صفقة أسرى مالي تحرج موريتانيا بإطلاق "ولد حمود"
وضعت صفقة تبادل الأسرى بين حكومة مالي والجماعات الإرهابية بالشمال موريتانيا في ورطة، لاستفادة أحد الإرهابيين المطلوبين لها من حريته
وضعت صفقة تبادل الأسرى بين حكومة مالي والجماعات الإرهابية بالشمال، موريتانيا في ورطة لاستفادة أحد الإرهابيين المطلوبين لها من حريته في هذه الصفقة.
وأفرجت السلطات المالية، الجمعة، عن الإرهابي الموريتاني المطلوب الشيخ إبراهيم ولد حمود ضمن العشرات من عناصر الجماعات الإرهابية، مقابل تحرير زعيم المعارضة في مالي سومايلا سيسي، والرهينة الفرنسية صوفي بترونين، وإيطاليين اثنين، كانت تحتجزهم هذه الجماعات.
- موريتانيا.. بوصلة التحرك الدولي ضد الإرهاب بالساحل الأفريقي
- "الفطور مقابل الانتساب".. فضيحة جديدة لـ"إخوان موريتانيا"
وولد حمود هو ناشط إرهابي موريتاني تمت إدانته سنة 2009، من قبل القضاء الموريتاني وحكم عليه بالسجن 8 سنوات نافذة بسبب المشاركة في عمليات إرهابية، قبل الإفراج عنه سنة 2010 من سجون موريتانيا رفقة 30 من زملائه، ضمن نتائج حوار أجرته السلطات حينها مع بعض العناصر الإرهابية بالسجن.
لكن ولد حمود كان العنصر الوحيد من بين تلك الدفعة المفرج عنها الذي قرر العودة إلى قواعده الإرهابية في الشمال المالي، والنكوص عن المراجعات التي تم بموجبها الإفراج عنه هو وزملاؤه، ليلتحق بعد ذلك بجماعة "أنصار الدين" بإقليم أزواد المالي ويستأنف من هناك نشاطه المسلح ضد موريتانيا.
وأوقفت وحدة من القوات الفرنسية في مالي "برخان" ولد حمود بداية 2019 خلال عملية نفذتها شمال مدينة "تمبكتو"، وتم تسليمه للقوات المالية.
صفقة تبادل مع إرهابيين
وبلغ عدد من أفرج عنهم في صفقة الإفراج عن زعيم المعارضة في مالي والرهينة الفرنسية 182 سجينا، وفق مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية".
وبهذا تم الإفراج عن المعارض المالي سومايلا سيسي وموظفة الإغاثة الفرنسية صوفي بترونين، بعد بقائهما فترة طويلة في قبضة المسلحين.
أكثر من 6 أشهر في الأسر قضاها المعارض المالي و4 سنوات قضتها بترونين رفقة المسلحين في شمال مالي، وأفرج عنهم، الخميس، في "تيساليت" بمنطقة كيدال شمال مالي.
وتم احتجاز سوميلا وبترونين من قبل جماعة تسمى "نصرة الإسلام والمسلمين"، موالية لتنظيم القاعدة، ويقودها المالي "إياد أغ غالي"، وهو زعيم سابق للمتمردين الطوارق في التسعينيات، قبل أن يتحول إلى الجماعات المسلحة.
وكان الإفراج عن السياسي المالي وموظفة الإغاثة الإنسانية الفرنسية متوقعا منذ عدة أيام، بعد اتفاق تم التوصل إليه قبل عدة أسابيع بين السلطات المالية وإرهابيي جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين".
بوصلة تحرك دولي ضد الإرهاب
كانت العاصمة الموريتانية نواكشوط، خلال الأسبوع المنصرم، محط زيارات متزامنة لمسؤولين دوليين جعلت من البلد الأفريقي محورا تتقاطع فيه جهود مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، وغرفة عمليات تنسيق الحرب على هذه الآفة.
