الدبلوماسية السعودية تقرأ مشهد حقوق الإنسان من زوايا أخرى؛ فهي ليست حقوقاً بلا واجبات، أو حرية بلا تقييد، أو مبادئ بلا مسؤولية.
تحوّل ملف حقوق الإنسان في العالم إلى ذريعة للتدخل في شؤون الدول الداخلية، ومبرراً للمساومة والابتزاز السياسي، وصفقة تبادل مصالحي بين دول تضغط وأخرى تمرر أجنداتها لتسوية ملفات أخرى عالقة، حيث يتم توظيف الإنسان وحقوقه في مهمة مسيّسة لإثارة الرأي العام، وتأزيم علاقاته، وفرض وصاية على قراره، وصولاً إلى حالة ارتهان دائم لتداعياته، وقلق مستمر داخل الحكومات عند محاولتها حفظ أمنها خشية المساس بتلك الحقوق.
الدبلوماسية السعودية تقرأ مشهد حقوق الإنسان من زوايا أخرى؛ فهي ليست حقوقاً بلا واجبات، أو حرية بلا تقييد، أو مبادئ بلا مسؤولية، أو حتى حياة بلا عيش مشترك، ومع ذلك التزمت بتطبيق كل تلك الحقوق التي تكون طرفاً فيها، ومنصات الأمم المتحدة شاهدة على ذلك، ويكفي أن تكون السعودية عضواً في لجنة مكافحة التمييز العنصري ضد المرأة (سيداو)، وأكثر من ذلك تنشئ هيئة مستقلة مرجعها الملك مباشرة تُعنى بحقوق الإنسان؛ فلسنا بحاجة لأي أحد أفراداً أو مؤسسات أو حتى دول ليزايد في هذا الملف، أو يسيّسه بطريقة مستهجنة، ولا تليق، ونحن ندرك بالدليل حجم الانتهاكات التي تُرتكب من دول كبرى في ملف حقوق الإنسان، ومع ذلك يصمت الجميع أمام القوة.
السعودية قررت أن تبقى بين الأقوياء، ولن تسمح بعد اليوم بأن ينال منها أحد، أو يتدخل في شؤونها كائناً من كان، وهي رسالة يفهمها الكبير قبل الصغير من أن السعودية العظمى لم يعد يخيفها ملف حقوق الإنسان عند تسييسه، ولن تخضع لابتزازه المكشوف مجدداً
أليس الحفاظ على سيادة الدول ومكانتها وهيبتها وأنظمتها وتحصينها من أي تدخلات خارجية؛ هي أفضل سبيل لحفظ حقوق الإنسان في أمنه واستقراره ومعيشته وتنقلاته ووظيفته؛ إذاً السيادة هي التي تؤثر ابتداء في تلك الحقوق وليس العكس، وبالتالي علينا أن نفرّق بين من ينتهك السيادة باسم حقوق الإنسان، وبين من يحاور ويناقش حول تلك الحقوق وينتقد أيضاً للإصلاح الذي لا خلاف عليه.
وزيرة الخارجية الكندية التي تسببت في أزمة بلادها مع السعودية لم تعرف أن الموقوفين الذين تدافع عنهم تحت غطاء الإنسانية هم خارجون عن القانون، وتهمهم تتعلق بأمن الدولة وليس حقوق الإنسان، وهذا كافٍ لإثبات سوء النية من قبلها، وتدخلها عن قصد في شأن داخلي سعودي لا يعنيها جملة وتفصيلاً، ومحاولة بليدة ومكشوفة لتمرير أجندات لم تعد خافية، أو ملتبسة على أحد، ثم هؤلاء الموقوفون كم عددهم مقارنة بدول أخرى في المنطقة ولم تتحدث عنهم كندا، أو تدافع عن حقوقهم، والسؤال: لماذا السعودية وفي هذا التوقيت؟
الجواب لن يكون على السؤال، ولكن عن القرار القوي الذي يغني عن كل جواب؛ فالسعودية قررت أن تبقى بين الأقوياء، ولن تسمح بعد اليوم بأن ينال منها أحد، أو يتدخل في شؤونها كائناً من كان، وهي رسالة يفهمها الكبير قبل الصغير من أن السعودية العظمى لم يعد يخيفها ملف حقوق الإنسان عند تسييسه، ولن تخضع لابتزازه المكشوف مجدداً، ولديها من القوة والشجاعة أن ترد بالأفعال على المتطاولين حتى لو كانت دولاً، وليس فقط بيانات استنكار ينتهي مفعولها بعد سماعها.. وهنا تكون الرسالة أبلغ ووصلت للجميع.
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة