سحب المرتزقة.. مناقشات جادة لـ"باتيلي" بدول الجوار الجنوبي لليبيا
خطوات جادة ومتسارعة قادت الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا عبدالله باتيلي إلى 3 دول أفريقية، حاملا معه أحلام الليبيين.
زيارة ثلاثية قام بها باتيلي إلى دول الجوار الليبي (السودان وتشاد والنيجر)، أكد فيها بمحطاتها الثلاث أن "أمن ليبيا من أمن المنطقة بأسرها"، قبل إزاحة الستار عن أبرز تفاصيلها في بيان له، وهو التركيز "على تجديد الالتزام المشترك إزاء جهود سحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا".
وهذه أول زيارة يقوم بها المبعوث الأممي، منذ توليه منصبه، إلى دول جوار جنوب ليبيا وهي (السودان وتشاد والنيجر)؛ حيث ناقش باتيلي مع كبار المسؤولين في هذه الدول "سبل إرساء السلام والاستقرار ورفع كفاءة التنسيق بين البلدان المعنية بهذا الملف".
دعم لجنة 5+5
زيارة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الدول الأفريقية الثلاث جاء في إطار الدعم المقدم لخطة عمل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، التي تم بموجبها إنشاء لجان التواصل في ليبيا والسودان وتشاد والنيجر.
وتشارك الدول الأفريقية الثلاث "ليبيا" في همومها وجهودها لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في هذا البلد الشمال أفريقي، الذي وقعت عليه الأطراف الليبية في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بعد وساطة من الأمم المتحدة.
وفي مستهل جولته بدول الجوار الليبي، اعتبر الممثل الخاص للأمين العام أن "وجود المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة وانتشار الأسلحة في ليبيا يشكل خطرًا كبيرًا على السلام والاستقرار في البلاد والمنطقة بأسرها، داعيا إلى "العمل مع شركاء ليبيا والأمم المتحدة لمواجهة هذا التحدي دون التأثير سلبًا على دول الجوار الليبي".
المحطة الأولى.. السودان
ففي العاصمة السودانية الخرطوم، استقبل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان الممثل الخاص للأمين العام لليبيا، معربا عن دعم بلاده "لجهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من أجل إنهاء الأزمة السياسية".
واعتبر البرهان، وفق ما نقلت عنه البعثة الأممية في بيانها، أن "إحلال السلام والاستقرار في ليبيا من شأنه أن يسهم في استقرار المنطقة برمتها"، مضيفا أن "أحد الإجراءات اللازمة لاستعادة السلام في ليبيا هو عودة المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة إلى بلدانهم الأصلية".
وشملت مشاورات باتيلي في الخرطوم لقاءً مع وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، حيث ناقش معه "التطورات السياسية الأخيرة في ليبيا وضرورة تضافر الجهود لمواجهة التحديات المشتركة التي تواجه السودان وليبيا بما في ذلك أمن الحدود".
ونقل البيان تأكيد الوزير السوداني للممثل الخاص للأمين العام عبدالله باتيلي "دعم حكومة الخرطوم للمساعي الحميدة للأمم المتحدة في ليبيا، لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة وتهيئة البلاد لتنظيم انتخابات شاملة".
وفي لقاء مع وزير الدفاع السوداني اللواء ياسين إبراهيم تم استعراض "التقدم الذي أحرزته اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ولجان الاتصال في كل من ليبيا والسودان وتشاد والنيجر".
وأكد اللواء إبراهيم التزامه "بمتابعة الانسحاب المنسق للمقاتلين والمرتزقة من ليبيا، وإعادة دمج المؤهلين منهم في المؤسسات المناسبة"، بحسب بيان البعثة الأممية لدى ليبيا.
المحطة الثانية.. تشاد
وفي أنجامينا وهي المحطة الثانية من جولته الإقليمية، استقبل الرئيس الانتقالي لدولة تشاد الجنرال محمد إدريس ديبي الممثل الخاص باتيلي، وعبر بحسب بيان البعثة الأممية ذاته عن "تقديره لإطلاق هذه المشاورات رفيعة المستوى حول قضية استراتيجية مهمة لليبيا وتشاد، على حد سواء".
