في كل شاردة وواردة، ولكن القوميين والإخوان، وخلال سبعين عاما، نجحوا في شيء واحد فقط، هو تصوير إسرائيل بأنها "بعبع" كبير، وأنه لا مجال لمواجهتها، حربا أو سلما.
"إسرائيلوفوبيا" الموجهة بطريقة خاطئة، وللفئات الخطأ، والتي تم تصنيعها بمعامل الإخوان والقوميين، ثم تولت طهران وأنقرة والدوحة الترويج لها على يد الجماعات الإرهابية كحزب الله وحماس والحوثية وداعش وغيرها، ولّدت لدى الشباب العربي الشعور بالضعف والخذلان، على كافة الأصعدة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية، ولم يبق لديهم سوى تلك الخطب الرنانة، التي يلقيها أردوغان تارة والملالي وحسن نصرالله واسماعيل هنية تارة أخرى، وبعض النصوص التي فقدت قدسيتها، بسبب عصرها ملايين المرات.
فالقوميون والإخوان، لم يتركوا الرئيس المصري الراحل، محمد أنور السادات، يحوّل الهزيمة إلى نصر، كما فعلت اليابان، بعد أغسطس 1945، في الحرب العالمية الثانية، حين ألقت أمريكا قنبلتي هيروشيما وناجازاكي وحسمت الحرب، فتيقن الإمبراطور الياباني "هيرو هيتو" وقتها إلى أن البكاء والمظلوميات لن يعيدا لليابان عزتها وقوتها، وأن السلام مع المنتصر آنذاك، هو السبيل الوحيد لتستعيد اليابان عافيتها، فاغتالوا السادات وطعنوا في اتفاقية السلام مع إسرائيل، وما زالوا ينفخون في "البعبع" لقهر الشباب العربي.
الجيل الإبراهيمي، الذي يولد اليوم، لن يستوعب الـ "إسرائيلوفوبيا"، حيث يولد هؤلاء، في ظل قيادات واقعية، تفهمت ما يحدث في العالم، وعرفت أن السلام هو الطريق القويم، وأن الحق هو منافسة إسرائيل وليس شتمها، قيادات واعية متفهمة تمكنت من تجفيف منابع الإرهاب وتحجيم الجماعات الإرهابية، والدفع بالشباب نحو العلم والثقافة والمعرفة، وترك الخرافات والأساطير وحكايات التاريخ التي لا تقدم ولا تؤخر، وسيولد الجيل الإبراهيمي اليوم، وهو يرى إسرائيل دولة عادية، مثلها مثل أي دولة أخرى في العالم.
يجب أن يولد "الجيل الإبراهيمي" وهم يؤمنون أن "الإرهاب لا دين له"، وأن "الدين الحقيقي يعني السلام"، وأن "الثقافة الصحيحة غير المزورة هي ثقافة قبول وتقبل الآخر"، وأن "النجاح يكمن في العلم والمنافسة وليس في أساطير التاريخ"، وأن "الشجاعة هي التسامح" وليس في الغلبة أو الثرثرة، وأن "إسرائيلوفوبيا" لا وجود لها على الإطلاق.
يحتاج الجيل الإبراهيمي الذي يولد اليوم، إلى المناهج التعليمية التي تؤسس في أعماقه المفاهيم والقيم السامية المعتدلة، وسيحتاج إلى الأسرة التي ترعاه على المحبة وتبعد عنه الضغينة والحقد والتطرف في كراهية الآخرين، ويحتاج إلى مجتمعات ودول وأقاليم تقودها قوى الخير والسلام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة