خرجتُ من المسجد بعد صلاة الفجر واتجهت لسريري مباشرة، طمعًا في النوم قبل صلاة الجمعة.. لكنني وجدتُ مساحة نقاش في "تويتر" بعنوان "صباحية قانونية".
من عادتي لا تستهويني المساحات، لكن قلتُ فلنجرب.
بدأت الاستماع لعلّي أخرج بفائدة، وفي الوقت نفسه كان لديّ سؤال أردتُ أن أعرف إجابته من شخص قانوني، وبعد دقائق من الاستماع وجدتُ الرجل "مشخصنْها" مع بعض الإعلاميين في البرامج الرياضية جَلدًا وسُخرية من طرحهم وتدخلهم في الشأن القانوني.
للأمانة، احترمتُ دفاعه و"عشقه" للقانون، على حد قوله، ما جعلني أواصل الاستماع وأطلب مداخلة لأسأل، وكنتُ وقتها أدخل في النوم والجوّال يسترخي على صدري، فقبِلَ مشكورًا طلبي بعد ساعة من الحديث وتسويق ذاته، والحضورُ يستمعون لحديث "أحادي" من جانبه.
أخذني النعاس واستيقظتُ على صوت يناديني: "عبد الله! تسمعني؟، عبد الله! تفضل المايك عندك!"، قمتُ فجأة وقلتُ: "جاك الفرج يا أبو أحمد"، وطرحتُ سؤالي بعد تقديم الشكر له على التوضيح والتنوير، الذي يقدمه:
"بعد إيقاف الكابتن محمد كنو.. هل يمكن من باب مصلحة المنتخب ومشاركته في كأس العالم 2022 رفع الإيقاف عنه؟".. قال: "موضوعنا عن حمد الله والاتحاد، لكن سأجيبك"..
ثم أخذ مداخلة ثانية مليئة بالإشادة به، واستغرقتْ أكثر من خمس دقائق تقريبًا، واضطررتُ إلى الانتظار لسماع ردّه، وإذا بصوت "أم أحمد" تناديني لوجبة الإفطار، التي أعدّتها: (قُرص وسمن وعسل).. وإلى جانبها فيتامين السعادة، "طبق تونة"، والحقيقة أنها صنعتْ يومي بهذا الإفطار الشهي.
استمعتُ مضطرًّا لباقي المداخلة وأنا على مائدة الإفطار، ولا يزال صاحبنا يعيد ويزيد في حديثه، مرة ينقطع صوته، وأخرى يبحث عن تغريداتٍ سابقة له يستشهد فيها بصحة توقُّعه لقضيتَيْ "كنو وحمد الله".
انتهيتُ من نصف القُرص ولم يرد على سؤالي، فوضعت همّي في باقي القُرص والتهمتُه رغم حرارته ليمكنني اللحاق بنوم ضئيل قبل صلاة الجمعة، ثم تداخلتُ مرة أخرى وقلتُ: "طرحتُ عليك سؤالا ولم تُجب عنه، وأخشى أن إجابتك فاتت ولم أسمعها بسبب انقطاع الصوت المتكرر عندك"، فقال: "لم يحدث، ولكن الليلة عندنا مساحة ثانية وسوف أجيب عن سؤالك!".
قلتُ: "إذًا اسمح لي بسؤال آخر تعويضًا عنه"، فقال تفضّل.. قلتُ سؤالي بشكل عام بعيدًا عن أسماء الأندية:
"كما تعلم، الأندية لدينا مملوكة للدولة وتُصرف عليها المليارات لترتقي وتنافس، وبعض تلك الأندية لديها منافسات محلية وقارية ودولية، وهي تتحمل أخطاء (أشخاص هواة) يرتكبون أخطاء بدائية -بقصد أو دون قصد- ونجد أن الأندية تتحمّل هذه العقوبات والغرامات، فلماذا لا تكون العقوبة على الأشخاص المتسببين فيها لعدم تعطيل مسيرة الأندية في تحقيق آمال وتطلعات المسؤولين عن الرياضة لدينا؟".
