السلام بين الدول والحوار السياسي والتفاوض، هي دبلوماسية تؤكد نجاحها في كثير من القضايا التي مرت على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
دعونا نفكر قليلاً بالطريقة ذاتها التي يفكر بها أشهر عظماء السياسة الذين اتصفوا بالحكمة والجرأة في آن واحد بشأن التعامل الذكي مع الدول، ولنبدأ على سبيل العشوائية لا على درجة العظمة والصلاح بونستون تشرتشل الذي تسجل له مقولته الشهيرة: "في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم.. هناك مصالح دائمة"، بينما كانت قناعة نابليون بونابرت في أنه في السياسة لا تشكل الأمور غير المنطقية عقبة، وهكذا يسير السلوك السياسي ليثبت أن مواقف الدول تتبدل مع تبدل جل الظروف، لتميل إلى مد يد الصداقة وإرساء السلام وتقليل استخدام التعنت الذي لا يؤدي إلا إلى مزيد من الضياع والعنف و يخلف هدراً في الأرواح والثروات والممتلكات والقوة العسكرية التي لم تعد أداة رئيسية في التفاهم بين القوى، بل هي جدار ردع وحماية تقف كترسانة خلف القوة الناعمة.
السلام بين الدول والحوار السياسي والتفاوض، هي دبلوماسية تؤكد نجاحها في كثير من القضايا التي مرت على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بطبيعتها المعقدة نتيجة الحروب والنزاعات، وهي دبلوماسية لطالما تمسكت بها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تؤمن أن الأمن والاستقرار أقصر طريق لتحقيقهما هو مد جسور التواصل بين أطراف النزاع للوصول إلى حلول بعيداً عن الحرب، ويوازيها مسار القوة في دحض الإرهاب وأذنابه، ومن ذلك أن انخرطت الإمارات في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وساهمت في حملة القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، وتحالف دعم الشرعية في اليمن.. لتأتي أخيراً بموقفها الشجاع والصريح في معاهدة السلام مع إسرائيل.
المزايدون على القضية الفلسطينية رأوا في هذا الموقف تخل عن المبادئ، إلا أن لدولة الإمارات رأي آخر لا يبصره إلا الحكماء من ذوي النظرة الاستشرافية العميقة لمآل الأمور في المنطقة، فمن حيث المبدأ الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها وحتى الآن، وستبقى في المستقبل، متمسكة على الدوام بدعم قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو / حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ودعمت كل الجهود العاملة على تحقيق هذا الهدف المتوافق عليه عربياً ودولياً، وقدمت الدعم للشعب الفلسطيني وقضيته في مختلف المراحل والظروف وفي كل المجالات، وهذا ما أكده معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في رده على وزير الخارجية الفلسطيني في الاجتماع الوزاري العربي.
لا شك أننا نعيش لحظات مفصلية يتحول فيها الشرق الأوسط إلى نموذج جديد تمهد له الطريق بفضل الشجاعة السياسية التي أبداها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مما جعل مملكة البحرين تنضم إلى الركب وتكون طرفا في التوقيع التاريخي بالبيت الأبيض، وقد تتبعها دول عربية في أفريقيا تحديداً في القريب العاجل.
وحتى ذاك الحين تبقى الكرة متدحرجة تحت قدمي طرفين رئيسيين وهما إسرائيل التي عليها إبراز ما تنوي تقديمه من خير للعرب، والطرف الفلسطيني الذي لا تزال سلطته المترهلة تعيش تحت أوهام بمطالبات لم تترك للحل الوسط مكاناً، ولربما هي بحاجة إلى دماء أكثر شباباً وانفتاحاً تستوعب فكرة "السلام من أجل السلام".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة