الحزب الحاكم في موريتانيا يواجه إرهاب الإخوان عبر صناديق الاقتراع
فوز الإخوان بالانتخابات الموريتانية سيمثل-وفق مراقبين- تقويضاً للعملية الديمقراطية الوليدة في البلاد.
على مقربة من السجن المدني في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وفي ساحة مسجد ابن عباس، استعرض حزب "تواصل" الإسلامي الجناح السياسي لحركة الإخوان الإرهابية في موريتانيا، الأربعاء الماضي، عضلاته في مهرجانه الختامي للحملة الانتخابية التي انطلقت في الـ17 من أغسطس الجاري.
ومن بين من تحدثوا للجماهير رئيس الحزب السابق محمد جميل منصور والمرشح على رأس لائحة المجالس الجهوية لجهة نواكشوط (العاصمة).
منصور والذي أمضى أوقاتاً مختلفة في السجن المدني الذي كان على مقربة منه عندما تحدث للجماهير، كان استغلال الدين دائما حاضرا عندما يتم اعتقاله مع قادة آخرين من تنظيم الإخوان.
ويخشى كثيرون في نواكشوط وغيرها من مدن موريتانيا، وعلى رأسهم رئيس البلاد وزعيم الحزب الحاكم "الاتحاد من أجل الجمهورية" من أن تؤدي مشاركة الإخوان في العملية الانتخابية لتقويض الممارسة الديمقراطية الوليدة التي تخطو نحو ربع قرن من الزمان.
- خبراء موريتانيون لـ"العين الإخبارية": وصول الإخوان للسلطة يعني عودة أجندتهم الإرهابية
- رئيس موريتانيا: جماعة الإخوان تسيء للإسلام ودمرت دولا عربية
فطوال أيام الحملة الانتخابية كانت الجماعة الإرهابية تتوغل في الأحياء الفقيرة وتمارس التحريض خدمة لمشروعها الذي تتضح معالم استغلاله للدين يوماً بعد الآخر.
والمسافة بين السجن المدني الذي لا تزال زنازينه تحتفظ بين جدرانها بإرهابيين محكومين بالإعدام نفذوا هجمات دامية استنادا إلى فتاوى لزعيم جماعة الإخوان بموريتانيا محمد الحسن ولد الددو وبين المهرجان، قصيرة جدا لكنها تكشف مسيرة طويلة لجماعة قررت أن تأخذ أكثر من شكل في طريقها المخادع للوصول إلى السلطة.
كما يفصل بين السجن المدني وساحة المهرجان شارع جمال عبدالناصر وسط نواكشوط، وفي ذلك الكثير من التاريخ والسياسة.
فقد كان الزعيم المصري أيضا يرى خطر جماعة الإخوان على بنية الدولة في مصر، معقلها الرئيسي، وقد حاربهم حتى آخر لحظة.
جميل منصور الذي تباهى أمام جماهير "تواصل" الإخواني، مدعيا قدرة حزبه اليوم على هزيمة أغلب أحزاب موريتانيا، كان قد أسس مع عدد من قادة الإخوان ما عرف في بداية التسعينيات بالجبهة الإسلامية، لكن نظام الرئيس الأسبق العقيد معاوية ولد الطايع منعها من العمل، فقد كان أكثر وعيا بما يهدف له هذا التيار من تغلغل في السياسة تحت غطاء الدين.
وبعد السماح بالتعددية السياسية عام 1991 تقدم منصور مع عدد من الإخوان بطلب ترخيص حزب سياسي (حزب الأمة) إلا أن نظام ولد الطايع رفض أيضا الترخيص له وبررت السلطات ذلك بأن هذه المجموعة تسعى لاحتكار الدين.
تعرض ولد منصور للاعتقال أكثر من مرة، حيث سجن لأول مرة عام 1994، ضمن حملة اعتقالات واسعة طالت الإخوان، وإغلاق للمؤسسات الخيرية والتعليمية التابعة للتيار التي كانت تتمدد في أحياء الفقراء، وفي المدن الكبيرة والقرى.
