في قلب الصحراء الإماراتية، تُكتب قصة نجاح زراعي فريدة "مزرعة القمح في مليحة" بالشارقة أصبحت نموذجًا رائدًا للأمن الغذائي، تترجم رؤية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي إلى واقع ملموس بمنتجات عضوية عالية الجودة.
تحت شعار "اصنع في الإمارات" تُمثل مزرعة القمح في مليحة نقلة نوعية في القطاع الزراعي الإماراتي، حيث نجحت في تحدي الظروف المناخية القاسية بإنتاج قمح عضوي يحمل أعلى معايير الجودة العالمية، هذا المشروع الوطني الذي كان فكرة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي شخصيًا، يضع الإمارات على خريطة الدول المنتجة للقمح العضوي.
باستخدام تقنيات الزراعة الذكية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، استطاع الفريق الزراعي تحقيق إنتاجية قياسية بلغت 19.3% من البروتين في القمح المنتج، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم تطوير نظام ري مبتكر لخفض استهلاك المياه بنسبة 30%، مع الحفاظ على جودة المحصول.
المزرعة التي بدأت بتجربة مساحة 400 هكتار، توسعت الآن إلى 1900 هكتار، وتضم أكثر من 1450 صنفًا من القمح العضوي ليتكيف مع مناخ الدولة، هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا الدعم الكبير من حكومة الشارقة والجهود البحثية
قصة نجاح وطنية
كشفت رزان فهد الحمادي، مديرة إدارة التنمية الخضراء بدائرة الزراعة والثروة الحيوانية بالشارقة، لـ"العين الإخبارية" أن المشروع بدأ كرؤية لضمان أمن غذائي مستدام.
وأضافت: "كان الهدف توفير منتج صحي خالٍ من الكيماويات، فاخترنا القمح العضوي كأولوية استراتيجية".
حيث نجح الفريق في تحدي الظروف المناخية القاسية باستخدام تقنيات زراعية متطورة، تعتمد المزرعة على منظومة متكاملة تشمل أنظمة ري ذكية تعمل بالاستشعار الحراري، ومختبرات متقدمة لتحسين السلالات النباتية، ونماذج تنبؤ جوي دقيقة، مما ساهم في خفض استهلاك المياه بنسبة 30%.
مزرعة مليحة رائدة في إنتاج الطحين العضوي والمستدام
وتتميز مزرعة مليحة بإنتاجها المتميز للطحين متعدد الاستخدامات والطحين الكامل، حيث بلغ الإنتاج هذا العام حوالي 6000 طن من القمح العضوي عالي الجودة، ويعتمد المشروع على أحدث المختبرات الحيوية المتخصصة في تهجين القمح، والتي تُعد الأولى من نوعها على مستوى الدولة، حيث يتم فيها إجراء الفحوصات اليومية الدقيقة لضمان جودة المنتج قبل طرحه في الأسواق.
ويجري حاليًا العمل على خطة طموحة لتصدير منتج "7 سنابل" الشهير إلى دول الخليج المجاورة،
كما يتبنى المشروع نظام الاقتصاد الدائري الذكي، حيث يتم الاستفادة من جميع منتجات القمح الثانوية مثل القشط والنخالة في تغذية أبقار مزرعة الألبان المجاورة، والتي تنتج بدورها منتجات ألبان عضوية تحتوي على بروتين سهل الهضم، والذي لاقى إقبالاً كبيرًا من المستهلكين.
وتجدر الإشارة إلى أن الأبقار الموجودة في المزرعة تم اختيارها بعناية من موطنها الدنماركي ، حيث من المتوقع أن يصل عددها إلى 8000 رأس بحلول عام 2025، ثم إلى 20000 رأس خلال السنتين التاليتين، مما سيمكن المزرعة من تزويد الأسواق المحلية بمنتجات الألبان الطبيعية والزبدة العضوية، مع الحفاظ على أعلى معايير الجودة والاستدامة البيئية.