ماريوبول.. "درع أوكرانيا الحامي" في قبضة بوتين
"درع أوكرانيا الحامي".. هذه هي مدينة ماريوبول الأوكرانية ذات الأهمية الاستراتيجية، التي باتت بقبضة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتشكل السيطرة الروسية على المدينة الساحلية، إحدى مدن دونيتسك؛ المعترف بها كجمهورية مستقلة من قبل موسكو، والواقعة شمال بحر آزوف؛ نقطة تحول جذرية في الحرب الروسية الأوكرانية.
- أطلال ماريوبول.. صراع الأوكرانيين من أجل الحياة (صور)
- فقد ثروته في ماريوبول... أغنى رجل بأوكرانيا يعتزم مقاضاة روسيا
ويرتبط بحر آزوف بالبحر الأسود بمضيق كيرتش، ويوجد على ضفافه ميناءا ماريوبول وبيرديانسك الأوكرانيان، بالغا الأهمية لصادرات الحبوب أو الصلب التي تنتج في شرق أوكرانيا.
أسماء متغيرة
قبل أن نصل لاسمها الحالي تغير اسم ماريوبول التي يعود تأسيسها إلى عدة قرون، عدة مرات، وأصبحت مدينة عام 1778، وكان يطلق عليها اسم بافلوفسك أو بافلوغراد، وبعد عام أصبح اسمها ماريوبول، نسبة إلى "ماريا فيودوروفنا" قرينة الأمير بافل بيتروفيتش، أما "بول" فتعني المدينة باللغة اليونانية.
كما أضحت مركزًا لتجارة الحبوب والمعادن والهندسة الثقيلة، ومن هنا لعبت دورًا رئيسيًا في الجانب الصناعي لأوكرانيا، ولا تزال للصناعة.
وخلال الحرب العالمية الثانية احتلت ألمانيا النازية المدينة من عام 1941 وحتى 1989.
وخلال هذا الوقت لحقت بالمدينة أضرار جسيمة وقُتل الكثير من الناس، لكن تم تحريرها من قبل الجيش الأحمر السوفياتي في سبتمبر/ أيلول 1943.
وطوال الحقبة السوفياتية كان اسم المدينة "جدانوف"؛ نسبة إلى السياسي السوفيتي أندريه جدانوف الشهير، وأحد القادة الشيوعيين، الذين أعيدت تسمية المدن احتفاء بهم.
لكن مع انهيار الاتحاد السوفياتي أعيد الاسم إلى ماريوبول، التي بقيت خارج "جمهورية دونيتسك الشعبية" التي أعلنت الانفصال عام 2014.
ما أهمية السيطرة عليها؟
تقع المدينة على بعد 55 كيلومترا عن الحدود الروسية و85 كلم عن دونيتسك معقل الانفصاليين الموالين للكرملين.
ويعد سقوط مدينة ماريوبول بمثابة السيطرة على على الدرع الحامي لأوكرانيا.
وتسمح السيطرة على المدينة لروسيا بإقامة جسر يربط قواتها المنتشرة في شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، بمينائي بيرديانسك وخيرسون ومنطقة دونباس الانفصالية الأبعد مسافة شمالا.
وتعني سيطرة روسيا على ماريوبول والأراضي المحيطة بها، السيطرة على بحر آزوف المفتوح على البحر الأسود والذي سيصبح بحرًا داخليًا.
ويعني هذا استمرار ما يسمى بنظرية "الاستمرارية الإقليمية" -- التي يسعى الروس إلى خلقها بين شبه جزيرة القرم والأراضي الانفصالية في شرق أوكرانيا والتي اعترف فلاديمير بوتين باستقلالها مؤخرًا.
كما تستطيع روسيا من خلال السيطرة على ماريوبول وضع أي شيء في بحر آزوف، مثل الغواصات النووية.
واحتل الانفصاليون الموالون لروسيا المدينة الساحلية لفترة وجيزة في 2014، قبل أن يستعيد الجيش الأوكراني السيطرة عليها.
وإلى جانب موقعها الجغرافي الاستراتيجي، تعتبر ماريوبول مدينة صناعية كبيرة. ويتمتع ميناؤها التجاري بأهمية رئيسية في مجال تصدير الحبوب والصلب المنتج في شرق البلاد.
مشاهد من المدينة
تبدو هياكل المباني بمدينة ماريوبول الأوكرانية متفحّمة، وبنيتها التحتية مدمرة.
وأكد رئيس بلديتها الأوكراني فاديم بويتشينكو، في تصريحات سابقة، أن المدينة "دمرت بنسبة 90٪، فيما 40٪ من بنيتها التحتية غير قابلة للإصلاح".
وتوجد في ماريوبول مصانع شركتي المعادن الكبيرتين أزوفستال وإيليتش اللتين توظفان عشرات الآلاف من الأشخاص.
زيارة بوتين.. ماذا تعني؟
والأحد، زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مدينة ماريوبول الأوكرانيّة الساحليّة.
وهذه أوّل زيارة للرئيس الروسي إلى هذه المدينة التي حوصرت لأشهر ودمّرها القصف قبل أن يُسيطر عليها الجيش الروسي في مايو/أيّار 2022.
ووصل بوتين إلى ماريوبول على متن مروحيّة، ثمّ قام بجولة في المدينة بسيّارة كان يقودها بنفسه، وفقًا للكرملين.
وتحدّث بوتين مع سكّان محليّين وزار عددًا من المواقع المهمّة، كما استمع إلى تقرير عن أعمال إعادة إعمار هذه المدينة المنكوبة.
وتأتي زيارة بوتين لماريوبول في أعقاب زيارة أجراها، السبت، إلى شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا في العام 2014، بمناسبة الذكرى التاسعة لضمّها، بعد آخر زيارة قام بها في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
وبحسب محللين فإن تلك الزيارة تمهد لإقامة هذا الجسر الذي تعول عليه روسيا في ربط دونيتسك بشبه جزيرة القرم، وتحقيق عمق استراتيجي لروسيا وفرض لسياسة الأمر الواقع، إضافة إلى كسب نقاط قوة في أي مفاوضات مقبلة بشأن الحرب أوكراينا أو الغرب.
aXA6IDMuMTIuMTQ4LjE4MCA= جزيرة ام اند امز