اليوم العالمي للمانغروف.. عسل الشجرة يهزم حطبها في مصر
عادة لا تلقى الأهداف البيئية رواجا بين المجتمعات المحلية، التي قد تجد في أخشاب الأشجار استفادة سهلة وسريعة، لكن المانغروف غيّر هذه المعادلة عبر تجربة ناجحة في مصر قدمت العسل وأخمدت الحطب.
والقصة تعود إلى مشروع الإكثار والتوسع في مساحات أشجار المانغروف بساحل البحر الأحمر، الذي تموله أكاديمية البحث العلمي المصرية، بالتعاون مع مركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة، ومحافظة البحر الأحمر وكلية الزراعة جامعة جنوب الوادي بقنا " جنوب مصر"، والذي كانت له رؤية مختلفة لتشجيع المجتمع المحلي على احترام الشجرة لتحقيق أهدافها البيئية.
ونفذ هذا المشروع الذي بدأ في 2017، أول تجربة من نوعها للمشروعات الصغيرة داخل المحميات الطبيعية على ساحل البحر الأحمر، لإنتاج أجود أنواع عسل النحل، اعتمادا على تغذية النحل على أزهار غابات المانغروف، وينفذ القائمون عليه ورش تدريبية لتأهيل الأهالي حول مناطق المحميات الطبيعية على كيفية تربية نحل العسل على غابات المانغروف، تمهيدا لتمليكهم المناحل التي تم انشاؤها.
وأعلنت إدارة المشروع مؤخرا عن النجاحات التي تحققها هذه التجربة، بمناسبة اليوم العالمي لصون غابات المانغروف في 26 يوليو/ تموز، والذي أقره المجلس التنفيذي للمنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في دورته الـ 38 عام 2015.
أفخر أنواع العسل
ويقول الدكتور سيد خليفة، الأستاذ بمركز بحوث الصحراء ونقيب الزراعيين والباحث الرئيسي بالمشروع في تصريحات لـ "العين الإخبارية": " نتوسع سنويا في إنشاء مناحل، تكون نموذجا إرشاديا نستخدمه في رفع وعي المجتمعات المحلية بأهمية غابات المانغروف، والتأكيد على أن لها قيمة اقتصادية أهم من استخدامها كحطب، ويتم تدريبهم على كيفية إدارة هذه المناحل، تمهيدا لتمليكها لهم ".
ويوضح، أن المانغروف أحد المراعي المتميزة لتغذية النحل، لإنتاج أفخر أنواع العسل في العالم والأغلى من ناحية القيمة الغذائية، فضلا عن إنه الأعلى سعرا في الأسواق الدولية.
ويضيف أن إقامة المناحل في هذه الغابات يوفر فرص عمل جديدة وينتج عسل بمواصفات قياسية بعيدا عن الملوثات والمبيدات ويساهم في الحصول على منتجات عالية القيمة مثل حبوب اللقاح وإنتاج الغذاء الملكي وإنتاج الملكات العذارى بأسعاره المتميزة.
200 فدان إضافي
ويأمل خليفة أن يساعد هذا النشاط الاقتصادي في إقناع الأهالي بأهمية الحفاظ على أشجار المانغروف، والتي كانت توجد في 34 موقعا فقط على ساحل البحر الأحمر بإجمالي مساحة 1150 فدانا، ثم أضاف الإكثار والتوسع في مساحات أشجار المانغروف إلى هذه المساحة حوالي 200 فدان.
وأقام المشروع مشتلين في جنوب مدينة سفاجا ومحمية حماطة جنوب مرسى علم بالحر الأحمر، ويتم من خلالهما انتاج 20 ألف شتلة سنويا، تستخدم في زراعة المساحات الجديدة.
وتعد هذه الأشجار أحد أدوات حماية الشواطئ في المناطق التي تشهد ارتفاع منسوب مياه البحر الناتج عن التغيرات المناخية، حيث أنها تقاوم عوامل النحر التي تسبب تآكل الشريط الساحلي، كما أنها تخزن الكربون بنسبة من 3-4 مرات أكثر من الغابات الاستوائية.
تنمية مستدامة
ويقول خليفة: "مشروع مناحل العسل، يساهم في تحقيق التنمية المستدامة التي تضمن حفاظ المجتمعات المحلية على هذه الشجرة الهامة لتحقيق هذه الأهداف البيئية".
ويضيف: "هذه الشجرة إلى جانب فوائدها البيئة والاقتصادية فهي كنز وراثي نباتي هام جدا، حيث أنها تتحمل ملوحة حتى 40 ألف جزء في المليون، ومن ثم يمكن أن تكون مصدرا لجينات نباتية يتم استخدامها في إكساب نباتات أخرى خاصية مقاومة الملوحة".
ومن جانبه يشيد الدكتور محمد زهدي، أستاذ الحشرات الاقتصادية بجامعة بنها المصرية، بمشروع إنتاج عسل النحل على غابات المانغروف، لكنه يشدد في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، على ضرورة وجود مساحات كبيرة من أشجار المانغروف، حتى يستفيد النحل من موسم التزهير في شهر أبريل/ نيسان.
كما يجب أيضا التفكير في الاستفادة من خلايا النحل في غير موسم تزهير أشجار المانغروف، وهو ما يعرف حاليا بـ ( المناحل المتنقلة) لتعظيم الاستفادة من نحل العسل.