قصة صفقة.. مشاجرة مارادونا الملكية تصنع تاريخ نابولي
حكايات انتقال اللاعبين بين الأندية تمتلئ بالعديد من القصص المثيرة، علماً بأن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم.
تعج حكايات صفقات انتقال اللاعبين بين الأندية بالعديد من القصص الغريبة والمثيرة، علماً بأن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم الحديثة.
"العين الرياضية" تستعرض في التقرير التالي، إحدى الصفقات التي صنعت تاريخ نادٍ، وهنا الحديث عن الأسطورة الأرجنتينية دييجو أرماندو مارادونا وانتقاله من برشلونة الإسباني إلى نابولي الإيطالي.
مشاجرة ملكية
منذ رحيل الهولندي يوهان كرويف عن برشلونة في 1978، والنادي الكتالوني يبحث عن لاعب يستطيع تعويضه، حتى استطاع في يونيو/حزيران 1982، الظفر بتوقيع مارادونا من بوكا جونيورز الأرجنتيني مقابل 7.6 مليون دولار، ليصبح حينها أغلى لاعب في العالم.
مارادونا قبل انتقاله لبرشلونة، كان محط أنظار كبرى الأندية الأوروبية، خاصة مع مستواه الرائع في كأس العالم 1982، رغم عدم تتويج بلاده باللقب، لكن اللاعب فضل ارتداء القميص الكتالوني.
حقق مارادونا نجاحات لا بأس بها بعد عام واحد مع البارسا، حيث توج معه بثلاثة ألقاب وهي كأس ملك إسبانيا وكأس الدوري الإسباني والسوبر المحلي، حتى إنه كان أول لاعب من برشلونة تصفق له جماهير "سانتياجو برنابيو" ملعب ريال مدريد، بعد تسجيل اللاعب هدفاً في شباك الملكي خلال الانتصار 2-0، وذلك بعدما تجاوز الحارس أجوستين، ليصبح المرمى خالياً، لكنه بدلاً من التسديد مباشرة، توقف بالكرة منتظراً المدافع خوان خوسيه الذي حاول عرقلة مارادونا، ليقوم الأخير بمرواغته بشكل رائع، ثم سدد الكرة في الشباك.
الموسم الثاني، لم تسير الأمور بالشكل المرجو لمارادونا، حيث تعرض لمرض التهاب الكبد، ثم لعدة إصابات نتيجة عنف لاعبي أندية الليجا معه، ومنها ما قام به أندوني جويكويتشيا لاعب أتلتيك بلباو في مباراة الفريقين بتاريخ سبتمبر/أيلول 1983، من تدخل وصف بالوحشي، تسبب في إصابة دييجو بكسر في الكاحل وسط شكوك عن إمكانية انتهاء مسيرته نهائياً، غير أن الأقدار أنقذت الأخير، وعاد للملاعب بعد 3 أشهر فقط بعد علاج مكثف خضع له.
تلك الأمور جعلت مارادونا يعيش حالة نفسية غير جيدة، حيث بدأ يشعر وأنه أصبح هدفاً للتدخلات العنيفة من قبل لاعبي الفرق المتنافسة في إسبانيا، وهو ما يبدو أنه مهد لأحداث موقعة نهائي كأس الملك الشهيرة بين برشلونة وأتلتيك بلباو في ملعب "سانتياجو برنابيو" بتاريخ 5 مايو/أيار 1984.
المباراة التي أقيمت بحضور 100 ألف متفرج وتحت أنظار الملك الإسباني خوان كارلوس شهدت تدخلات عنيفة للغاية على مارادونا، بعضها من جويكويتشيا الذي كاد ينهي مسيرة النجم الأرجنتيني في لقاء سابق، فضلاً عن بعض الهتافات العنصرية ضده من قبل أنصار بلباو.
ومع انتهاء المواجهة بتتويج بلباو بفوزه 1-0، انفجر مارادونا غاضباً وقام بالتشاجر بالضرب باستخدام الأيدي والأقدام مع بعض لاعبي الفريق الفائز، ليتحول الملعب إلى حالة فوضوية كبيرة، بعدما انخرط في الشجار لاعبي الفريقين، كما دخلت الجماهير على الخط وقامت بإلقاء أشياء صلبة على من في الملعب من لاعبين ومدربين وحتى مصورين صحفيين، ما ترتب عليه في النهاية تعرض 60 شخصاً للإصابة.
الأحداث المؤسفة التي جرت تحت أنظار ملك إسبانيا، جعلت إدارة برشلونة تتخذ قراراً فورياً بأن موقعة بلباو هي الأخيرة لمارادونا مع الفريق الكتالوني، حتى إن أحد مسؤولي في برشلونة بذلك الوقت، قال غاضباً: "عندما رأيت تلك المشاهد التي كان بطلها مارادونا والفوضى التي حدثت، أدركت أننا واللاعب لن نستطيع المضي قدماً معاً".
