ذئاب آسيا الوسطى المنفردة.. رعب أوروبا الجديد
أزمة العائدين من داعش تطرح نفسها في آسيا الوسطى بعد إعلان جنسية منفذ هجوم السويد الأوزبكستانية.
فرضت الهزائم المتتالية لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق فصلا جديدا من مسلسل الإرهاب العالمي، إذ يفر العائدون من خطوط الهزيمة إما إلى بلادهم، أو إلى أوروبا عملاً بتوجيهات قادة التنظيم، الذين دعوا في عام إعلانه 2014 إلى شن هجمات على مواطني الدول الغربية، وأعطوا تعليمات عن كيفية القيام بها دون الحاجة إلى معدات عسكرية، باستخدام صخور أو سكاكين أو عبر دهس المارة.
أجهزة الاستخبارات الغربية حذرت من أنه لا مفر من حدوث هجمات إرهابية ينفذها مندسون من التنظيم الإرهابي وسط اللاجئين، وفق تقرير الاستخبارات البريطانية لرئيسة الوزراء تريزا ماي في فبراير/شباط الماضي.
إلا أن بروز جنسيات دول آسيا الوسطى بين منفذي الهجمات الإرهابية من "الذئاب المنفردة" العائدة من داعش، يخالف ما تم الترويج له من سياسات عدائية للدول العربية، التي في نظر بعض الأجهزة الأوروبية المسؤولة الأولى عن إنتاج الإرهابيين وتصديرهم إلى العالم.
فقد أعلنت السلطات السويدية، السبت، أنها وضعت (أوزبكيا) يبلغ من العمر 39 عاما، معروف لدى أجهزة الاستخبارات قيد الحجز الاحتياطي بتهمة الضلوع في الاعتداء دهسا بشاحنة، والذي أوقع 4 قتلى في ستوكهولم أمس الجمعة.
وأكدت الشرطة في مؤتمر صحفي أنها وجدت جسما غريبا في الشاحنة التي استخدمت في عملية الدهس، وهي الأخيرة في سلسلة هجمات مشابهة ضربت أوروبا، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وأوضح رئيس جهاز المخابرات أنديرز ثورنبرغ أن المشتبه به "ظهر أثناء عملياتنا السابقة لجمع المعلومات".
والهجوم هو ثالث اعتداء إرهابي يضرب أوروبا في غضون أسبوعين، بعد هجمات دامية استهدفت لندن ومدينة سان بطرسبورج الروسية، رغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الاعتداءات الثلاثة حتى الآن.
إلا أن تنظيم داعش تبنى هجمات سابقة استخدمت فيها مركبات بنفس الطريقة التي جرى فيها اعتداء ستوكهولم كتلك التي وقعت في لندن وبرلين مدينة نيس الواقعة في جنوب فرنسا.
واعتقلت الشرطة سائق الشاحنة المشتبه به في ضاحية ميرستا الواقعة شمال العاصمة السويدية، وأفادت عدة وسائل إعلامية أنه موال لتنظيم داعش.
ورأى ماجنوس رانستورب، مدير البحث في مركز دراسات التهديدات غير المألوفة في معهد الدفاع الوطني السويدي، أن وقوع هجوم من هذا النوع كان مجرد مسألة وقت.
وقال "كان متوقعا، والشرطة وأجهزة الاستخبارات تدربت على التعامل مع سيناريو من هذا النوع عدة مرات خلال العام الماضي، إلا أننا لم نكن نعرف متى سيحدث ذلك".
وهجوم الجمعة هو الأخير في سلسلة اعتداءات بالمركبات في أوروبا؛ وحصل الاعتداء الأكثر دموية في 14 تموز/يوليو من العام الماضي في فرنسا عندما قام المهاجم بدهس حشد من المارة في منتجع نيس، ما أدى إلى مقتل 86 شخصا.
وفي ديسمبر/كانون الأول، خطف رجل شاحنة ودهس المشاة في أحد أسواق عيد الميلاد في برلين، ما أدى إلى مقتل 12 شخصا.
وفي لندن الشهر الماضي، قتل خالد مسعود (52 عاما)، 5 أشخاص عندما قاد سيارته مسرعا على رصيف جسر وستمنستر قبل أن يقوم بطعن شرطي يحرس البرلمان.
واستهدفت السويد مرة واحدة باعتداء في ديسمبر/كانون الأول 2010 عندما قام رجل بتفجير انتحاري في شارع المشاة نفسه في ستوكهولم ما أدى إلى إصابة مارة بجروح طفيفة.
وظهرت جنسية من آسيا الوسطى مرة أخرى في اعتداء إسطنبول، حيث أكد رئيس وزراء تركيا، بن علي يلدرم، حينها، أن السلطات التركية اعتقلت المسلح الذي قتل 39 شخصا في إطلاق للرصاص في مطعم بإسطنبول في رأس السنة بعد عملية بحث دامت أسبوعين.
وقال والي إسطنبول، إن المهاجم يدعى عبد القادر ماشاريبوف، وُلد في أوزبكستان وتدرب في أفغانستان، اعتقل في حي إسن يورت النائي في إسطنبول، وقد اعترف بالجريمة.
كما ذكرت قناة "تي آر تي" الحكومية أنه في أعقاب عملية تفتيش واسعة النطاق نجحت الشرطة في العثور على المشتبه به، الذي كان في شقة في حي إيسينيورت مع ابنه البالغ من العمر 4 سنوات.
وذكر موقع تركي أن "أبو محمد الخراساني"، كما كان عبد القادر ماشاريبوف يلقب نفسه، تم اعتقاله بعملية أمنية في المنطقة الواقعة بالقسم الأوروبي من إسطنبول، وكان نزيلاً هو وابنه في بيت صديق له أصله من قيرغيزستان، وتم إلقاء القبض على الثلاثة.
في السياق ذاته، كان مؤتمر (ميليبول) حول الأمن الداخلي المنعقد في سنغافورة ، بداية العالم الجاري، قد حذر من أن مقاتلي تنظيم داعش المتحدرين من دول جنوب شرق آسيا والعائدين من الشرق الأوسط بعد النكسات التي مني بها التنظيم، قد يتخذون من جنوب الفلبين قاعدة لهم.
وهو ما ينذر بخلق بؤرة إرهابية جديدة للتنظيم في هذه المنطقة نظرا لأعداد العائدين من داعش حاملي جنسيات دول آسيا الوسطى.
وقال المشاركون في المؤتمر، إن عدم الاستقرار وسهولة تدفق الأسلحة جعل من منطقة مينداناو والجزر الفلبينية المحيطة بها جاذبا للجماعات المتطرفة.
وأفاد المحلل في مجال مكافحة الإرهاب روحان جوناراتنا خلال المؤتمر: "حاليا يتحرك تنظيم داعش باتجاه إنشاء منطقة تابعة له في جنوب الفلبين، والإصدارات الإعلامية الأخيرة للتنظيم أعلنت رسميا عن فرع شرق آسيا للتنظيم في جنوب الفلبين".
وأضاف "توقعاتنا لعام 2017 أن التهديد في هذه المنطقة سوف ينمو بسبب إنشاء نواة لتنظيم داعش في جنوب الفلبين".
وقال وزير الشؤون الداخلية في سنغافورة كاي. شانموجام أمام المؤتمر، إن جنوب الفلبين "يتحول إلى منطقة يصعب السيطرة عليها بالرغم من كل الجهود التي تبذلها الحكومة الفلبينية".