وتكررت حملة الاعتقالات بشكل أقوى عام 2003، حيث خضع ولد منصور حينها للاعتقال، وأقيل من رئاسة بلدية عرفات، كبرى بلديات العاصمة نواكشوط بعد أن انتخب لرئاستها عام 2001، وتم اعتقاله ضمن عشرات الإخونجية الذين اتهموا بالتخطيط لقلب نظام الحكم.
المحامي الموريتاني سيد أحمد بوبالي اعتبر أن تاريخ ظهور جماعة الإخوان في موريتانيا مرتبط زمنيا بالثمانينيات مع ظهور الجمعية الإسلامية التي أنشأها الحسن ولد مولاي أعلي وتولى إدارتها، وكان ويتبع لها نادي مصعب المخصص لتجنيد الرجال، ونادي عائشة الذي يتولى مهمة تجنيد النساء وشكّل الجناحان فيما بعد حركة "حسام" في التسعينيات وهي توطين اسمي لـ"حماس" ما يكشف عن مستوى ترابط التيار الإخواني عالميا وتبعية فروعه لأصله.
وأضاف المحامي في حديث لـ"العين الإخبارية": "ثم جاءت مرحلة الذوبان في تشكيلات وطنية، وبأجندات متوحدة على مستوى الفكر ومترابطة على مستوى الطرح، وإن باختلاف وتشتت فرضته سلطوية النظام ودواعي ممارسة التقية الحزبية للاستفادة من الهامش الديمقراطي".
وتابع: "لينكشف التيار محاولا الانضباط والتراص الحزبي فترة الرئيس أعلى ولد محمد فال (2005 – 2007) الذي أبان عن خشيته من هذ التيار ومن ارتباطه الخارجي وأجنداته العالمية وتجارته الدنيوية بالآخرة فعزموا حينها على اغتنام الفرصة التي سنحت بمجرد مجيء الرئيس سيد ولد الشيخ عبدالله (2007 – 2008) وهو الصوفي غير المحصن وغير المسيس، فظهر "تواصل" الحزب والذي مارس القدر الأعلى من العمل السياسي المرتكز على النفعية السياسية بغض النظر عن المبادئ والرؤى.
وأشار المحامي الموريتاني إلى أن "وصول حزب تواصل (الإخواني) إلى السلطة مخيف لسببين؛ الأول أنه يحتفظ لنفسه بالإسلام، في إشارة إلى مرجعية هي مرجعتينا جميعا، ولكنه يحاول من خلالها دغدغة مشاعر غير المطلعين وغير العارفين بالحقيقة، والثاني لأن أجنداته تخالف في جوهرها المفهوم الديمقراطي القائم على حرية الرأي والرأي الآخر ولن تكون هذه الحرية مصانة إذا تم الارتكاز على الشريعة الإسلامية من قبل خصيم سياسي في ظاهره المطالبة بها وفي باطنه المتاجرة بها في حين نحن شعب مسلم 100/100".
وقال الرئيس الموريتاني، الجمعة، إنه "يجب التصدي للأحزاب المتطرفة" متهما الإخوان بأن لديهم "منهجية سياسية يحاولون من خلالها تبني غطاء سياسي وهم بعيدون في الحقيقة عن الإسلام والإسلام بعيد عنهم"، وأنهم "أساءوا للإسلام ويجب تحصين البلاد منهم"، وأن البلد يجب أن "يقف صفا واحدا في وجههم".
وأكد أن جماعة الإخوان "هزمت مجتمعات عربية" وأنه كمواطن -قبل أن يكون رئيسا- شعر بالخطر الذي تمثله هذه الأحزاب، وأن ذلك كان سببا في نزوله كرئيس في الانتخابات، حيث ترأس سلسلة المهرجانات ونظم لقاءات مع قيادات في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم) بغرض مجابهة تمدد الإخوان المسلمين والوقوف في وجه مخططاتهم.
aXA6IDMuMTUuMTQxLjE1NSA= جزيرة ام اند امز