بعد فيروز وعمر.. علماء يكشفون سر تحريم الجمع بين الزوجة ومحارمها (خاص)

أثار مسلسل "أزمة منتصف العمر" جدلاً واسعًا بسبب طبيعة أحداثه التي تدور حول علاقة حب تجمع بين زوج وأم زوجته، رغم أنها من المحارم.

بعيدًا عن سياق المسلسل، وتطور الأحداث الذي كشف أن هذه الأم هي زوجة أب وليست أم الزوجة، إلا أن بعض المتابعين نتيجة لتقارب عمر الفنان كريم فهمي "عمر" مع الفنانة ريهام عبدالغفور "فيروز"، قالوا: لماذا لا يطلق ابنتها ويتزوجها؟ حتى قبل أن يكشف السياق الدرامي أنها زوجة أبيها وليست أمها.

• تحريم بيتكوين.. 10 مليارات دولار في مهب الريح بإندونيسيا

في سورة النساء الآية 23 قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث متفق عليه عند البخاري ومسلم: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".

فلماذا حرم الإسلام الجمع بين المرأة وأمها، أو أختها، أو خالتها، أو عمتها؟.. "العين الإخبارية" تواصلت مع عدد من علماء الدين ليكشفوا الحكمة من ذلك؟

الأصول والفروع

يقول الدكتور السيد سليمان، من علماء الأزهر الشريف، إن آية التحريم في سورة النساء واضحة، بجانب الأحاديث النبوية، التي حرمت الجمع بين الزوجة وأمها وأختها وخالتها وعمتها وأختها من الرضاعة.

ويوضح سليمان، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن هناك حالات تحريم على التأبيد مثل الزوجة وأمها، أو الزوجة وابنتها، فحتى إذا ماتت أو طلقت لا يجوز للرجل أن يتزوج بالأخرى.

ويضيف أن هذا يندرج كذلك على الأصول والفروع، كأم الزوجة وما علا كجدتها، وكذلك فروعها كابنتها وحفيدته، ويسري هذا التحريم بالعكس، على الابن والأب.

أما في الحالات الأخرى، فيوضح سليمان أن التحريم مؤقت، فإذا ماتت أو طلقت الزوجة، فليتزوج خالتها أو عمتها أو أختها.

ويكشف سليمان أن حكمة الشرع في التحريم تأتي من أن الجمع سيؤدي إلى إفساد العلاقات بين الأرحام، والتداخلات في موضوع الميراث.

ويختم سليمان حديثه بقوله: "يفترض أن تناقش المسلسلات قضايا اجتماعية مهمة للوطن، وفي أمس الحاجة إليها، بدلا من هذه المسلسلات التي تفتح عيون بعض الشباب للتفكير في حماته بشكل غير شرعي، لذلك أطالب بعرض هذه الأعمال بصورة رسمية على الأزهر لأخذ الموافقة في الأمور الشرعية حتى لا تثير بلبلة".

أمور جاهلية

من جانبه يقول الدكتور سامي العسالة، مدير إدارة التفتيش الديني بوزارة الأوقاف المصرية سابقًا، إن الشريعة منعت الرجل من الزواج بأم زوجته حتى ولو عقد عليها ولم يدخل، ومنعته من الزواج بابنة زوجته إذا دخل بأمها.

ويضيف العسالة، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن هذا يعني أن الأمور مشددة في الإسلام، وحكمة ذلك أن القرآن يحرص على الروابط الأسرية وبر الوالدين وصلة الأرحام وعلى العلاقات الإنسانية كي تسودها المحبة والوئام.

ويشير العسالة إلى أن الجمع بين الأم وابنتها يجعلهما ضرائر، وهذا يتسبب في إفساد العلاقة بينهما؛ لذلك حرم الإسلام الجمع بين حالات معينة حفظًا للروابط الأسرية.

ويكشف أن هذه الأمور في الجاهلية كانت مباحة، وكان الرجل يجمع بين أي زوجتين دون قيود، لذلك جاء الإسلام وقنن هذه المسائل، فحارب العادات الفاسدة، وأبقى على ما هو حميد، ومن ذلك صلة الأرحام وبر الوالدين، ولا يتحقق ذلك بالجمع بين الزوجات من صلة الدم من الدرجة الأولى.

ويؤكد أن النبي هو من حرم الجمع بين الزوجة وخالتها، والزوجة وعمتها، وعلينا الالتزام بذلك لأن الله تعالى قال: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ".

ويوجه العسالة رسالة لمؤلفين الأعمال الدرامية، قائلا: "اتقوا الله، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وأنتم مسؤولون في مجالكم؛ لأن الإعلام والفن من وسائل تشكيل الثقافة لدى الشعوب، وهو يقوم بالتنشئة والتوعية والتثقيف، فإذا لم يكن متاحًا للناس قراءة كتب التفاسير والفقه، فبعضهم يأخذون الدين من التلفزيون، ولذلك يجب ألا تطرح أفكارًا تثير البلبلة بين الجماهير".

ليس فنًا

بدوره يرى الشيخ السيد شبل، الداعية الإسلامي، أن ما يقدم في بعض المسلسلات والأفلام ليس فنًا ولا أدبًا، معتبرًا أن "هناك توجها لضرب المسلمات من خلال الفن". وأضاف شبل، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أنه لا بد من تصدي علماء الدين بقوة لمثل هذه الأفكار، والرد عليها أولا بأول، وأن تتولى ذلك المؤسسات الدينية.

وطالب شبل بربط الخطاب الديني بالمستجدات والقضايا التي تثار على الساحة من وقت للآخر، وأن يخاطب المشايخ المجتمع ولا يكتفون بمخاطبة أنفسهم فقط. وحذر شبل من أن موجات دفع المجتمع للتسيب، سيعقبها ظهور موجات من التشدد مرة أخرى.