الأسواق تترقب قرار المركزي الأمريكي الأخير لعام 2024.. ما أبرز السيناريوهات؟
تترقب الأسواق المالية اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأخير لهذا العام يومي 17 و18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، لحسم مسار الفائدة.
يأتي هذا الاجتماع وسط تحديات اقتصادية عالمية تتنوع بين استمرار الضغوط التضخمية وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، ما يعكس أهمية القرار وتأثيره المحتمل على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.
توقعات خفض أسعار الفائدة
يتوقع العديد من الخبراء، أن يتجه الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 0.25% إلى 0.5%، وتشير الأسواق إلى احتمال بنسبة 99% لاتخاذ القرار الأول.
وصرح الدكتور محمد بدرة، الخبير المصرفي، بأن البيانات الأخيرة لمؤشر أسعار المستهلكين تدعم هذا التوجه، خاصةً مع تباطؤ التضخم وظهور مؤشرات على استقرار الاقتصاد.
وأضاف بدرة لـ"العين الإخبارية"، أن الفيدرالي قد يميل إلى التخفيف التدريجي للسياسة النقدية، رغم أن معدلات التضخم لم تصل بعد إلى الهدف الرسمي البالغ 2%. لكنه حذر من أن الأسواق قد تواجه مفاجآت إذا قرر الفيدرالي مساراً مغايراً.
وتشير توقعات "بلومبرغ إيكونوميكس" إلى خفض محتمل بمقدار 25 نقطة أساس، مرجحة أن يركز بيان السياسة النقدية على استقرار البطالة وتباطؤ تكاليف المساكن، ما يدعم خفض الفائدة.
سياسة الفيدرالي
شهد الاقتصاد الأمريكي تطورات متسارعة منذ مارس/آذار 2022، حيث رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 11 مرة من مستويات قريبة من الصفر إلى نطاق يتراوح بين 5.25% و5.50% بحلول يوليو/تموز 2023، وبعد التثبيت حتى سبتمبر/أيلول 2024، بدأ البنك بخفض أسعار الفائدة تدريجياً، حيث خفضها بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر/أيلول ثم بمقدار 25 نقطة أساس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتنتظر الأسواق خفضاً جديداً بمقدار 25 نقطة أساس خلال الاجتماع الأخير ليصل النطاق إلى 4.5%-4.75%، ورغم هذه الخطوات، لا يزال التضخم فوق المستهدف، مع تسجيل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعاً في الأشهر الأخيرة.
التحديات أمام صناع القرار
أكد محللو بنك "ماكواري" أن صناع السياسة النقدية سيواجهون قرارات صعبة في الاجتماع المقبل، حيث يظل التضخم بعيداً عن المستوى المستهدف. من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي برنارد بومول، إلى أن ارتفاع التضخم مؤخراً يثير تساؤلات حول جدوى تخفيض إضافي لأسعار الفائدة، خاصةً في ظل عدم وضوح تأثير هذه التخفيضات على استقرار الأسعار.
ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تتزايد التساؤلات حول تأثير سياساته الاقتصادية على قرارات الفيدرالي. ويرى بعض الاقتصاديين أن تنفيذ وعود ترامب الانتخابية، مثل زيادة الرسوم الجمركية وتقليص القيود على الهجرة، قد يؤدي إلى موجة جديدة من التضخم، ما يعقد قرارات السياسة النقدية في 2025.
هل يفاجئ الفيدرالي الأسواق؟
تُظهر تعليقات أعضاء لجنة السوق المفتوحة منذ اجتماع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تراجع الحاجة إلى تخفيف السياسة النقدية بشكل سريع، مع تحسن النشاط الاقتصادي واستقرار سوق العمل. ومع ذلك، يشير خبراء إلى صعوبة خفض إضافي للفائدة في ظل استمرار ارتفاع التضخم بعيداً عن مستهدف 2%.
وكشف محضر اجتماع سبتمبر/أيلول الماضي، عن انقسام في آراء صناع السياسة النقدية لأول مرة منذ 2005، حيث طالب بعض الأعضاء بخفض الفائدة، فيما اعترض آخرون خوفاً من استمرار التضخم فوق المستهدف.
وأوضح جورج خوري، رئيس قسم الأبحاث في "CFI"، أن المستثمرين سيركزون على تصريحات رئيس الفيدرالي، جيروم باول، عقب الاجتماع لتحديد توجهات السياسة النقدية المستقبلية.
بيانات التضخم والنشاط الاقتصادي
أظهرت البيانات الأخيرة ارتفاع الأسعار الاستهلاكية الأساسية بنسبة 0.3% للشهر الرابع على التوالي، في حين جاء تقرير مؤشر أسعار المنتجين أعلى من التوقعات، ما يعكس صعوبة العودة السريعة إلى هدف التضخم.
وأضاف الاقتصاد الأمريكي 227 ألف وظيفة في الشهر الماضي، متجاوزاً التوقعات، وارتفع متوسط الأجر بالساعة بنسبة 0.4% شهرياً، ما رفع المعدل السنوي إلى 4%. وعلى الرغم من هذا الأداء الإيجابي، ارتفع معدل البطالة إلى 4.2%، ما قد يشجع الفيدرالي على التخفيف التدريجي لتجنب ركود حاد في سوق العمل.
أي أنه رغم الضغوط التضخمية، سجل النشاط الاقتصادي مفاجآت إيجابية، لكن سياسات ترامب، مثل فرض الرسوم الجمركية المرتفعة، قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم قبل تحقيق الإصلاحات فوائد ملموسة.