خبراء موريتانيون يشيدون بتحقيق البرلمان في فساد الرئيس السابق
اللجنة الاقتصادية في البرلمان الموريتاني وافقت على إنشاء لجنة للتحقيق في أبرز الملفات خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز
أشاد عدد من الخبراء الموريتانيين بفتح البرلمان تحقيقات في فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، واعتبروها خطوة مهمة نحو الشفافية، ومحاربة الفساد.
- الحزب الحاكم في موريتانيا يختار السفير السابق بواشنطن رئيسا له
- إخوان موريتانيا في 2019.. صراعات وانشقاقات وفساد
وأجازت اللجنة الاقتصادية في البرلمان الموريتاني الثلاثاء، قبول طلب تقدم به قبل شهرين عدد من النواب لإنشاء لجنة للتحقيق في أبرز ملفات فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، بإجماع كل الكتل البرلمانية.
وأحال مؤتمر الرؤساء في البرلمان الموريتاني، قبل ذلك بيوم، بحسب الوكالة الموريتانية للأنباء، مقترحا لتشكيل هذه اللجنة التي ستحقق في تسيير الرئيس السابق لملفات من بينها "صندوق العائدات النفطية"، و"عقارات الدولة التي تم بيعها في نواكشوط"، بالإضافة إلى صفقات في مجال الطاقة، وفي إفلاس إحدى الشركات المملوكة للدولة.
ويسيطر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا على الأغلبية الساحقة في البرلمان، وهو ما يعني أنه سيكون الأكثر تمثيلا في تشكيل هذه اللجنة، وفق النظام الداخلي للجمعية الوطنية الموريتانية (البرلمان).
النائب البرلماني محمد الأمين سيدي مولود اعتبر أن مهمة إنشاء اللجنة من البرلمانيين قد انتهت مع قبول المقترح لتبدأ مسؤولية أعضاء الكتلة البرلمانية التي تسيطر على الأغلبية في تحقيق هدف إنشاء هذه اللجنة، والتي سيكون لها التمثيل الأكبر في تشكيلها.
تشكيل اللجنة
الوزير والرئيس السابق للحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم، نوه بأهمية تشكيل هذه اللجنة، معبرا عن الاستعداد الكامل للتعاون مع أي تحقيق برلماني أو قضائي أو إداري أو مستقل في هذا الموضوع.
واعتبر ولد محم، وهو أيضا محامٍ معتمد لدى المحاكم الموريتانية، في تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك"، أن هذا الاستعداد ينطلق من إيمانه بضرورة نشر الشفافية في الحياة العامة، وضرورة أن يتحمل البرلمان كمؤسسة رقابة قوية مسؤوليته كاملة في الرقابة.
وشدد الوزير السابق على "حق الموريتانيين في معرفة التفاصيل الدقيقة لأوجه صرف أموالهم وفيمَ تصرف، وكذلك من أين لمسؤوليهم مالَهم من مالٍ وكيف اكتسبوه ومن أين".
استرجاع الثروات
أما الكاتب والمدير المساعد للوكالة الموريتانية للأنباء سيدي محمد ولد معي، فعبر عن أمنياته بوجود هيئة مدنية أغلبها من القانونيين والإعلاميين ولديها هدف واحد؛ ألا وهو استرجاع ما دعاها "ثروة البلاد المنهوبة"، في إشارة إلى شبهات تسيير الرئيس السابق ولد عبدالعزيز.
وأضاف ولد معي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن موريتانيا بحاجة إلى ما سماه بـ"تحالف قوي ضد الفساد الذي يحتاج التلاحم بين السلطات المعنية والمجتمع المدني"، على حد تعبيره.
وأشار إلى أهمية أن تكون النخب مستعدة لتتبع ما سماها "حركة المال المنهوب" والتبليغ وتقديم شكوى جماعية ضد من وصفهم بالمفسدين، حتى لا يتحول الأمر إلى الواقع الحالي، في إشارة إلى التحقيق البرلماني في شبهات فساد فترة الرئيس السابق.
وبيّن الكاتب والمحلل السياسي ولد معي أن البلاد بحاجة لعمل مدني منظم ومؤسس قانونيا ضد الفساد، كما أنها بحاجة لأحزاب ومنظمات مدنية ناشطة يكون هدفها الأول محاربة الفساد والمفسدين.
وخلص ولد معي إلى أن الوسائل التقليدية لم تعد تكفي لمحاربة الفساد، مطالبا بإيجاد "ظهير مدني وإعلامي، وتطوير آليات المتابعة والرقابة وإشراك المجتمع المدني".
مخاطر الفساد
الكاتب والمحلل السياسي سعيد حبيب شدد على أهمية هذه اللجنة البرلمانية التي عهد إليها بفتح تحقيق في تسيير بعض المؤسسات الحكومية خلال فترة حكم الرئيس السابق، مشيرا إلى "أن ممارسات الفساد أخطر من الإرهاب"، على حد تعبيره.
وأشار الكاتب حبيب في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" إلى أن تشكيل هذه اللجنة فضلا عن دوره في محاربة الفساد، فهو أيضا يدخل في إطار التلويح المستمر من السلطات الحاكمة لوقف طموح الرئيس السابق ومحاولته الفساد للعودة إلى المشهد السياسي.
وأوضح الكاتب سعيد حبيب أن الهدف المعلن هو استرداد أموال تم جمعها بطرق غير شرعية، وهي سابقة من نوعها في البلد، معبرا عن الأمل في أن تستمر هذه السياسة الجديدة كمظهر للشفافية ومحاربة الفساد وتعزيز الرقابة على تسيير الشأن العمومي في البلد.
حسم سياسي
وكان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، قد اختار خلال مؤتمر عام عقده نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، سفير البلاد السابق بواشنطن سيدي محمد ولد الطالب أعمر، رئيسا له خلفا لسيدنا عالي ولد محمد خونا المقرب من الرئيس السابق ولد عبدالعزيز.
وتمكن الحزب الحاكم من طي صفحة الرئيس السابق ولد عبدالعزيز، على خلفية عودته في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى البلد ومحاولة الهيمنة مجددا على الحزب، قبل أن ترفض الأغلبية البرلمانية للحزب ومنتخبيه هذه العودة وتتمسك بالغزواني "مرجعية" حصرية للحزب.
كما حذر قادة بارزون للحزب من دخوله في حالة من "التشويش والارتباك"، في ظل تلك المحاولات الفاشلة للرئيس السابق للسيطرة على المشهد السياسي مجددا عقب خروجه من السلطة نهاية شهر يوليو/تموز الماضي.