صناعة تاريخ نابولي
في ذلك الوقت، كان هناك نادٍ في الجنوب الإيطالي، وهو نابولي يبحث عن أيقونة يصنع تاريخه، بعد سنوات طويلة من المعاناة، وفشل في التتويج بلقب الدوري المحلي منذ إنشاء البطولة عام 1898.
وفي موسم 1983-1984، كان نابولي يواجه شبح الهبوط لدوري الدرجة الثانية، لكنه نجا بعدما أنهى الموسم في المركز الـ11 برصيد 26 نقطة بفارق نقطة واحدة عن جنوى الذي هبط، بعدما حل في الترتيب الـ14.
وبناء على ذلك كله، استقرت إدارة نابولي على اتخاذ الخطوة الأهم بتاريخ النادي، إذ إنه فور علمها بوجود مارادونا على لائحة بيع برشلونة بسبب ما حدث في نهائي كأس ملك إسبانيا، قررت الدخول في مفاوضات مكثفة، لشراء من تعتقد أنه الملهم والمنقذ، وبالفعل وبعد عدة مباحثات، نجحت في الحصول على توقيع الموهبة الأرجنتينية مقابل 10.48 مليون دولار، ليحتل مجدداً حينها قائمة أغلى اللاعبين في العالم.
وصل مارادونا إلى مدينة الجنوب الإيطالي، وفي 5 يوليو/ تموز 1984، وأمام 75 ألف متفرج احتشدوا في مدرجات ملعب "سان باولو"، تم تقديم مارادونا كلاعب لنابولي لوسائل الإعلام العالمية.
الاستقبال الأسطوري، جعل بعض الصحف تخرج بعناوين مثل: "مشجعو نابولي باتوا مقتنعين بأن المنقذ قد وصل" و"مارادونا بات أهم من أمور كثيرة في المدينة على رأسهم رئيس البلدية وتوفير المرافق والمدارس" .
وقد كان مارادونا على قدر التوقعات وصنع تاريخ نابولي بالفعل، حيث لعب دوراً رئيسياً في تحقيق النادي للقب الدوري الإيطالي للمرة الأولى في تاريخه، وذلك في موسم 1986-1987، ثم عاد وكرر الأمر بموسم 1989-1990، وهي الأخيرة في مسيرة "البارتينوبي" لغاية الآن.
فضلا عن ذلك، فإن مارادونا جعل نابولي يحقق لقبه القاري الوحيد وهو كأس الاتحاد الأوروبي وذلك موسم 1988-1989، إلى جانب كأس إيطاليا 1986-1987 والسوبر الإيطالي عام 1990.
أصبح مارادونا المعشوق الأول لجماهير نابولي، وبات الرمز الذي لا يمس بالنسبة لهم، خاصة أن نادي الجنوب الإيطالي، هو أكثر فريق سجل معه اللاعب أهدافاً في مسيرته بواقع 115 هدفاً.
النادي الإيطالي كان فأل حسن أيضاً على مارادونا، إذ استطاع اللاعب قيادة منتخب الأرجنتين للفوز بكأس العالم 1986، وذلك للمرة الثانية في تاريخ البلاد.
ومع ذلك، فإن نهاية مارادونا مع نابولي لم تكن بالشكل المثالي، بسبب تصرفات شخصية منفلتة، ثم وقوعه في المحظور، بعدما كشفت عينة اختبار روتيني للمنشطات عقب مباراة للفريق ضد باري في 17 مارس/ آذار 1991، تعاطي اللاعب للكوكايين، ليتم إيقافه عن اللعب لمدة 15 شهراً، ويرحل عن النادي، ليبدأ في 1992، مسيرة من التخبط مع إشبيلية في إسبانيا، ثم العودة إلى بلاده عبر نادي نيولز أولد بويز، والاعتزال النهائي بقميص بوكا جونيورز 1997.
ورغم تلك النهاية، فإن مارادونا لا يزال هو الرمز في نابولي، حتى إن إدارة النادي بعد رحيله قررت حجب الرقم 10، الذي كان يرتديه طوال مسيرته بقميص الفريق، وعدم جعل أي لاعب آخر يحمله، تقديراً لما قدمه الأسطورة الأرجنتينية للفريق والجماهير والمدينة، التي أصبحت على خريطة ويتردد اسمها حول العالم بفضل دييجو.
aXA6IDMuMjEuMTIuODgg جزيرة ام اند امز