الرئيس ديبي أشار "بوضوح إلى قناعته بأن تثبيت السلام والاستقرار في ليبيا يخدم أيضًا مصالح تشاد العليا، متعهداً بمزيد من التعاون في سبيل ذلك".
من جانبه، أثنى باتيلي على "الدعم الذي تقدمه تشاد للجنة العسكرية المشتركة 5+5 في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار من خلال لجنة الاتصال التشادية"، كما التقى وزير الخارجية والتشاديين في الخارج والتعاون الدولي محمد صالح النظيف، الذي جدد التأكيد على "دعم بلاده للمساعي الحميدة للأمم المتحدة في ليبيا بما في ذلك الجهود المبذولة لإجراء انتخابات شاملة هذا العام".
وفي لقاءين منفصلين مع كل من وزير الأمن العام والهجرة التشادي محمد شرف الدين مارقي، ووزير الدفاع العام داود يحيى إبراهيم تم مناقشة "الجوانب الفنية لعملية انسحاب المقاتلين الأجانب والمرتزقة وسبل التوصل إلى تفاهم مشترك بشأنها".
المحطة الأخيرة.. النيجر
وفي المحطة الأخيرة لجولته في دول الجوار جنوب ليبيا، عقد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا عبدالله باتيلي سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين في النيجر وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية محمد بازوم، الذي أثنى على "جهود الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في ليبيا في هذه الفترة الحرجة".
بازوم أعرب وفق بيان البعثة الأممية عن "دعمه للشعب الليبي في سعيه نحو ترسيخ السلام والاستقرار"، مؤكدا أن باتيلي أطلع الرئيس بازوم على "التقدم الذي تم إحرازه على المسار الأمني وعلى آخر التطورات السياسية في ليبيا، بما في ذلك الجهود المبذولة لإجراء الانتخابات".
كما التقى باتيلي وزير الدفاع الوطني في النيجر القاسم إنداتو، ووزير الداخلية والأمن العام الكاش الهادا، واستعرض معهما "آليات التنسيق الخاصة باللجنة العسكرية المشتركة 5+5 والتي تهدف إلى تسهيل انسحاب المرتزقة والمقاتلين القادمين من النيجر من الأراضي الليبية".
كما ناقش معهما "تعزيز الأمن الحدودي بين النيجر وليبيا لمنع التهريب والجريمة العابرة للحدود"، بحسب ذات البيان.
جولة ناجحة
وفي ختام الجولة الإقليمية، اعتبر الممثل الخاص للأمين العام أنها كانت "ناجحة وسمحت بتأكيد الالتزام المشترك بين ليبيا ومحيطها المباشر في مواجهة التحديات الأمنية وبناء السلام، بما في ذلك من خلال دعم عملية انسحاب منسقة للمقاتلين الأجانب والمرتزقة".
ودعا الممثل الخاص للأمين العام باتيلي إلى "تخصيص الموارد المالية والمساعدة الفنية اللازمة لتجنب الآثار السلبية على البلدان الأصلية"، معتبرا أن "الانسحاب المنسق والمتسلسل والمتزامن والمتوازن للمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، إلى جانب تعزيز أمن الحدود سيسهم في السلام والاستقرار والتعاون البناء والازدهار في ليبيا والمنطقة".
ومنذ عامين وضمن المسار الأمني لحل الأزمة الليبية الذي ترعاه الأمم المتحدة، يجري العسكريون الليبيون المنخرطون في اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) المشكلة من خمسة عسكريين يمثلون الجيش الليبي في شرق البلاد ونظائرهم في المؤسسة العسكرية في غربها مباحثات مكثفة.
تلك المباحثات التي انطلقت بعد توقيع أعضاء اللجنة الممثلين لأطراف النزاع العسكري على اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف قبل عامين، تهدف إلى السعي لتنفيذ بنود ذلك الاتفاق، والتي منها إخراج المرتزقة من البلاد والمسلحين الأجانب، إضافة لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وإلى جانب المسار العسكري تشرف البعثة الأممية لدى ليبيا على مباحثات سياسية أخرى تهدف للوصول إلى انتخابات تحل أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع العام الماضي برئاسة فتحي باشاغا وحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب وفق ما يقول.