"العرس الدامي" بأفغانستان.. أشلاء تصرخ ضد الإرهاب
الفيديوهات المتداولة لما بعد التفجير رصدت مشاهد لا تختلف كثيرا عن أفلام الحركة، مع منسوب مرتفع من الوحشية وانعدام الإنسانية.
لم يكن مئات الرجال والنساء والأطفال من المدعوين لحضور حفل زفاف غرب العاصمة الأفغانية كابول يعتقدون ولو مازحين أن لحظاتهم الأخيرة ستكون في القاعة التي يقصدونها بكامل زينتهم وأناقتهم.
كانوا يأملون في سهرة رائعة يتقاسمون فيها مع أقاربهم وأصدقائهم فرحا شح في نفوسهم جراء العنف المسلح المستمر بالبلاد، غير أن انتحاريا فجر نفسه بالقاعة ليحول عشرات الأجساد إلى أشلاء متناثرة على الجدران والأرضية.
الفيديوهات المتداولة لما بعد التفجير، رصدت مشاهد لا تختلف كثيرا عن أفلام الحركة، مع منسوب مرتفع من الوحشية وانعدام الإنسانية.
قاعة زفاف "شار دبي" غرب العاصمة كابول تحولت، مساء السبت، إلى مقبرة لأشلاء بشرية متناثرة وسط خراب الجدران والسقف، فيما تحولت الكراسي والطاولات إلى قطع بلاستيكية مشوهة بفعل ما تعرضت له من حرارة مرتفعة.
شهود عيان وصفوا ما حدث بالمجزرة الدامية التي أدمت قلوب أبرياء، معتبرين أن ما حدث يعد مأساة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، في وقت كان فيه الأفغان يأملون في التوصل إلى اتفاق سلام مع حركة "طالبان"، طمعا في وقف نزيف الدماء المستمر منذ سنوات.
ووفق أحدث حصيلة، ارتفع عدد قتلى التفجير الانتحاري إلى 63 على الأقل، بينهم نساء وأطفال، فيما أعلن فيروز بشاري، المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، أن 182 مدنيا آخرين أصيبوا في التفجير.
مجزرة غيبت أبرياء، وأجهضت فرحة البالغين وأحلام الأطفال، لتضيف إلى مجلد مأسي البلاد محنة أخرى، وهي التي تستعد لتجاوز واقعها الصعب للاحتفال باستقلالها عن بريطانيا.
التفجير يأتي أيضا في وقت بلغت الولايات المتحدة وحركة طالبان المراحل الأخيرة من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق من أجل خفض القوات الأمريكية في أفغانستان.
"قلبوا فرحي حزنا".. هكذا علق العريس الذي يدعى ميرويس، في تصريحات نقلها التلفزيون الأفغاني، بنبرة حزينة ونظرات لا تزال عاجزة عن استيعاب ما حدث، بل إنه بات عاجزا عن النوم من هول الصدمة التي تعرض لها.
وتابع ميرويس: "فقدت أخي وأصدقائي وعائلتي، لا يمكن أن أشعر بسعادة بعد اليوم"، مشيرا إلى أن "المدعوين دخلوا بعد ظهر السبت إلى العرس، وهم مبتسمون وفي المساء كنا نقوم بإخراج جثثهم من قاعة الأعراس"، مضيفا: "زوجتي لا تتوقف عن الإغماء، كما أنها عاجزة عن النطق أو تذكر ما حدث".
شاهد آخر كان حاضرا في حفل الزفاف، لفت إلى أن نحو 1200 مدعو كانوا يشاركون في الحفل الذي حوله الإرهابيون إلى مأتم.
والمعروف في حفلات الزفاف الأفغانية أنها عادة ما تكون ضخمة من حيث عدد المدعوين إليها، حيث يتجاوز أعدادهم الآلاف في أحيان كثيرة، كما أنها تقام في قاعات كبيرة يفصل فيها الرجال عن النساء.
أما ردود الفعل الرسمية فلم تتأخر، حيث علق الرئيس الأفغاني أشرف غني على التفجير قائلا إن "حركة طالبان لا يمكن أن تعفي نفسها من أي لوم لأنها تستخدم منصة للإرهابيين".
من جانبها، نفت "طالبان" أي تورط لها في التفجير الانتحاري، معتبرة في بيان أن "ارتكاب مثل عمليات القتل المتعمدة والوحشية هذه واستهداف نساء وأطفال، ليس له أي مبرر".
من ناحية أخرى، أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم، وقال إنه استهدف "تجمعا كبيرا للشيعة".
وقال التنظيم الإرهابي، في بيان، إن الانتحاري "أبوعاصم الباكستاني" فجر سترته الناسفة في "تجمع كبير بالناحية السادسة في مدينة كابول"، قبل أن يقدم آخرون من التنظيم على تفجير سيارة مفخخة في المكان.