شهدت السينما الإثيوبية تطوراتٍ كبيرةً خلال العقود الماضية، ورغم ذلك ظلت حبيسة الداخل لفترات طويلة.
والسبب في هذا الانكماش المحلي هو أن صناع السينما الإثيوبية لم يهتموا بالترويج لها في وسائل الإعلام العالمية، مع وقوف هاجس اللغة كعائق كبير جدا أمام انتشارها في الخارج.
ورغم قلة مشاركتها دوليا حصدت السينما الإثيوبية العديد من الجوائز في مهرجانات عدة، منها "الأقصر للسينما الأفريقية" و"السينما الأفريقية بخريبكة"، فضلا عن مهرجانات في إيطاليا ودول أوروبية أخرى.
وكانت هنالك مشاركات لبعض الأعمال السينمائية الإثيوبية الكبيرة، مثل فيلم المخرج الإثيوبي هيلي قريما "تيزا "، والذي يتحدث عن التحولات السياسية في إثيوبيا في فترتَيْ السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وكذا فيلم "الخروف" للمخرج الإثيوبي الشاب ياريد زلقي، والذي فاز في مهرجان "خريبكة"، حين كانت السينما الإثيوبية ضيفة شرف المهرجان.
وقد حاولت السينما الإثيوبية خلال مشوارها الطويل أن تقدم ما يجعلها تنافس السينما العالمية داخليا، لكنها واجهت تحدياتٍ أبقتها حبيسة في الإطار المحلي، وهذا يرجع لمنتجها من قضايا شديدة المحلية لعقود من الزمن، إذ كانت الموضوعات الخاصة بالمجتمع الإثيوبي المتعدد بطلا سينمائيا، فتم تقديمها بشكل عاطفي شبابي، فيما كانت هناك أيضا أعمال تناقش قضايا كبرى، لكنها لم تعرف طريقها نحو المهرجانات الدولية.
أما في العصر الحالي فقد بدأت السينما الإثيوبية تغير جلدها وطرحها عبر عرض متنوع من القضايا السياسية، التي تهم شعب إثيوبيا، حتى تلك القضايا التي كانت في السابق لا يمكن عرضها، فظهرت أفلام تروي حكايات من فترات سياسية صراعية في الداخل الإثيوبي، وكان آخرها فيلم "97"، الذي تناول أحداثا سياسية وقعت عام 2005 إبان الانتخابات، التي شهدتها إثيوبيا ودخلت بعدها في صراعات دامية.
ومؤخرا قدم المخرج هبتماو دانجو فيلما يحمل اسما غريبا، وهو "المادة 39"، وهي إحدى مواد الدستور الإثيوبي، وهو فيلم جريء عن الواقع السياسي في البلاد، وقد لاقى قبولا جماهيريا كبيرا.
مع الوقت، بدأت بعض الشركات السينمائية المنتجة في إثيوبيا تدخل في إطار التجريب السينمائي، وذلك باختيار أفكار تلقى قبولا لدى المشاهد والمهتم بالسينما الإثيوبية، لكن بعضها للأسف ضعيف المحتوى.
تظل سينما إثيوبيا بعيدة عن السوق العالمية، وما لم تستخدم عقلية إنتاجية وصناعية منفتحة، مستفيدة من تعددية الداخل الإثيوبي، فلن تروج خارج إطارها، ولعل كثيرًا من المهتمين بالسينما الإثيوبية يحلمون بأن تتجاوز أعمالهم حدودها الجغرافية، ولو إلى دول الجوار، عبر مشروع ترجمة نشط لإنتاجها الضخم، لكن هذا يتطلب جهدا كبيرا من الدولة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة