موريتانيا في أسبوع.. 6 مرشحين للرئاسة وانشقاقات عنيفة تضرب الإخوان
إغلاق المجلس الدستوري باب الترشح للانتخابات الرئاسية وانشقاق قيادات عن حزب الإخوان ودعمهم لمرشح الأغلبية من أبرز أحداث موريتانيا
سجلت موريتانيا، الأسبوع الماضي، أحداثا سياسية بارزة بدأت بعرقلة إخوانية لعملية تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات، وصولا إلى إصدار المجلس الدستوري القائمة المؤقتة للمتنافسين الذين تقدموا بملفات ترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة في البلاد.
كما شهد حزب إخوان موريتانيا "تواصل" تفاقم أزمات التفكك داخله مع تسجيل 3 حالات انشقاق متتالية، بين صفوف القادة البارزين للتنظيم والتحاقهم بمرشح الأغلبية للرئاسيات محمد ولد الغزواني بالإضافة إلى عشرات الانسحابات من مجموعات شبابية كانت ناشطة سابقا في الحزب .
6 مرشحين للرئاسة
وكشف المجلس الدستوري الموريتاني، الخميس، عن لائحة من 6 مرشحين فقط هم من تقدموا بملفاتهم، قبل انتهاء الفترة الزمنية المخصصة لإيداع هذه الترشحات، والتي انتهت منتصف ليل الأربعاء المنصرم.
وأوضح المجلس أنه اجتمع بعد انتهاء فترة الإيداع القانونية للترشحات "لترتيب اللائحة المؤقتة للمرشحين للرئاسيات التي ستجري جولتها الأولى بتاريخ 22 يونيو/حزيران 2019".
واستعرض المجلس الدستوري اللائحة المؤقتة للمترشحين الستة، مرتبا إياهم حسب التسلسل الزمني لتوقيت الإيداع، والتي تضم كلا من: (محمد الشيخ محمد أحمد الشيخ الغزواني، مرشح الأغلبية، والوزير الأول الأسبق سيدي محمد ببكر بوسالف وهو مرشح مدعوم من الإخوان، ثم النائب البرلماني والحقوقي بيرام ولد الداه ولد أعبيد المرشح للرئاسيات عن حزب "الصواب").
وشملت القائمة كذلك: (رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود، المدعوم من حزبي التكتل وأيناد المعارضين، والمرشح الشاب التكنوقراط محمد الأمين ولد المرتجي ولد الوافي، وهو إداري مالي، وأخيرا رئيس حزب الحركة من أجل إعادة التأسيس كان حاميدو بابا، المدعوم من تحالف أحزاب "العيش المشترك"، المعروفة بأحزاب الزنوج الموريتانيين).
وتكشف هذه اللائحة عن خريطة التنافس الفعلي لرئاسيات المقبلة، رغم إعلان أكثر من 11 شخصا بينهم سيدة في الأسابيع الماضية نيتهم الترشح لهذا السباق، قبل أن تعرقل التزكيات المائة التي يشترط المجلس الدستوري الحصول عليها من المستشارين البلدين، قبل قبول ملفات المتقدمين للاستحقاق الانتخابي.
الإخوان تعرقل "الحكماء"
وشهد الأسبوع المنصرم أيضا عرقلة تنفيذ اتفاق سابق بين الحكومة والمعارضة حول إعادة تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات، بما يسمح للمعارضة بزيادة ممثليها بـ3 أعضاء جدد في لجنة الحكماء التي تسير عمل اللجنة؛ بسبب اعتراض الحكومة على الأسماء المقدمة من المعارضة.
ورغم أن الجانبين حسما الأسبوع قبل الماضي عدد المقاعد المخصصة للمعارضة، حيث عهد إليها بتسمية 3 من الأشخاص ليمثلوها في هذه اللجنة؛ فإن الجانبين عادا هذا الأسبوع إلى المربع الأول؛ بسبب رغبة الحكومة بإضافة سيدة من بين ممثلي المعارضة ورفض الأخيرة لتغيير الأسماء الثلاثة.
مواقع إخبارية موريتانية كشفت بدورها عن أن الحكومة قد اعترضت على تمثيل الإخواني أحمد الوديعة للمعارضة في هذه اللجنة، بدعوى أن الحكومة تريد لجنة "هادئة"، في إشارة إلى شخصية الإخواني "وديعة" المثيرة للجدل على الساحة الموريتانية.
تداول اسم الإخواني "الوديعة" كممثل محتمل للمعارضة في لجنة "الحكماء" الانتخابية، كانت قد أثارت الأسبوع المنصرم ردود فعل منتقدة للخطوة على منصات التواصل الاجتماعي الموريتانية.
وينص القانون على أن اللجنة المستقلة للانتخابات يتم تعيين أعضائها بشكل توافقي من لائحة مكونة من 22 عضوا يجري إعدادها بناء على اقتراح مقدم من طرف الأغلبية والمعارضة بواقع 11 عضوا يقترحهم كل فريق.
الكاتب والمحلل السياسي محمد ولد محمد فال اعتبر، في تصريحات صحفية، أنه ليس من "الحكمة أن نسمي شخصا يدعو إلى الرطانة (الكلام الأعجمي غير المفهوم) ويسيء إلى اللغة العربية في هذه الأرض"، في إشارة إلى مواقف مثيرة للإخواني وديعة من بعض القضايا الوطنية الموريتانية.
أما الكاتب والمحلل السياسي أحمدو الشاش فربط بين تسمية الإخواني "وديعة" عضوا بلجنة الحكماء وسلوك التنظيم الإرهابي عموما.
وقال الشاش، في تصريحات صحفية، إن "الإخوان قدموا أفضل ما لديهم، وهو الوديعة، وهو شخص يجيد الكلام خارج المطلوب وهذا هدف من أهداف التنظيم".
موجة انشقاقات بحزب الإخوان
وسجلت الأيام الماضية، موجة قوية للانشقاقات التي تعصف بالإخوان، منذ عدة أشهر مع إعلان 3 قيادات انشقاقها والتحاقها بمرشح الأغلبية لرئاسيات موريتانيا محمد ولد الشيخ محمد أحمد.
أحدث المنشقين كان رجل الأعمال الموريتاني، أسلكو ولد حيده، الذي قرر مغادرة التنظيم والالتحاق بركب المرشح الغزواني.
ولد حيده الذي ظهر في اجتماع مع مرشح الأغلبية ولد الغزواني معلنا دعمه للأخير، يُعَد من أبرز نشطاء حزب إخوان موريتانيا "تواصل" في المناطق الشرقية خلال الفترة الأخيرة؛ ما يشكل ضربة قوية للحزب الإرهابي الذي يعاني موجة تصدع وانقسامات غير مسبوقة منذ إنشائه سنة 2007.
وسبق انشقاق ولد حيده بأقل من يومين انشقاق قياديين آخرين هما: الشيخ عمر الفتح، سيناتور حزب إخوان موريتانيا "تواصل" السابق، والقيادي البارز في التنظيم، ثم أحمد سالم ولد الفاضل عضو المكتب التنفيذي السابق لـ"تواصل".
ويلتحق القادة الثلاثة المنشقون حديثا بالعديد من الكوادر التنظيمية والشبابية والقيادات المؤسسة، التي بدأت في ترك الحزب منذ أشهر عدة.
وسالم ولد الفاضل هو أستاذ الإعلام بجامعة "العيون" الحكومية، ويعد من بين القيادات الأكاديمية البارزة في الحزب، حيث كان قد شغل رئاسة جامعة "عبدالله بن ياسين" المحسوبة على التنظيم التي تم إغلاقها قبل أشهر من طرف السلطات الموريتانية.
أما عمر الفتح فهو أبرز قيادات تنظيم الإخوان المنحدرين من مناطق شرق موريتانيا، وأحد أوائل المؤسسين للتنظيم، وشغل عضو مكتب تنفيذي، وانتخب منذ 2007 سيناتور في مجلس الشيوخ السابق لصالح حزب "تواصل" الإخواني عن دائرة "كيفة" شرق البلاد، التي تعد ثاني أكبر مدينة موريتانية من حيث الكثافة السكانية بعد نواكشوط.
واجتمع القياديان المنشقان حديثا، مساء الإثنين الماضي، بمرشح الأغلبية لرئاسيات موريتانيا محمد ولد الغزواني، معلنين دعمها للمرشح في الانتخابات الرئاسية المنتظر إجراؤها في الـ22 يونيو/حزيران المقبل؛ ما يشكل ضربة قوية للتنظيم الذي يواجه بحسب المراقبين المزيد من التفكك والتصدع الداخلي.
وخلال الأسابيع الماضية، زادت حدة الانشقاقات والانقسامات في صفوف تنظيم الإخوان بموريتانيا، بعدما أعلن دعمه للمرشح ولد بوبكر.
وضمن أبرز هذه الاستقالات من التنظيم في الآونة الأخيرة كل من عضو المجلس الجهوي لولاية لبراكنة (وسط) عن التنظيم عبدالقادر الكيحل على رأس كتلة سياسية محلية، وكذلك الأستاذ الجامعي عبدالله ولد أحمد الهادي.
بالإضافة إلى انشقاقات مجموعات شبابية كانت ناشطة سابقا في الحزب بولاية الحوض الشرقي الموريتانية، يقودها القيادي الكنتي ولد سيدي أعمر.
وبدأت موجة الانشقاقات بإعلان القيادي المؤسس لحزب إخوان موريتانيا "تواصل" المختار ولد محمد موسى، في 13 فبراير/شباط الماضي مغادرة التنظيم ودعم المرشح للرئاسيات عن الأغلبية محمد ولد الغزواني.
أسوأ مراحل الإخوان
ويمثل انشقاق القيادات الإخوانية الأخيرة المنحدرة أساسا من المنطقة الشرقية والتحاقها بمرشح الأغلبية أكبر ضربة لخطط التمدد السياسي التي بدأها التنظيم خلال السنوات الأخيرة نحو هذه المناطق، وخسارة انتخابية للمرشح الرئاسي المدعوم من التنظيم رئيس الوزراء الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر.
الكاتب والباحث في الفكر الإسلامي مهدي محيي الدين علق على توالي انسحاب القيادات الإخوانية المنحدرة من المناطق الشرقية عن التنظيم، معتبرا أن وجوده انتخابيا في هذه المناطق ليس له أي بعد فكري، وإنما ظرفي مرتبط بالتحالف مع الشخصيات المحلية.
واعتبر المهدي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن التنظيم يتوهم أن له وجودا هناك لكنه في الحقيقة يصطدم في كل مرة بأن الأمر ليس "سوى مجرَّد مناورات (المغاضبين)، وأنه حين الجد سيرجع سكان هذا المناطق إلى مواقع الطبيعية خارج التنظيم".
وأضاف الباحث المهدي أنَ "ما وصفها بشواهد المنسحبين من حزب الإخوان (تواصل) تؤكِّد أنَّ الإيديولوجيا لا يمكنها بحال أن تصمد أمام تطلُّعات ومصالح المجموعات السياسية والاجتماعية التقليدية"، على حد تعبيره.
وخلص الباحث في الفكر الإسلامي إلى أنَّ هذه الانسحابات التي شهدها حزب الإخوان الإرهابي تشكِّل أسوأ مراحله منذ تأسيسه، مبينا أنه لم يبقَ به من يشكِّل قوة يمكنها أن تنافس الأغلبية في موريتانيا محمد ولد الغزواني.