تعديلات قانون الأسرة المرتقبة.. هل انتهى زمن الزواج في مصر؟ (خاص)
تغييرات جديدة مرتقبة في منظومة الزواج في مصر من خلال مشروع قانون للأحوال الشخصية أوشكت الحكومة على إنجازه لتقديمه إلى البرلمان.
التعديلات المقترحة، والتي لم يتم الكشف عن صياغتها النهائية حتى الآن، تتضمن إجراء كشف نفسي وكشف مخدرات، بالإضافة لتشكيل لجنة يرأسها قاضٍ تحدد كفاءة الزوج للزوجة، مع إلزام الزوج بدفع مبلغ مالي يوضع في صندوق مخصص لدعم الأسرة، للإنفاق منه في حالة الطلاق على الأبناء والمرأة المطلقة.
وأثارت هذه التعديلات موجة من الجدل، ما بين مؤيد ومعارض، خاصة أنها تأتي في ظل أوضاع اقتصادية صعبة بعد ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وارتفاع قيمة الذهب والعقارات والأثاث.
"العين الإخبارية" استطلعت آراء عدد من الخبراء النفسيين والاجتماعيين والدينيين حول تلك المقترحات، وهل تشكل عقبة أمام إقدام الشباب على الزواج، أو كما يتساءل البعض ساخرا: هل انتهى زمن الزواج في مصر؟
وكذلك هل تساهم التعديلات التشريعية الجديدة في دعم استقرار الزواج؟ أم تساهم في التحايل على القانون ودفع البعض للتفكير في اللجوء للزواج العرفي أو البحث عن اللذة المحرمة؟
فتح باب للفساد
يرى الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري العلاج النفسي وعلاج الإدمان، أن استبعاد العناصر غير المتكافئة عبر تحاليل نفسية وتحاليل مخدرات سيقود إلى نتائج إيجابية مقارنة بعدم القيام بذلك، لكن يجب الانتباه إلى أن الشخصية الإنسانية مليئة بالتعقيدات والمشاكل النفسية.
ويضيف الباسوسي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أنه لا يعتقد أن الزواج العرفي سوف يختفي؛ لأن التعقيدات كبيرة وتتشابك احتياجات الأفراد ومصالحهم ورغباتهم، فمن يبغي استقرارا دائما سوف يتوجه إلى الأساليب الرسمية للزواج، ومن دون ذلك سيلجأ للزواج العرفي غير الرسمي.
ويخشى الباسوسي من أن كثرة الإجراءات والأوراق المطلوبة للزواج قد تفتح بابا للفساد لا يمكن غلقه، وتفتح الباب للطرق الأخرى غير المشروعة.
ويختم استشاري الطب النفسي حديثه بالقول: "لا أحد يضمن استقرار علاقة بين شخصين أبدا، لكن إجراء فحص نفسي للزوجين يمكن أن يساعد في الوصول إلى نتائج أفضل تجعلنا لا نندهش من انفجار المشاكل الزوجية لاحقا".
الاقتصاد لا الإجراءات
ويرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن الأكثر تأثيرًا على الزواج هو الاقتصاد، وليس زيادة الإجراءات، معتبرًا أن ثمن الأوراق والإجراءات مهما كان فهو أقل من ثمن المقدم والمؤخر والمهر.
واعتبر صادق، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن زيادة الإجراءات في القانون لن تؤثر؛ لأن من يريد الزواج سيتزوج، معتبرا الجدل المثار حول تعديلات قانون الأحوال الشخصية ما هو إلا "ملهاة ومكلمة" تشغل الناس عن المشاكل الحقيقية.
واستبعد صادق زيادة الزواج العرفي مبرهنًا على رأيه بأن الأزواج يبحثون عن توثيق الحقوق، والحقوق تضيع في الزواج العرفي. وأضاف: "بسبب الاقتصاد سوف تتراجع معدلات الزواج وترتفع معدلات الطلاق، الشاب هجيب شقة منين بمليون جنيه".
ويرى صادق أن تراجع معدلات الزواج سيكون مؤقتا، مضيفا: "اللى عايز يتزوج هيتزوج، وهيبدأ المجتمع في تقديم تنازلات في متطلبات الزواج من شقة ومهر وذهب، وقد يسكن الزوجان في بيت أحد والديهما، حيث سيفكر وقتها المجتمع في منظومة الزواج بواقعية ويتزوج الأبناء دون مغالاة مثل الأوروبيين والأمريكيين".
تصعيب الحلال
في المقابل، يرى الشيخ ياسر القرشى، المأذون الشرعي والذي طالب المقبلين على الزواج بسرعة إتمام عقد القران قبل تطبيق القانون، أن زيادة إجراءات الزواج ستصعب الأمر على من يرغب فيه.
ويضيف القرشي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إن المغالاة في المهور سبب في تراجع حالات الزواج، ويحذر من ذلك قائلاً: "كلما صعبنا الحلال فتحنا باباً للحرام".
وعن أسباب الطلاق الرئيسية، يقول القرشي: "عدم التوافق بين الطرفين، وهناك أسباب مادية، وأخرى دينية ترجع إلى ضعف الوازع الديني"، مؤكدًا انخفاض نسب الزواج مقابل الطلاق، حيث تحتل مصر المرتبة الأولى على العالم فى نسبة الطلاق، بحسب القرشي.
على عكس تصريحات القرشي، أكد اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الجهة الرسمية المعنية بالإحصائيات، أن مصر لا تزال تشهد أقل نسب طلاق على مستوى العالم والدول العربية، طبقًا للبيان الإحصائي الصادر عن الأمم المتحدة، والذي يعقد مقارنات بين مختلف دول العالم.
وأضاف بركات، في تصريحات لبرنامج "تحت الشمس"، عبر فضائية "الشمس" في يونيو/ حزيران الماضي، أن متوسط حالات الطلاق في مصر، وفقًا لإحصاءات عام 2020، بلغت حالة طلاق كل 2.4 دقيقة، و25 حالة في الساعة، و608 حالات في اليوم، و18 ألفًا و500 حالة شهريًا.
ونوه رئيس المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى أن نسبة الطلاق في الحضر أعلى من الريف، وأن محافظة القاهرة الأولى في حالات الطلاق؛ مضيفًا أن 12% من حالات الطلاق تقع في العام الأول من الزواج، و9% في العام الثاني، وتصل في العام الثالث لـ6.5%.
ومن اللافت أن الشيخ ياسر القرشى، المأذون الشرعي، كان قد أطلق شائعة عبر صفحته بموقع فيسبوك، زعم فيها أن الزوج سيدفع مبلغ يقدر بعدة آلاف لصندوق الأسرة، لكن المستشار عمر مروان، وزير العدل، قال في تصريحات لبرنامج "كلمة أخيرة"، على فضائية "أون"، إن المبالغ التي سيدفعها المقبلون على الزواج عبارة عن مبلغ صغير جدًا لا يشكل عائقا أمام أي مستوى اجتماعي.
ونوه وزير العدل، بأنه جارٍ تحديد ذلك المبلغ الآن من المختصين عند توثيق الزواج، معقبا :"الصندوق لو جمع على سبيل المثال مليار جنيه ستضع الدولة أمامه مليار لضمان دخل هذا الصندوق".
من جانبه يؤكد الدكتور سامي العسالة، مدير التفتيش الديني السابق بوزارة الأوقاف، أن ما يحدث الآن في قضية الزواج مخالفة للمنهج القرآني والنبوي، حيث حثنا القرآن والسنة على التيسير لا التعسير، وقال رسول الله: "أقلهن مهرا أكثرهن بركة".
وأضاف العسالة، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إن هناك توجيها بالتيسير، وعلينا كما أمرنا الدين بالتيسر في الدين أن نيسر في الدنيا.
وأضاف العسالة: "ما يحدث فيما يتعلق بجهاز العروس والتعدد في أدوات الجهاز والذهب مسألة تصعب الزواج، وأنا شخصيا تعرض عليا حالات زواج كثيرة تقف بسبب تعثر تجهيز البيت، فيتم فسخ الخطوبة عدم القدرة على التجهيز مثل الأقارب".
ويضيف العسالة: "الحياة كدة لن تستمر، ويحدث كثير من حالات الطلاق وفسخ الخطبة، لأننا بعدنا عن تعاليم ديننا".
وعن التعديلات المقترحة في قانون الأحوال المدينة، يقول العسالة: "أنا شايف إنها مش تعقيدات هي ضوابط من شأنها حفظ الاستقرار، وأنا شخصيا أؤيد ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي".
وتابع: "ما يقال مقترحات، ونحن ننتظر أن تعرض على مجلس النواب الذي سيحيلها للعرض على الأزهر وهيئة كبار العلماء، وقتها ستظهر الصورة النهائية للقانون ونستطيع توقع تأثيراته".
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xMzIg جزيرة ام اند امز