نزيف إخوان موريتانيا مستمر.. انشقاق أبرز قيادات "تواصل"
الانشقاق يشكل أحدث موجة من التصدعات والانشقاقات التي تعصف بالجماعة منذ أشهر وضربة للتنظيم الذي يشهد نزيفا من الانسحابات
قرر القيادي في حزب إخوان موريتانيا (تواصل) عمر الفتح الانشقاق عن التنظيم والالتحاق بمرشح الأغلبية لرئاسيات الـ22 يونيو 2019 محمد ولد الغزواني.
- موريتانيا بأسبوع.. تصدعات داخل الإخوان واستياء شعبي من تنظيم "الحمدين"
- مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.. صراعات جديدة تضرب "إخوان موريتانيا"
ويشكل الانشقاق القيادي الإخواني أحدث موجة من التصدعات والانشقاقات التي تعصف بالجماعة منذ أشهر، وضربة للتنظيم الذي يشهد نزيفا من الانسحابات طال حتى الآن الكوادر المؤسسة والأطر الشبابية والقواعد الشعبية في المناطق الداخلية من البلاد.
وعمر الفتح هو أبرز قيادات تنظيم الإخوان المنحدرين من مناطق شرق موريتانيا، وأحد أوائل المؤسسين للتنظيم، وشغل عضو مكتب تنفيذي، وانتخب منذ 2007 سيناتور في مجلس الشيوخ السابق لصالح حزب "تواصل" الإخواني عن دائرة "كيفة" شرق البلاد، التي تعد ثاني أكبر مدينة موريتانية من حيث الكثافة السكانية بعد نواكشوط.
ويمثل انشقاق القيادي الإخواني والتحاقه بمرشح الأغلبية أكبر ضربة لخطط التمدد السياسي التي بدأها التنظيم خلال السنوات الأخيرة نحو مناطق الشرق الموريتاني، وخسارة انتخابية للمرشح الرئاسي المدعوم من التنظيم رئيس الوزراء الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر.
صراعات محتدمة
وكان محمد جميل منصور، الرئيس السابق المؤسس لحزب إخوان موريتانيا (تواصل)، وجه في الأيام الأخيرة انتقادات ضمنية إلى قيادات الإخوان على خلفية موقفهم من دعم المرشح الرئاسي رئيس الوزراء سيدي محمد ولد بوبكر.
وشكلت سلسلة تدوينات ولد منصور وأكبر منظري التنظيم في موريتانيا، المنتقدة لخطه السياسي، ضربة قوية لوحدة التنظيم الداخلية في مقتل، ووجهت له أكبر صفعة لحزبه منذ إنشائه عام 2007.
وفند ولد منصور في تلك التدوينات الدعاية السياسية للإخوان التي تصف مرشحا للرئاسيات ولد بوبكر بـ"المدني"، فيما بدا من جهة أخرى في مواقفه الجديدة داعما أكثر من مرشح الأغلبية محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني دون أن يسميه.
بعض المراقبين والمتابعين لشؤون التنظيم توقعوا أن يعلن أرفع قيادي في التنظيم (ولد منصور) قريبا انشقاقه عن الإخوان ودعمه لهذا المرشح، أسوة بمن سبقوه من القيادات الإخوانية البارزة التي بدأت في الآونة الأخيرة القفز من سفينة التنظيم الغارقة في وحل الصراع والتناقضات وفق وصف بعض المراقبين.
مطرقة الانشقاق وسندان الإغلاق
وخلال الأسابيع الماضية زادت حدة الانشقاقات والانقسامات في صفوف تنظيم الإخوان بموريتانيا، بعدما أعلن حزب "تواصل" دعمه للمرشح ولد بوبكر، لتتواصل الانشقاقات والانسحابات من التنظيم للشهر الثالث على التوالي بوتيرة شبه أسبوعية تقريبا.
وتسارعت وتيرة الانشقاقات عقب قرارات الحزب الأخيرة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المرتقبة شهر يونيو/حزيران المقبل.
وضمن أبرز هذه الاستقالات من التنظيم في الآونة الأخيرة كل من عضو المجلس الجهوي لولاية لبراكنة عن التنظيم عبدالقادر الكيحل على رأس كتلة سياسية محلية، وكذلك الأستاذ الجامعي الدكتور عبدالله ولد أحمد الهادي، بالإضافة إلى انشقاقات مجموعات شبابية كانت ناشطة سابقا في الحزب بولاية الحوض الشرقي الموريتانية، يقودها القيادي الكنتي ولد سيدي أعمر.
ومن بين المنشقين كذلك القيادي البارز في الحزب سالم ولد همد مرشح الحزب سابقا في مقاطعة "المذرذرة"، إضافة لمحمد عبدالجليل، القيادي في التنظيم وعضو مجلس شورى حزب "تواصل".
ومن بينهم كذلك القيادي بالتنظيم عبدالرحمن باباه، النائب البرلماني السابق عن دائرة "واد الناقة" شرقي العاصمة، وقبله انشقت قياديتان وأستاذتان جامعيتان كانتا أعلنتا قبل فترة وجيزة انضمامها لمرشح الأغلبية للرئاسيات محمد ولد الغزواني.
ودشن موجة الانشقاقات هذه القيادي المؤسس لحزب إخوان موريتانيا "تواصل" المختار ولد محمد موسى، الذي قرر في الـ13 فبراير الماضي مغادرة التنظيم ودعم المرشح للرئاسيات عن الأغلبية محمد ولد الغزواني.
ولا يعد انشقاق القيادات وتمرد الكتل الشعبية عن سيطرة التنظيم، فحسب، المأزق الوحيد الذي يتردى فيه التنظيم الإرهابي على الساحة الموريتانية، بل تأتي هذه الانشقاقات متناغمة مع استمرار حملة الهدم والإغلاق ضد الجمعيات المحسوبة عليه، التي بدأت هي الأخرى تسقط تباعا وبوتيرة متصاعدة في قبضة الأمن.
فبعد إغلاق جمعية "يدا بيد" مؤخرا جاء الدور على جمعية "الإصلاح"، وهما جمعيتان محسوبتان على "الإخوان" ويديرهما أشخاص ينشطون في حزب "تواصل" الذي يمثل الواجهة السياسية للتنظيم.
وتأتي حملات الإغلاق الجديدة للجمعيات المحسوبة على التنظيم في سياق حملة بدأت في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، وكانت سبقتها تصريحات للرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في 20 من الشهر نفسه اتهم فيها الإخوان بـ"تدمير البلدان العربية"، ليشير لاحقا -وبشكل ضمني- في خطاب بمناسبة عيد استقلال البلاد ألقاه في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي "إنهم يتاجرون بالدين لخدمة أجنداتهم ومصالحهم الضيقة".
وما بين مطرقة الانشقاقات وسندان إغلاق الجمعيات يترنح التنظيم ويتلقى الضربات التي تهدد كيانه، وفق ما يخلص إليه الكثير من المراقبين للوضع الموريتاني.