أسبوع موريتانيا.. تصدع بالإخوان وتحذير من مجاعة وإعادة كتابة التاريخ

موريتانيا شهدت الأسبوع الماضي تحذيرات من خطر مرشح الإخوان في انتخابات الرئاسة، وسط استمرار تفكك وتصدع التنظيم الإرهابي في البلاد

شهدت موريتانيا، الأسبوع الماضي، تواصل تفكك وتصدع تنظيم الإخوان الإرهابي وتحذيرات لبرنامج الغذاء العالمي من مجاعة بسبب نقص الأمطار.

كما أعلنت الحكومة عن اتخاذها كل الإجراءات اللازمة لإنجاح مشروع إعادة كتابة تاريخ موريتانيا بإشراف كتاب وباحثين مختصين في كتابة التاريخ بموضوعية ودون تحريف.

• "الدستوري الموريتاني" يعتمد رسميا 6 مرشحين لانتخابات الرئاسة
• موريتانيا في أسبوع.. 6 مرشحين للرئاسة وانشقاقات عنيفة تضرب الإخوان

كما برزت تحذيرات من خطر مرشح الإخوان في انتخابات الرئاسة، سيد محمد ولد بوبكر،  المقررة في شهر يونيو/حزيران المقبل من بينها حديث الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز  وتأثير فوزه على أمن واستقرار البلاد.

وثمن الرئيس الموريتاني انشقاق القيادات الإخوانية مؤخرا عن التنظيم، خلال لقاء منفصل مع القادة المنسحبين، معتبرا أن مغادرتهم حزب "تواصل" يصب في المصلحة العامة للدولة.

والأحد الماضي، اعتمد المجلس الدستوري الموريتاني اللائحة النهائية المؤلفة من 6 مرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في 22 يونيو/حزيران المقبل، وبينهم مرشح الحزب الحاكم محمد ولد الشيخ محمد أحمد رفيق الرئيس محمد ولد عبدالعزيز.

وشهد الأسبوع الماضي إحالة تعديلات جديدة على القانون الانتخابي من طرف الحكومة إلى البرلمان من أجل دراستها والمصادقة عليها لتدخل حيز التنفيذ خلال الانتخابات الجارية وتتعلق بتصويت العسكريين، بما يمكنهم من الاقتراع في نفس اليوم الذي يصوت فيه المدنيون، على عكس القانون السابق الذي يفرد لهم يوما خاصا بالتصويت.

كما جرت محادثات جمعت محمد بن شمباز، الممثل الخاص للأمم المتحدة في غرب أفريقيا، بعدد من المرشحين لانتخابات الرئاسة، وتناولت الظروف التي ستجرى فيها والمساعدة التي يمكن أن تقدمها الأمم المتحدة في هذا الإطار.

تحذيرات من خطر الإخوان

وخلال لقاء مع برلمانيين وشخصيات سياسية، شدد ولد عبدالعزيز على أهمية تعبئة الجهود لإنجاح مرشح الأغلبية محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، محذرا من أن البديل سيكون خطرا على أمن واستقرار البلاد.

وأشار الرئيس الموريتاني إلى أن خطر هذا التنظيم ليس على أمن واستقرار موريتانيا فحسب، بل حمّله مسؤولية ما جرى من فوضى ودمار شهدته عدد من البلدان العربية.

الكاتب والقيادي في الأغلبية صالح ولد دهماش اعتبر أن تصريحات ولد عبدالعزيز لها ما يبررها، مضيفا في تدوينة عبر حسابه على موقع "فيسبوك" أن "الرئيس لديه قوة استشعار خطر أقوى، بحكم اطلاعه التام على حجم المخاطر والتحديات المحدقة"، حسب تعبيره.

وبيّن ولد دهماش، الذي يشغل منصب نائب مدير الإذاعة الوطنية، أن الرئيس هو المدرك أكثر من غيره لقيمة الأمن والاستقرار الذي تنعم به البلاد، مضيفا أنه على الجميع الاستجابة لتوجيهاته من أجل الوطن.

أما الكاتب والمعلق الإعلامي في ديوان الرئاسة الموريتانية سيدي محمد ولد آبه اعتبر أن المشهد السياسي يتشكل من جديد، وأن هناك طبقة سياسية تتجدد.

