تمدد الإرهاب في مالي.. الأسباب والتداعيات
تشهد منطقة شمال مالي صراعا محتدما بين تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين وحركة "إنقاذ أزواد" المدعومة من الجيش.
وبحسب مصادر محلية فإن الصراع الذي تشهده منطقة تلاتايت بولاية غاوا يهدف إلى السيطرة عليها لعدة أسباب؛ في مقدمتها قربها من الطرق المؤدية لحدود النيجر وبوركينا فاسو، مما يسهل التمدد الإقليمي وتهريب العناصر والأسلحة والأموال والتجارة غير المشروعة.
وتقول المصادر ذاتها إنه بينما يركز داعش على استهداف السكان المحليين، تركز جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة على قوات الجيش المالي، لتسويق نفسها على أنها تواجه قوات أجنبية، وتكسب بيئة حاضنة لها من السكان المحليين.
ولكن تنامي هجمات داعش، فتحت باب التساؤلات عن الأسباب التي أدت لذلك وهل من بينها تراجع نشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي؟.
وبعد معارك ضارية الأسبوع الماضي، سيطرت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة للقاعدة على الجزء الجنوبي من تلاتايت، فيما سيطر "داعش" على المنطقة الشرقية، بينما كانت حركة "إنقاذ أزواد" هي الخاسر الأكبر في تلك المعركة.
هجمات داعشية متزايدة
ومنذ مطلع العام الجاري، كثف تنظيم داعش الإرهابي هجماته في مالي، مما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص، وفقا لمركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن.
ويرى مراقبون أن نشاط تنظيم داعش الإرهابي وصل حدا غير مسبوق، إذ نفذ في شهر يوليو/تموز الماضي هجوما على مقر المجلس العسكري الحاكم في مالي.
وفي 22 يوليو/تموز الماضي، أعلن الجيش المالي صد هجوم إرهابي نفذه مسلحون بسيارات مفخخة استهدفت قاعدة "كاتي" العسكرية التي يقيم فيها الحاكم العسكري الانتقالي آسيمي جويتا والتي تبعد عن باماكو بنحو 15 كيلو مترا.
تأثير الانسحاب الفرنسي
ويربط محللون بين تزايد نشاط داعش وانسحاب القوات الفرنسية من مالي بعد وجود دام 9 سنوات في إطار عملية "برخان".
وفي أغسطس/آب الماضي، خرج آخر جندي فرنسي من البلد الأفريقي الذي يعاني من صراعات مسلحة مع الجماعات الإرهابية.
وتدهورت العلاقات بين باريس وباماكو منذ تراجع المجلس العسكري الذي وصل للحكم في أعقاب انقلابين عسكريين عن اتفاق لتنظيم الانتخابات في فبراير/شباط الماضي ورغبته في الاحتفاظ بالسلطة حتى عام 2025.
وعقب انسحاب الجيش الفرنسي، استهدف تنظيم القاعدة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام (مينوسما)، حيث شن 50 هجوما على البعثة خلفت 20 قتيلا.
ويمكن القول إن الانسحاب الفرنسي سيوفر منطقة يمكن أن تتحرك فيها القاعدة وتنظيم داعش في مالي، دون أن يخشى الإرهابيون الضربات الجوية الفرنسية.
ولا يمكن تقييم أسباب تزايد نشاط تنظيم داعش الإرهابي بمعزل عما يحدث في دول الجوار، فدحر العناصر الإرهابية في ليبيا وتشديد الجزائر وتونس إجراءاتهما الأمنية على الحدود أدى إلى انحسار نشاط الجماعات الإرهابية في منطقة شمال مالي، ولو مؤقتا.
وكذلك الأمر بالنسبة للدول الأفريقية في المنطقة، ففرنسا رغم انسحابها من مالي، إلا أنها ما زالت تحتفظ بموضع قدم في الساحل الأفريقي، عبر قواعد في النيجر، وعلاقات قوية مع السلطات في بوركينا فاسو.
ويرى محللون أن النشاط الحالي لتنظيم داعش يأتي في إطار تبادل للأدوار بين التنظيمات الإرهابية، وهو أمر كثيرا ما تفعله تلك التنظيمات لتحقيق أهداف خاصة بها.
ولعل من العوامل المساعدة لنشاط داعش والقاعدة في مالي هو نجاحهما في استغلال النزاعات المحلية والمظالم وتحفيز حركات التمرد الشعبي، في المناطق التي تعاني من الصراعات، وهو ما يرجح تصاعد العمليات الإرهابية في مالي.
ويستغل تنظيما داعش والقاعدة غياب الأمن في الدول الأفريقية، وذلك نظرا لحالة الصراع المستمر الذي تشهده هذه الدول منذ سنين طويلة، لبسط نفوذهما في هذه المناطق.
aXA6IDMuMTQuMjUwLjE4NyA= جزيرة ام اند امز