"العثماني" رئيس الحكومة المغربية.. طبيب أمازيغي احترف السياسة
داليا عريان
تشير الكلمات الأولى لـ سعد الدين العثماني إلى رغبته في تحقيق طفرة في المرحلة الأولى من جولة المشاورات.
"أحس كثيرًا بتشريف الملك لي، والمهمة صعبة، نحن في حزب العدالة والتنمية نقول دائمًا إن الوطن هو الأول، وسنقوم بكل شيء في مصلحته".
بهذه العبارة قال رئيس الوزراء المغربي، سعد الدين العثماني، المكلف من الملك محمد السادس، أول تصريحاته بعد توليه مسؤولية تشكل الحكومة خلفًا لـ عبدالإله بن كيران، باللغة الأمازيغية.
وبهذا التصريح يعد العثماني أول رئيس حكومة يدلي بتصريحات باللهجة الأمازيغية، على الرغم من أنها لغة رسمية نص عليها الدستور المغربي منذ أكثر من 6 أعوام بالإضافة للغة العربية اللغة الرسمية.
تشير الكلمات الأولي لـ العثماني إلى رغبته في تحقيق طفرة في المرحلة الأولى من جولة المشاورات، متجنبًا أخطاء وسقطات عبدالإله بن كيران رئيس الحكومة السابق، الذي وقع في ثغرات شروط تحالفات الأحزاب، وتوزيع الحقائب الوزارية على أحزاب العدالة والتنمية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني.
وأقر الملك محمد السادس بعد 5 أشهر من المفاوضات بشأن تكوين الحكومة، إعفاء بن كيران من منصبه، وتعيين خليفة له من الحزب نفسه المتصدر للانتخابات التشريعية.
من الطب إلى السياسة
وبين الأسماء التي طرحت كبديل لـ بن كيران، ظهر اسم سعد الدين العثماني بقوة، حيث استند المحللون المغاربة في توقعهم لترشيح العثماني في هذه المهمة، لكونه قيادة بحزب العدالة والتنمية، وقدرته على إدارة المفاوضات والمشاورات مع اختلاف التوجهات السياسية، ووصفوه بـ المفاوض الجيد، والشخصية الهادئة المسالمة، الحريص على الابتعاد التام عن منبع الأزمات والدخول في صدام مع المعارضة.
وأعلن اسم سعد الدين العثماني، رئيسًا لحكومة المغرب خلفًا لـ بن كيران، بعد اجتماع العاهل المغربي معه، يوم 17 مارس/آذار الجاري، ليتولى المهمة بشكل رسمي، ليبدأ المشاورات مع أحزاب المعارضة المغربية الأسبوع الحالي.
العثماني صاحب الـ61 عاما، تقلد عدة مناصب سياسية منذ دخوله الحياة السياسية، وتولي مسؤولية الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بالمغرب من 2004 إلى 2008، كما شغل منصب وزير وزاري في حكومة بن كيران السابقة عام 2012، حيث تولى منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون وقتها حتى عام 2013، ومن بعدها أصبح زعيم الكتلة البرلمانية للحزب داخل البرلمان.
فهو من أصول أمازيغية، ولد في بانزكان جهة سوس، جنوب المغرب، المنطقة التي تتحدث باللهجة الأمازيغية، وانضم العثماني للسياسية بالرغم من عمله كطبيب نفسي لسنوات، بالدخول لحزب العدالة والتنمية المعروف وقتها باسم" حزب الحركة الشعبية الدستورية" في تسعينيات القرن الماضي، ولحسن حظ العثماني، حقق الحزب تقدم في الانتخابات التشريعية عام 1997، وبعد عامين تغيير اسم الحزب إلى اسمه الحالي العدالة والتنمية، لينطلق بعدها سعد الدين العثماني في العمل السياسي، خاصة وأن دراستها جمعت العلوم الشرعية بجانب الطب النفسي.
دارس ومطلع
وفي الوقت نفسه لم يقتصر تركيزه على هذه الدراسات فحسب، بل حصل على درجات علمية في العلوم الإنسانية والدراسات الإنسانية من كلية الآداب جامعة الرباط عام 1999، بعد أن حصل على دكتوراه في الطب النفسي عام 1986 بالدار البيضاء، ونجح في الحصول على شهادة علمية للدراسات العليا في أصول الفقه 1987، وقبلها بـ4 أعوام درس في علوم الشريعة الإسلامية.
ومكنه علمه الجم ودراسته الواسعة، في سنوات قليلة من التحاقه بالعمل السياسي، التقدم في مناصب سياسية داخل الحزب والبرلمان المغربي، لينجح هو وصديقه المقرب بن كيران من ضم العشرات من الإسلاميين إلى جبهة العدالة والتنمية، خاصة بعد مؤتمر الحزب الشهير عام 1996.
مهام متعددة
ومن الطب إلى السياسة، تولى العثماني مهام عديدة، آخرها مهمة رئيس الوزراء المغربي الأسبوع الماضي، وقبلها وزير الشؤون الخارجية، وقيادي بحزب العدالة والتنمية، وعضو البرلمان في الانتخابات التشريعية الماضية، المهمة التي تركها كإجراء طبيعي بعد تكليفه بتشكيل الحكومة.
كما شغل منصب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية عام 2008-2012، ومهمة الأمين العام للحزب نفسه عام 2004، وبرلماني في دورات تشريعية مختلفة من 1997-2002-2007، فضلًا عن التحاقه بمجلس الشورى المغربي عام 2002، وبين عدة مستشفيات نفسية بالرباط والدار البيضاء مارس مهنته الأولى كطبيب نفسي.
وفي السنوات الـ10 الأخيرة، اعتمد العثماني على مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة لوصول الحزب وقادته إلى المغاربة، فعرف عنه المفاوض الجيد يملك قدرة على التفاعل والتواصل مع الآخرين من الأحزاب والسياسيين والقواعد الجماهرية مستخدمًا أدوات التواصل الحديثة "فيس بوك" و"تويتر".
الانحياز إلى الأمازيغ
وتحدثت عدة وسائل مغربية عن أن جلسة التشاور الأولي التي يخوضها العثماني، ستبدأ مع حزب الأصالة والمعاصرة، بناءً على الترتيب الحزبي في نتيجة الانتخابات البرلمانية التي أقيمت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن وجهة نظر متفائلة، تناولت صحيفة "الصباح" المغربية خطابه الأول الذي أشار فيه إلى تفادي أخطاء بن كيران السابقة في مفاوضات الحكومة، فضلًا عن مواقفه السابقة من الأمازيغ ودفاعه الدائم عن اللغة والحركة الأمازيغية منذ عام 2012.
وأثناء اجتماعه مع وزراء خارجية دول المغرب العربي، كوزير للشؤون الخارجية، أكد العثماني على ضرورة تغيير تسمية المغرب العربي إلى المغرب الكبير، لمراعاة وجود أمازيغ بشمال إفريقيا، وكان دائم الحضور للمؤتمرات الداعة لحقوق الأمازيغ، مطالبًا بسن قوانين تحافظ على تاريخهم.
كما دافع عن اللغة الأمازيغية، متخوفًا من انقراض اللغة، حتى تم إقرار الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور المغربي إلى جانب اللغة العربية عام 2011.