الإرهابي "حيدر الزمار ".. من معسكرات القاعدة وداعش إلى زنزانة بسوريا
بعد رحلة انتقل خلالها من معسكرات تنظيم القاعدة إلى ساحات قتال داعش انتهى المطاف بالزمار منسيا في سجن بمنطقة نائية في سوريا
بعد رحلة ملحمية انتقل خلالها من معسكرات تنظيم "القاعدة" إلى ساحات القتال التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، انتهى المطاف بالرجل الذي جند خاطفي طائرات هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 منسيا في سجن بمنطقة نائية في سوريا.
وفي مقابلة أجرتها صحيفة "واشنطن بوست" مع محمد حيدر الزمار، اعتبرت أنه ليس هناك ما يوحي بأن الرجل الجائع الأشعث، الذي استسلم لنقطة تفتيش صحراوية نائية تابعة للأكراد الموالين للولايات المتحدة هذا العام لعب دوراً في أحد أكبر الأحداث في التاريخ الأمريكي.
وأشارت إلى أنه "كان يعرج جراء جروح في كلتا ركبتيه، وكانت لحيته شعثاء، حيث كان يفر من تنظيم داعش".
وقالت إنه بعد أن عرّف نفسه وجرى التحقق من هويته حيث تم تأكيد تلك الهوية.. هذا هو محمد حيدر الزمار، الرجل الذي قام بتجنيد الخاطفين الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 2900 شخص ودفعت الولايات المتحدة إلى صراع بلا نهاية.
وفي أول مقابلة له مع مؤسسة إخبارية أمريكية منذ عام 2001، أجريت بحضور الحراس الأكراد الذين يحتجزونه في سجن على مشارف مدينة القامشلي السورية، سرد الزمار تفاصيل رحلته الاستثنائية.
وخلال تلك الرحلة شهد البدايات الأولى لمعسكرات "القاعدة" في أفغانستان ومر بساحات معارك "داعش" في سوريا، وانتهى به المطاف في عملية تسليم يشتبه أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أمرت بها.
وحسب روايته، لعب الزمار دورا هامشيا فقط في الأحداث التي ظهرت على طول الطريق، وكان شخصية هامشية في تاريخ الحركة الإرهابية. ومع ذلك فقد كان حاضراً في العديد من الأحداث الهامة، حيث ظهر في لحظات مهمة ويلتقي بالعديد من اللاعبين الأساسيين.
ووفقا للصحيفة، تُظهر قصته إلى مدى كانت مجموعة المسلحين المتقدمين في السن الآن الذين بلغوا سن الرشد في فلك زعيم التنظيم أسامة بن لادن تدعم التهديد الإرهابي الذي يتطور باستمرار، الذي لا يزال يهدد الولايات المتحدة إلى حد كبير.
وأوضحت أن الزمار، البالغ من العمر 57 عاماً، الذي يحمل الجنسيتين السورية والألمانية، أصبح "ظلا متقلصا لرجل ضخم ذي لحية كثيفة كان يحاضر في وقت ما الشباب المسلم في مسجد القدس في هامبورج".
وقال في المقابلة التي أجراها بحضور اثنين من حراسه إن محتجزيه لا يسمحون للسجناء بأن يطلقوا لحاهم، وإنه يضطر إلى أن يحلقها، لكن شيئا واحدا لم يتغير، يتذكره جيدا محققو هجمات 11 سبتمبر / أيلول 2001 هو أنه ثرثار للغاية، لدرجة أنه لا يمكن الوثوق بما يقوله حول تفاصيل المؤامرة.
وفي الوقت الراهن ما زال يحب التحدث مطولا عن نفسه، وعن دوره في إقناع خاطفي الطائرات في 11 سبتمبر بالسفر إلى أفغانستان لتلقي التدريب العسكري وبشأن بقائمة المظالم التي يقول إن الولايات المتحدة ارتكبتها ضد المسلمين.
