النجاة من البحر إلى عذاب الاحتجاز.. كوابيس المهاجرين في ليبيا
مثل آلاف المهاجرين غيره ممن انتشلهم حرس السواحل الليبي، انتهى به الحال داخل مركز احتجاز وصفت الأمم المتحدة الأوضاع فيه بغير الإنسانية
كان القارب المتهالك في البحر لمدة 12 ساعة وعلى متنه أكثر من 100 شخص عندما أجروا نداء استغاثة بخفر السواحل الإيطالي، "أطفئوا المحركات، نحن قادمون"، هكذا قال لهم صوت بلهجة إيطالية، لكن من ظهروا أمامهم كانوا خفر السواحل الليبي.
بالنسبة لسام (30 عاما)، وهو إريتري هرب من بلاده منذ عام للتهرب من الخدمة العسكرية غير محددة المدة والديكتاتورية الوحشية، والإعادة القسرية إلى ليبيا، في فبراير/شباط 2018 كانت لها آثار صحية غيرت حياته.
- الجيش الليبي يسمح بهبوط طائرة أممية لترحيل مهاجرين
- مخاوف من اختزال أزمات ليبيا في قضية الهجرة بالقمة العربية الأوروبية
مثل آلاف المهاجرين غيره ممن انتشلهم حرس السواحل الليبي، انتهى به الحال داخل مركز احتجاز وصفت الأمم المتحدة الأوضاع فيه بغير الإنسانية والمزرية.
بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي يقول إنه يريد غلق مراكز الاحتجاز، يجري تقريبا احتجاز جميع اللاجئين والمهاجرين الذين تتم إعادتهم إلى ليبيا، ويعاني بعضهم لأكثر من عام قبل إخلائهم قانونيًا أو هربهم أو دفع رشاوى لخروجهم ومحاولة عبور البحر المتوسط ثانيةً، أو بيعهم قسرًا مرة أخرى لعصابات التهريب.
حاليًا، تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن هناك حوالي 4100 لاجئ من بين 5700 شخص في مراكز الاحتجاز التي يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي لا يمكنهم العودة إلى الدول التي هربوا منها خوفًا من التعرض للاضطهاد.
داخل مركز طارق المطر لاحتجاز المهاجرين، المكان الذي نقل إليه سام وزملاؤه المهاجرين أولًا، هناك أكثر من ألف شخص كانوا مكدسين معًا داخل حجرة واحدة، "كان العنبر شديد القذارة وحارا"، هكذا قال سام في رسائل لصحيفة "تلجراف" البريطانية عبر هاتف مخبأ؛ لأن الاتصالات مع العالم الخارجي ممنوعة.
مثل هذه البيئة المكتظة وغير النظيفة توفر المكان الأمثل لاستضافة الأمراض المعدية، وتحديدًا السل، الذي إن لم يجر علاجه يمكنه التفشي.
بعد أيام على وصولهم المركز، خضع المحتجزون لفحوصات طبية وبعضهم كان مصابًا بالسل، أما سام الذي جرى تغيير اسمه لأسباب أمنية فكان في حالة صحية جيدة، لكن على مدار الأسابيع التالية، قدم المساعدة للمصابين، حيث كان يغسل ملابسهم ويطعمهم ويحلق شعورهم، حتى أنه كان يساعدهم في الذهاب للمرحاض.
وقال إنه بعد بضعة أسابيع بدأ يشعر أنه "ليس بخير"، وأصابه السعال وكان يشعر بالوهن، ولم يكن يتمتع بالطاقة الكافية للتحرك في المكان، مضيفًا "ذهبت للفحص وقال الأطباء إنني مصاب بالسل".
علاج هذا المرض عادة ما يكون عبارة كورس مضادات حيوية لمدة 6 أشهر، وهو نظام يصعب تصوره بالنسبة للأشخاص داخل مراكز الاحتجاز، حيث يمضون أسابيع دون علاج، وإن تمكنوا من الوصول للدواء، فإنه يتطلب عناية حذرة لأن العقارات لها آثار جانبية غير جيدة، مثل الحكة وعدم وضوح الرؤية.
وقال الدكتور برنس ألفاني، منسق طبي مع أطباء بلا حدود في ليبيا: "نعتقد أنه من غير اللائق تقديم مضاد حيوي لمحتجز، ونتلقى تقارير من المحتجزين بأنهم سيوقفون العلاج لأنه ليس لديهم أي شيء لأكله".
وفي مركز احتجاز طارق السيكا في العاصمة الليبية طرابلس، كثير ما كان يترك المحتجزون دون علاج، وفي رسائلهم لـ"تلجراف" قالوا إن مئات المحتجزين كانوا يتركون مع المصابين وبلا علاج، وقال أحدهم "المكان مثل كهف، لا منفذ للهواء".
"نموت هنا"، هكذا قال رجل إريتري كان موجودًا داخل مركز الاحتجاز منذ حوالي العام عندما حدث تفشٍ لمرض السل، مضيفًا "هناك عدة حالات مصابة بالسل، لا أطباء. يلعبون لعبًا معنا".
وقال لاجئ، في مركز احتجاز في الزنتان، على بعد 180 كيلومترًا من جنوب غرب طرابلس، لصحيفة "تلجراف" إن 10 محتجزين على الأقل لقوا حتفهم منذ منتصف سبتمبر/أيلول، جزئيًا بسبب نقص المرافق الصحية الملائمة والرعاية الطبية.
وتضمنت حالات الوفاة فتى صغيرا كان يعاني من التهاب في الزائدة الدودية، ولم يتمكن من الحصول على العلاج في حينه، طبقًا لزملائه المحتجزين ويونيسف. وقال أحد المحتجزين باستخدام هاتف مخبأ للصحيفة البريطانية إن عدد المرضى في تزايد، مضيفًا "لا يوجد طعام كافٍ أو علاج، تأكل مرتين في اليوم ولا يتغير أبدًا، فقط مكرونة مسلوقة وصوص طماطم، لا شيء آخر".
وقال 3 محتجزين إن الحرس قرروا للمسموح لهم بالخروج إجراء الفحوصات الطبية، وكثير آخرون من الذين كانوا يحتاجونها لم يسمح لهم أبدًا بالذهاب للخضوع لها. وأضاف أحد المحتجزين "لا يدعونك ترى الطبيب بسهولة، على الأقل يجب أن يشاهدونك تنزف أو فاقدا للوعي، وأنك غير قادر على التنفس أو المشي".
وأوضح محتجزون أنهم حتى عندما يذهبون للأطباء، يكون العلاج غير كافٍ، وقال أحدهم: "ليس لدى الأطباء الأدوات الكافية أو العلاج أو شيء على الإطلاق، لا يهتمون بشكاوى المرضى، يمضون 3 دقائق معك ثم يعطونك أقراص البنادول، التي يعطونها كعلاج لكل مرض، هذا كل شيء"، مشيرًا إلى أن المهربين يعاملونهم بشكل أفضل، وأن "لم نعرف السل (مع المهربين)، لكن هنا في الاحتجاز شهدنا كثيرًا من الأمراض".
aXA6IDE4LjExNi4yNC4xMTEg جزيرة ام اند امز