وأشار في تدوينة عبر حسابه على موقع "فيسبوك" إلى ملامح تحول المشهد السياسي في ظهور بوادر تفكك حزب الإخوان "تواصل"، بعد رحيل قيادات تاريخية في التنظيم الإخواني، و"اعتكاف" أخرى في منازلها، بالإضافة إلى مغادرة العديد من القيادات التاريخية للمعارضة الموريتانية مواقعها بعد "التحالف الانتخابي للمعارضة".

واعتبر ولد آبه أن هذه الشواهد الماثلة تؤكد أن ما وصفها بـ"رؤية الرئيس محمد ولد عبدالعزيز هي من يحدد ملامح المرحلة المقبلة ويرسم صورة المشهد في شكله النهائي".

لقاءات مع المنشقين

وخلال الأسبوع الماضي، التقى الرئيس الموريتاني قيادات منشقة أخيرا عن حزب إخوان موريتانيا، يتقدمهم سيناتور الحزب سابقا عمر الفتح، والأستاذ الجامعي وعضو مكتب الحزب أحمد سالم ولد فاضل، بالإضافة إلى محمد سالم ولد الخو مدير جامعة "عبدالله بن ياسين" المغلقة، ومدير معهد "ورش" رجل الأعمال الموريتاني أسلكو ولد حيده.

وقبل ذلك، أعلنت القيادات الأربعة الانشقاق خلال الأسبوع الماضي عن حزب "تواصل" الإخواني، ودعمهم مرشح الأغلبية في انتخابات الرئاسة محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني.

الباحث الموريتاني في شؤون الفكر السياسي طارق سيدي محمد اعتبر أن تنظيم الإخوان في موريتانيا يتبنى موقفين متناقضين من النظام الحاكم في موريتانيا، أحدها موقف مهادن يمثله الكوادر الذين أعلنوا دعمهم مرشح النظام، والتقى بعضهم الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز.

وأضاف الباحث أن الموقف الآخر (المعارض) يمثله إخوان موريتانيا المقيمين في الخارج كالشيخ محمد الحسن ولد الددو، الذي التقى بالمعارض التاريخي للأنظمة الموريتانية المتعاقبة (ولد الشافعي)، والذي ظهر على قناة (مكملين الفضائية) التي تصنفها (دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب) قناة إرهابية.

وبدوره، تساءل الكاتب والمحلل السياسي بادو محمد فال عن أسباب ما وصفه "بخيانة الإخوان بعضهم بعضا.. متساقطين كالذباب على موائد السلطان"، في إشارة إلى الانشقاقات والصراعات التي تضرب التنظيم في موريتانيا.

وأضاف في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك "هل هو اقتناع نزل عليهم كالوحي من السماء كما يصورون فتاوى مشايخهم أم أنها حياكة جديدة لمؤامرة قديمة"، حسب تعبيره.

كما اعتبر الكاتب والمحلل السياسي أبي زيدان أن التنظيم يعيش الآن في الظل، ويعاني من التفكك التي فرضتها الظروف الدولية والوقائع المحلية، حسب وصفه.

موجة انشقاقات تتواصل

وسجلت الأيام الماضية موجة قوية للانشقاقات التي تعصف بالإخوان منذ عدة أشهر، مع إعلان 4 قيادات انشقاقها والتحاقها بمرشح الأغلبية محمد ولد الشيخ محمد أحمد، أحدثهم كان محمد سالم ولد الخو القيادي في التنظيم ورئيس جامعة عبدالله بن ياسين المغلقة.

وقبل ذلك وخلال الأسبوع الماضي كان انشقاق رجل الأعمال الموريتاني أسلكو ولد حيده، الذي قرر مغادرة التنظيم والالتحاق بركب المرشح الغزواني.

ولد حيده -الذي ظهر في اجتماع مع مرشح الأغلبية ولد الغزواني معلنا دعمه للأخير- يُعَد من أبرز نشطاء حزب "تواصل" في المناطق الشرقية خلال الفترة الأخيرة، ما يشكل ضربة قوية للحزب الإرهابي، الذي يعاني موجة تصدع وانقسامات غير مسبوقة منذ إنشائه عام 2007.

وسبق انشقاق ولد حيده بأقل من يومين انشقاق قياديين آخرين، هما الشيخ عمر الفتح سيناتور حزب إخوان موريتانيا "تواصل" السابق والقيادي البارز في التنظيم، ثم أحمد سالم ولد الفاضل عضو المكتب التنفيذي السابق لـ"تواصل".

