ذكرى حراك الجزائر.. مخطط أمني مضاد للاختراق وكورونا يتصدر
شهدت العاصمة الجزائرية، في الأيام الأخيرة، ومدن أخرى تعزيزات أمنية مشددة؛ تحسباً للذكرى الثانية للحراك الشعبي.
وتمر، اليوم الإثنين، الذكرى الثانية لاندلاع أضخم مظاهرات شعبية في 22 فبراير/شباط 2019، غداة ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، عمت جميع ولايات البلاد، وأجبرته على الاستقالة، وزجت بمعظم أركان رموزه في السجون بتهم فساد مختلفة.
- إخوان الجزائر في ذكرى الحراك.. تحذير من "الخطر الأعظم"
- للمرة الثانية بتاريخ الجزائر.. حل البرلمان وانتخابات مبكرة
ذكرى الحراك الثانية، لم تختلف مشاهدها من حيث الوجود الأمني الكثيف، خصوصاً بالعاصمة الجزائرية على مداخلها وفي شوارعها الرئيسية.
وتحولت العاصمة في الأيام الأخيرة إلى ما يشبه الثكنة الأمنية وسط انتشار مكثف لقوات الأمن بالزيين المدني والخاص بالشرطة، عند جميع مداخل العاصمة، بحواجز أمنية، وكذا سيارات الشرطة التي اصطفت بالشوارع التي كانت نقطة التقاء آلاف المتظاهرين في الحراك الشعبي.
كما عادت طائرات الهليكوبتر التابعة للمديرية العامة للأمن الجزائري (الشرطة) إلى سماء العاصمة في الأيام الأخيرة، والمخصصة لمراقبة الوضع.
وأجبرت جائحة كورونا على توقف مظاهرات الحراك الشعبي منذ مارس/أذار 2019، عقب إصدار السلطات الجزائرية قرارا بمنع التجمعات منعاً لتفشي الفيروس.
ورغم تراجع إجمالي الإصابات بالفيروس في العاصمة ومعظم مناطق البلاد، إلا أن كورونا ظل الهاجس المتجدد لكثير من الجزائريين ونشطاء الحراك، وسط غياب لمظاهر الاحتفالات أو حتى الحماس الثوري الذي تحدى التعزيزات الأمنية مصرا على مطالبه بالتغيير الجذري.
وعلى عكس الذكرى الأولى، ظهرت شوارع العاصمة الجزائرية هادئة في الأيام الأخيرة، خصوصاً بشوارعها التي كانت توصف بـ"ساحات الحراك" مثل "البريد المركزي" وشوارع "موريس أودان" و"ديدوش مراد" و"حسيبة بن بوعلي".
لا شيء يذكر إلى حد كبير بذكرى أضخم انتفاضة شعبية إلا أن ذلك الانتشار الأمني الكثيف بتلك الشوارع الرئيسية، التي أكدت السلطات الجزائرية أنها وضعت مخططاً أمنياً تحسباً لأي عمليات اختراق للمظاهرات المرتقبة في الذكرى الثانية للحراك الشعبي.
ويأتي ذلك مع تسارع وتيرة التحذيرات الرسمية والشعبية من خطر داهم تقوده جماعة الإخوان عبر ما وصف بـ"مؤامرة داخلية وخارجية" سرعان ما تكشف بأن المتهم الرئيسي فيها ما بات يسميه كثيرون بـ"ثالوث الإرهاب" وهي تنظيم القاعدة وحركة رشاد الإخوانية وفلول "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية المحظورة.
وجاء التحرك الأمني الكثيف بالعاصمة ومختلف المدن الكبرى الذي بدأ فعلياً منذ أكثر من 4 أسابيع، بعد ورود معلومات عن رصد الأجهزة الأمنية استنفارا إخوانياً غير مسبوق لاستغلال ذكرى الحراك باتجاه الفوضى والعنف.
وتصاعدت في المقابل دعوات تحريضية للإخوان، بدء بحركة رشاد الإخوانية ثم تنظيم القاعدة الذي دعا لاستئناف الحراك الشعبي بالجزائر ولوح بـ"عودة نشاطه الإرهابي داخل البلاد".
واعتقل الأمن الجزائري، صباح الاثنين، الإخواني علي بلحاج الرأس الثانية في "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية المحظورة بعد توجهه من منزله بمنطقة "القبة" للمشاركة في المظاهرات.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي، صدر بحق "بلحاج" قرارا بمنعه من النشاط السياسي ووضعه تحت الإقامة الجبرية، إلا أنه واصل تحركاته آخرها ما رصدته الأجهزة الأمنية عن عقده لقاء سرياً بمنطقة الكاليتوس بالعاصمة مع عناصر من فلول "الجبهة الإخوانية" وضعوا خلالها مخططاً تصعيدياً ضد الشرطة بالتزامن مع مظاهرات الذكرى الثانية للحراك، وفق ما انفردت به "العين الإخبارية" نقلا عن مصادر أمنية جزائرية.
وزادت اعترافات الإرهابي "أبو الدحداح" من هواجس السلطات الجزائرية وشريحة واسعة من الحراك، خصوصاً بعد أن كشف عن خيوط تنسيق دقيق بين التنظيم الإرهابي المسمى "القاعدة ببلاد المغرب العربي" وقيادات إخوانية هاربة من حركة رشاد الإرهابية وأخرى داخل البلاد.
في سياق متصل، ذكر مواطنون جزائريون لـ"العين الإخبارية" من ولاية سطيف الواقعة شرقي البلاد، أن متظاهرين من المدينة قاموا، صباح الإثنين، بطرد عناصر "تحمل راية حركة الماك الانفصالية" من المسيرة، بعد أن رددت شعارات مناوئة للجيش، وفق المصادر ذاتها.
بالتوازي مع ذلك، ذكرت أوساط حقوقية بأن الشرطة الجزائرية أوقفت طالبين، الأحد، بالعاصمة وبومرداس المجاورة، بتهمة "التجمهر غير المسلح".
ووسط كل ذلك، أصر نشطاء من الحراك على دعواتهم للخروج، الاثنين، في مظاهرات بجميع محافظات البلاد، احتفالاً بذكرى ما يصفونه بـ"ثاني ثورة شعبية في تاريخهم" وتذكيرا للسلطة على إصرارهم لمطالب التغيير الجذري.
وسارعت السلطات الجزائرية لاتخاذ إجراءات تهدئة جديدة عشية الاحتفال بالذكرى الثانية للحراك التي باتت تسمى رسمياً بـ"العيد الوطني للتلاحم بين الجيش وشعبه".
وأعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن عفو رئاسي شمل نحو 60 من معتقلي المظاهرات الشعبية بينهم المعارض البارز والمثير للجدل رشيد نكاز الذي نفى بعد خروجه "تعرضه لسوء معاملة داخل السجن"، وكذا الصحفي خالد درارني.
وشهدت بعض المدن الجزائرية في الأيام الأخيرة مسيرات حاشدة إحياء للذكرى الثانية للحراك الشعبي، بينها مظاهرة في ولاية خنشلة التي كانت مهدا لاندلاع أول مظاهرة شعبية ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة في 19 فبراير/شباط 2019، ومدينة خراطة التابعة لولاية جيجل، ترددت خلالها مطالب التغيير الجذري، وأخرى رافضة للنظام القائم.
aXA6IDE4LjExOS4xMzcuMTc1IA== جزيرة ام اند امز