انتقلت أسرة الزمار إلى ألمانيا عندما كان في العاشرة من العمر، وحاول في البداية المشاركة في نزاع مسلح في عام 1982 قبل الإبلاغ عنه، ثم سافر إلى الأردن في محاولة لدخول سوريا للانضمام إلى الجناح المسلح لتنظيم الإخوان الإرهابي، الذي انخرط في صراع ضد عائلة الأسد الحاكمة.
ثم أعادته السلطات الأردنية ولكن خلال تلك الرحلة التقى برجل لعب دورا كبيرا في مستقبله، هو محمد البهايا، المعروف باسم أبو خالد السوري، الذي أصبح فيما بعد شخصية رئيسية في الحرب السورية.
وأكدت صحيفة "واشنطن بوست" أنه " بدعوة من البهايا، قام بأول زيارة له إلى أفغانستان عام 1991، لتلقي التدريب العسكري في أحد المعسكرات التي يديرها، وخلال العقد التالي انتقل الزمار عبر دائرة التنظيمات المسلحة، وسافر بانتظام إلى أفغانستان، وتطوع للعمل لفترة قصيرة مع مسلحي القاعدة في الحرب في البوسنة".
وزار لندن، حيث صادق على الداعية الأردني الفلسطيني أبو قتادة، وهو شخصية بارزة تشتبه الولايات المتحدة بأنه لديه صلات بتنظيم القاعدة.
وتضيف الصحيفة أنه:" في هذه الأثناء، كان الزمار يشكل دائرة من الأتباع في مسجد "القدس" في هامبورج، الذي أصبح نقطة جذب للشباب في المدينة لأفكاره المتطرفة".
وأشار الزمار إلى أنه فشل في التأهل كإمام أو واعظ في المسجد لأنه كان غير قادر على حفظ القرآن، لكنه عقد اجتماعات منتظمة مع مجموعات صغيرة من الرجال الذين كانوا يصلون هناك، سعياً إلى إقناعهم بأن عليهم السفر إلى أفغانستان للتدريب العسكري.
وتذكر العضو الأول الذي التقاه في خلية هامبورج، رمزي بن الشيبة، وهو يمني محتجز الآن في معتقل جوانتانامو للاشتباه في تورطه في مخطط 11 سبتمبر، وبعد ذلك التقى محمد عطا، زعيم الخاطفين، الذي قاد أول طائرتين ضربتا برجي مركز التجارة العالمي.
ثم جاء الآخرون، ومنهم مروان الشحي الذي قاد الطائرة التي ضربت البرج الثاني، وزياد سمير جراح اللبناني الذي قاد الطائرة التي تحطمت في حقل بنسلفانيا بعد أن تغلب الركاب على الخاطفين، و4 آخرين من المجموعة الذين أقنعهم الزمار أيضا بالسفر إلى أفغانستان.
ويبدو أن رحلات واتصالات الزمار أثارت شبهات السلطات الألمانية، التي نبهت وكالة المخابرات المركزية، وبدأت مراقبة تحركاته ومكالماته الهاتفية.
لكنه استمر في السفر على نطاق واسع، وفي أواخر عام 1999، قام الزمار بزيارة أخرى إلى أفغانستان، تزامنت مع زيارة عطا وأعضاء آخرين في خلية هامبورج الذين كانوا يقومون بزيارتهم الأولى إلى البلاد، وحمل معه اقتراح تحطيم الطائرات في المباني الأمريكية، وفقا للمحققين.
وأشار إلى أنه كان في هذه الرحلة، كما يقول، لقاؤه الوحيد مع زعيم "القاعدة" أسامة بن لادن، الذي يتذكره باحترام، وتكهن بأن بن لادن استدعاه للاجتماع بسبب ارتباطه بالرجال الذين تم إعدادهم لهجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وزعم أنه لم يكن له أي اتصال آخر مع بن لادن أو عطا أو غيره، ويقول إنه كان متفاجئا مثل أي شخص عند وقوع الهجمات، قائلا: "الله أعلم، وبكل أمانة، لم أكن أعرف شيئا عن هجمات 11 سبتمبر، لم يخبروني بأي شيء".