وسط تفشي الحصبة.. خبير يحذر من دخول «عصر ما بعد مناعة القطيع»

حذر خبير مناعة أمريكي بارز من أننا دخلنا "عصر ما بعد مناعة القطيع"، في ظل تفشي الحصبة.
وتشهد الولايات المتحدة أكبر تفشٍ للحصبة منذ 25 عاما، حيث تمركزت الحالات في غرب تكساس وأسفرت عن وفاة طفلين غير مطعمين وبالغ واحد، كما امتدت الإصابات إلى ولايات مجاورة مثل نيو مكسيكو وأوكلاهوما.
وسجلت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها حتى 1 مايو/أيار 935 حالة مؤكدة في 30 منطقة، مع دخول 285 طفلا دون سن الخامسة إلى المستشفى.
وقال الدكتور بول أوفيت، مدير مركز التوعية حول اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا: "نعيش في عالم ما بعد مناعة القطيع، وتفشي الحصبة دليل واضح على ذلك، والحصبة، كونها الأكثر عدوى بين جميع الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، هي أول من يعود".
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت القضاء على الحصبة في عام 2000، إلا أن هذا الوضع مهدد في حال استمر انتقال الفيروس داخليا لمدة 12 شهرا متواصلة.
وبحسب منظمة الصحة للبلدان الأمريكية، تمثل ثلاثة تفشيات كبرى في كندا والمكسيك والولايات المتحدة معظم حالات الحصبة البالغ عددها نحو 2300 في الإقليم، مع ارتفاع خطر الإصابة بالحصبة بمقدار 11 ضعفًا مقارنة بعام 2024.
وفي أوروبا، أظهر تقرير مشترك لمنظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض أن الحالات ارتفعت عشرة أضعاف في 2024 مقارنة بالعام السابق، مع تسجيل 87% من الحالات (أكثر من 35 ألفًا) في رومانيا. ويعود سبب التفشي إلى تراجع التغطية بالتطعيم، حيث لم تحقّق سوى ثلاث دول ،المجر ومالطا والبرتغال، نسبة تغطية تزيد عن 95% لكلتا جرعتي اللقاح.
وفي المكسيك، أوضحت الدكتورة ليتيسيا رويز، مديرة الوقاية ومكافحة الأمراض في ولاية تشيهواهوا، أن الفيروس انتقل عبر الحدود. ويرتبط جزء كبير من الحالات بمجتمعات مينونايت المحافظة، التي تنتقل تقلديا بين جنوب غرب الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وتتميز بعزلة لغوية وثقافية عن أنظمة الصحة العامة، ما يسهم في انخفاض معدلات التطعيم رغم أن عقيدتهم لا تحظره صراحة.
في الوقت نفسه، عبّر علماء المناعة عن قلقهم من تزايد خطر الأمراض المعدية بسبب تصريحات وزير الصحة الأمريكي، روبرت كينيدي جونيور، الذي يروج لمزاعم مضللة حول اللقاحات ويقوّض الثقة العامة بها. وقد أثار كينيدي الجدل مؤخرا بادعائه أن لقاح الحصبة يحتوي على "أنسجة أجنّة"، رغم أن اللقاح يعتمد على خطوط خلايا مستقرة من الستينيات.
كما زار كينيدي مقاطعة "غاينز" في تكساس، مركز التفشي، وادعى أن علاج الحصبة ممكن عبر المضاد الحيوي "كلاريثروميسين" والستيرويد "بوديزونيد"، وهو ما وصفته الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بأنه "مضلل وخطير"، إذ لا يوجد علاج للحصبة، والوسيلة الأنجع للوقاية منها هي التطعيم بلقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) الذي أثبت فعاليته بنسبة 97%.
الحصبة تقتل طفلًا من كل 1,000 حالة وتسبب مضاعفات خطيرة مثل التهاب الدماغ وفقدان المناعة. وقد ساهمت حملات التطعيم في إنقاذ أكثر من 93 مليون حياة حول العالم بين عامي 1974 و2024، وفقا لتقديرات دولية.