وعمر الفتح أبرز قيادات تنظيم الإخوان المنحدرين من مناطق شرق موريتانيا، وأحد أوائل المؤسسين للتنظيم، وشغل عضو مكتب تنفيذي، وانتخب منذ 2007 سيناتور في مجلس الشيوخ السابق لصالح حزب "تواصل" الإخواني عن دائرة "كيفة" شرق البلاد، التي تعد ثاني أكبر مدينة موريتانية من حيث الكثافة السكانية بعد نواكشوط.

وخلال الأسابيع الماضية زادت حدة الانشقاقات والانقسامات في صفوف تنظيم الإخوان بموريتانيا، بعدما أعلن دعمه للمرشح ولد بوبكر.

وضمن أبرز هذه الاستقالات من التنظيم في الآونة الأخيرة عضو المجلس الجهوي لولاية لبراكنة (وسط) عن التنظيم عبدالقادر الكيحل على رأس كتلة سياسية محلية، وكذلك الأستاذ الجامعي عبدالله ولد أحمد الهادي.

بالإضافة إلى انشقاقات مجموعات شبابية كانت ناشطة سابقا في الحزب بولاية الحوض الشرقي الموريتانية، يقودها القيادي الكنتي ولد سيدي أعمر.

وبدأت موجة الانشقاقات بإعلان القيادي المؤسس لحزب إخوان موريتانيا "تواصل" المختار ولد محمد موسى في 13 فبراير/شباط الماضي مغادرة التنظيم، ودعم المرشح للرئاسيات عن الأغلبية محمد ولد الغزواني.

ويمثل انشقاق القيادات الإخوانية الأخيرة المنحدرة أساسا من المنطقة الشرقية والتحاقها بمرشح الأغلبية أكبر ضربة لخطط التمدد السياسي التي بدأها التنظيم خلال السنوات الأخيرة نحو هذه المناطق، وخسارة انتخابية للمرشح الرئاسي المدعوم من التنظيم رئيس الوزراء الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر.

تحذيرات من مجاعة

وحذر برنامج الغذاء العالمي من مجاعة توشك أن تهدد أكثر من نصف مليون مواطن موريتاني خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بسبب نقص الأمطار.

وأوضحت ريناتو بالي الممثلة المساعدة للبرنامج في موريتانيا، في تصريحات صحفية، معتمدة على تقرير للبرنامج، أن "89% من الأشخاص المهددين بالجوع يعيشون في ولايات غورغول والعصابة وكيدماغه والحوض الغربي والبراكنة وتغانت وهي مناطق تدرجها الحكومة الموريتانية ضمن ما يسمى مثلث الأمل، وتقع كلها في الجنوب على مقربة من الحدود مع مالي".

وأكدت المسؤولة الأممية أن "مساعدة المتضررين من المجاعة في المناطق المذكورة تتطلب تخصيص 7 ملايين دولار"، داعية إلى "إيجاد حل نهائي لمشكلة المجاعة التي تتكرر كل عام في هذه المناطق".

وحسب تقارير برنامج الغذاء العالمي، فإن موريتانيا البلد الساحلي القاحل تعاني من نقص حاد في الغذاء، حيث يواجه سكان الولايات المذكورة كوارث عدة كل ثلاث سنوات بينها المجاعة وهجوم الجراد المهاجر والفيضانات.

وأوضح برنامج الغذاء العالمي أن "400 ألف مواطن موريتاني واجهوا خلال العام الماضي مجاعة شديدة بسبب نقص الأمطار".

مشروع لإعادة كتابة تاريخ البلاد 

وفي سياق آخر، أكد وزير الثقافة الموريتاني سيدي محمد ولد محم، أن الحكومة اتخذت كل الإجراءات اللازمة لإنجاح مشروع إعادة كتابة تاريخ موريتانيا بإشراف كتاب وباحثين مختصين في كتابة التاريخ بموضوعية ودون تحريف.

جاء ذلك في تصريحات خلال ندوة بعنوان "إعادة كتابة تاريخ موريتانيا" بالعاصمة نواكشوط، الأحد، بمناسبة انطلاق موسم الفضاءات الثقافية لهذا العام بمشاركة مجموعة من الكتاب والباحثين الذين تم اختيارهم للمساهمة في إعادة كتابة تاريخ البلد، بحسب الوكالة الموريتانية للأنباء الرسمية.