وزير الدولة السعودي للشؤون الأفريقية أحمد بن عبدالعزيز قطان بدأ، الخميس، زيارة إلى موريتانيا، بحث خلالها مع الرئيس محمد ولد الغزواني دعم المملكة لمساندة مجموعة بلدان الساحل الخمس لمحاربة الإرهاب.
وقبل ذلك، التقى ولد الغزواني المبعوث الفرنسي الخاص إلى منطقة الساحل "فريدريك بونتمر"، والأخير يتولى أيضا مهمة الأمين العام لتحالف الساحل، الذي يضم مجموعة دولية على أساس مقاربة متعددة لحل قضايا المنطقة.
ونقلت الوكالة الرسمية للأنباء في نواكشوط عن المبعوث الفرنسي قوله: "إن الزيارة جاءت بصفة موريتانيا رئيسا دوريا لمجموعة الخمس في الساحل الأفريقي، ولأنها تحتضن مقر الأمانة الدائمة لهذه المجموعة".
وأضاف أن لقاءاته في موريتانيا مكنته من "استعراض الوضع الإقليمي وبرنامج عمل مجموعة الساحل والتحديات التي تواجهها".
وعبر المسؤول الفرنسي عن "الارتياح" لما وصفه بـ"مستوى التعاون المتميز بين باريس ونواكشوط من جهة، وكذلك بين فرنسا ومجموعة دول الساحل الخمس من جهة أخرى".
انتقال الإرهابيين
وحل بنواكشوط، لنفس الهدف، كريستوفر هاميش، المنسق المساعد لمحاربة التطرف العنيف بالخارجية الأمريكية الذي ناقش "القضايا الملحة المتعلقة بمكافحة الإرهاب"، حسب بيان للوزارة.
كما شملت محادثات المسؤول الأمريكي، حسب نفس البيان، مشكلة انتقال الإرهابيين الأجانب إلى مناطق في غرب أفريقيا، والدور الذي تلعبه الحكومات والمجتمع المدني بالمنطقة لمكافحة الإرهاب.
وبحسب الوكالة الرسمية الموريتانية للأنباء، فإن لقاءات المسؤول الأمريكي بوزراء الدفاع والداخلية والخارجية بموريتانيا، تركزت حول "القضايا ذات الاهتمام المشترك، والسبل الكفيلة بتوحيد الجهود الإقليمية والدولية لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الساحل".
التزام واشنطن
ومطلع سبتمبر/أيلول الماضي، استقبلت موريتانيا "بيتر فام" المبعوث الأمريكي الخاص إلى منطقة الساحل، في مستهل جولة له ببلدان المنطقة، بحث سبل عودة الاستقرار في مالي، والتحديات الأمنية بالمنطقة.
وشدد فام، في تصريحات للوكالة الموريتانية، أعقبت لقاءه مع الرئيس ولد الغزواني، على منع ما وصفها بـ"التداعيات التي قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في مناطق أخرى من غرب أفريقيا".
واعتبر أن "الهدف من الجهود الدبلوماسية الأمريكية في منطقة الساحل هو مساعدة حكومات غرب أفريقيا على التعامل مع انعدام الأمن، واحتواء انتشار العنف وتحقيق الاستقرار في المنطقة".
وأشار "فام" إلى مهمته كأول مبعوث أمريكي لمنطقة الساحل، ما يعكس التزام واشنطن تجاه المنطقة، من أجل تحقيق أهداف من بينها تحسين التنسيق مع الشركاء الدوليين والإقليميين والمنظمات الدولية.
وترأست موريتانيا الدورة الحالية لتجمع بلدان الساحل الأفريقي الخمسة، التي تضم إلى جانبها كل من مالي والتشاد والنيجر وبوركينا فاسو.
وتم إنشاء التجمع الإقليمي الذي يستهدف التنسيق المشترك حول قضايا الإرهاب والأمن، في 2014، بمبادرة من رؤساء بلدان المنطقة التي تواجه تحديات أمنية وتنموية مشتركة.