ردّ: تقصد الاتحاد؟.. قلتُ: لا أقصد ناديًا بعينه، فالقضايا الشائكة في أكثر من نادٍ.
قال: "لازم تسمّي نادي بعينه وأنا ما أعرف أجاوب كذا!!".. ثم ارتشف كوب ماء، فارتشفتُ من كوب الحليب، الذي صنعته "أم أحمد"، وهي مستغربة من تأخُّره في الرد، قلتُ لها: "سوّي قرص ثاني، لعلّي أُحسّن صيغة السؤال ويفهمه سعادة المستشار".
وبعد أول لقمة مبلولة في العسل قلتُ له:
"أندية المحترفين يديرها هواةٌ يرتكبون أخطاء تضر بالأندية وتعرقل مسيرتها، ثم يغادرون والأندية تتحمل تبعات تلك الأخطاء، فهناك أندية هبطت للدرجة الأولى بسبب أخطاء إدارية وإساءة لسمعة الكيان، ثم أصبحت علامة فارقة في جبين النادي وجمهوره".
قال: هل قرأتَ لوائح لجنة الاحتراف؟
قلتُ في نفسي: "إيش دخّل؟"..
ثم حاول أن يقرّب لي الصورة، فقال:
"نفترض بيني وبينك مشكلة، أكيد واحد فينا بيروح يشتكي للنيابة العامة لأخذ حقه"، قلت طيب!، ثم دخل في الحق العام، قلتُ طيب!، ثم قال لجنة الاحتراف تحمي حقوق الأندية من هؤلاء الأشخاص..
قلتُ: تشبيهُك خاطئ، لأننا نمثّل أنفسنا، بينما العاملون في الأندية لا يملكون الأندية وليست بشركاتهم، هم مجرد متطوعين يغادرون في أي لحظة، ومن أجل حماية حقوق الأندية كما تقول من المفترض أن تتم معاقبة الأشخاص المتسببين في المشكلات، التي تتضرر منها الأندية، وتنعكس على تطورها وعدم تعطيل مسيرتها بحرمانها من فترات تسجيل أو غيرها من عقوبات.
عاد لقضية "حمد الله" وحامد البلوي ومشعل السعيد..
وأراد أن يتكلم على لساني من خلالها، فقلتُ: "أنت الذي اخترت هذه القضية، فلا تقوّلني ما لم أقلْ"..
استشاط غضبًا وبدأ صوته يعلو ويستشهد بلوائح دوري أندية أوروبا، فقلت: "الأندية الأوروبية تملكها شركات، والتعامل معها على أساس أنها كيانات تجارية، أما أنديتنا فمملوكة للدولة، وهي التي تصرف عليها..
قال: "لا تُزخرف كلامك بمثل هذه العبارات!.. أنا أحترمك وأنت زميل صحافي"..
قلت: "إيش دخّل الاحترام هنا؟! وإنت ليه زعلان ومشخْصن الأمور؟! هل أخطأت بحقك؟"..
عاد من جديد للأشخاص الذين كان ينتقدهم في بداية المساحة، مُحاولا أن يُسقط عليّ ويجعلني منهم!.. تماسكتُ وصبرتُ، وقلتُ بهدوء: "كنتُ أتوقع عندك إجابة"، غضب وظل يصيح وكتم الصوت عني، ثم قفل المساحة وغادر دون وداع الحضور.
لقد حاول أن يعكّر صباحي، لكن كان مفعول "فيتامين السعادة" أكبر من تصرفه، تعوّذت من الشيطان الرجيم ثم غرّدتُ بالصلاة على النبي وأطفأت الجوّال ونمت، وإذا بسؤال يراودني في الحلم:
هل لدينا فعلا أزمة قانونيين؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة