وجّه الدكتور نايف الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، يوم الأربعاء الماضي.
رسائل إلى وزراء خارجية كل من: الولايات المتحدة، وروسيا الاتحادية، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والتي تعرف أيضاً بـ “5+1” والمختصرة للدول الأعضاء الخمس في مجلس الأمن، مضافاً إليها ألمانيا، والتي تقوم بعملية التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي، حيث تم التوصل إلى اتفاق معها في عام 2015 في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
وكان قد تم إيقاف العمل بهذه الاتفاقية في 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب بعد أن استغلت إيران الاتفاقية في القيام بأعمال تزعزع استقرار المنطقة وتهدد المصالح الأمريكية فيها، ومع عودة الديمقراطيين بدأ الحديث مرة أخرى عن احتمالية العودة إلى التفاوض للعودة للعمل بالاتفاقية بعد إدخال تعديلات عليها، وقد تم عقد لقاءات غير مباشرة في فيينا يوم الثلاثاء الماضي، وهناك مؤشرات على وجود تفاهمات في بعض النقاط، ما يعطي مؤشرات إيجابية وإن كانت المفاوضات تسير بصعوبة.
فحوى رسائل الحجرف الممثل الرسمي للدول الخليجية الست، ضرورة الأخذ برأي دول التعاون الخليجي، فيما يخص مفاوضات فيينا من خلال إشراك هذه الدول في تلك المفاوضات. وأن تشمل تلك المفاوضات سلوك إيران المزعزع للاستقرار سواء بالتدخل في الشأن العربي أو بإرسال صواريخها الباليستية وهذا الموقف الخليجي المشترك له أسبابه الموضوعية:
أولها، أن التداعيات السياسية والأمنية التي تمخضت عن الاتفاقية السابقة التي وقعت بعيداً عن الدول الخليجية تسببت في تمدد إيران في الدول العربية والخليجية وتدخلها من خلال إثارة النعرات الطائفية التي غالباً ما تغلفها السياسة الخارجية الإيرانية في تعاملها مع جوارها الجغرافي، بل إن هذا الاستغلال وصل بقادة إيرانيين لأن يتفاخروا باحتلال عواصم عربية، وهو الأمر الذي لا يمكن أن تقبله أي دولة في العالم، وهي بغداد وبيروت وصنعاء ودمشق. والسبب الثاني: أن النظام الإيراني منذ قيامه في أواخر السبعينيات وهو يصر على التعامل مع الجوار بالغطرسة السياسية والفوقية التي لا تعترف بالتكافؤ مع جواره العربي على عكس ما يتعامل به مع الغرب الذين يتفاوضون معه، حيث يكون الخطاب معهم على مستوى الدول، في حين يستخدم خطاب الحرس الثوري مع الجوار العربي.
أما السبب الثالث: أن هناك متغيرات استراتيجية حدثت في المنطقة خلال العقد الماضي؛ أهمها أن الدول الخليجية صاغت علاقاتها مع الدول الكبرى والإقليمية الأخرى مثل الهند، وفق مصالحها الوطنية ولم تعد ترهنها لأمزجة الإدارات الرئاسية في الغرب، خاصة الولايات المتحدة التي جعلت من علاقاتها متأثرة وفق طبيعة العلاقة مع إيران. وبالتالي لن تقبل أن تفرض عليها اتفاقات الآخرين في موضوع استقرار منطقتهم. أما السبب الرابع والأخير: هناك إدراك خليجي بأن إيران تريد استغلال الاتفاقات التي يمكن أن تتم مع الغرب في تنفيذ مشروعاتها السياسية التخريبية في المنطقة والهروب من العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها وعدم الالتفات إلى أزماتها الداخلية وما تحدثه تدخلاتها في الجوار الجغرافي من تحديات ومصاعب.
على كل حال، فما بين إيران والديمقراطيين، ودّ مستتر أو خفي فيما يخص ملفات المنطقة من أيام إدارة أوباما، ولكن ينبغي ألا يكون على حساب دول مجلس التعاون الخليجي أو الدول العربية، لأن استقرار هذه الدول هو جزء من الأمن العالمي.
الخليجيون لم يعودوا يتقبلون ما يفرضه الآخرون مهما كانت مواقعهم في السياسة الدولية حتى لو كانت تلك المواقف نابعة من الحلفاء الاستراتيجيين، خاصة بعدما تأكد لهم أن الأمن الخليجي لم يعد بتلك الأولوية التي كان عليها وقت تأسيس مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، وبالتالي هناك شعور بالقلق من المواقف الأمريكية تجاه المنطقة، خاصة أن إدارة الرئيس جو بايدن لم توضح بعد سياستها الخارجية تجاه المنطقة حتى الآن. أما سياسة الطمأنة كما حدث في الاتفاق السابق فإنها لم تعد مقنعة بعدما حدثت تداعيات على خلفية الاتفاق النووي في عام 2015.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة