سلفادوري ورضيعته في قميص الموت على ناصية "الحلم الأمريكي"
مهاجر أبحر سباحة في نهر "ريو غراندي"، قبل أن تلفظه الأمواج مع طفلته في صورة تدمي القلوب
حتى الموت أبى أن يفرقهما عن بعضهما البعض، فطفت الجثتان فوق المياه بجانب إحدى ضفاف نهر "ريو غراندي"، بعدما غرقا في مياهه التي تمثل إحدى نقاط الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.
الصورة التي نشرتها إحدى الصحف المكسيكية، صادمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. رجل يطفو فوق المياه وبجانبه رضيعة لم تكمل عامها الثاني، وقد التصقت بوالدها وأحاطت ذراعها الصغيرة برقبته.
بدت تلك اللقطة الأخيرة في حياتهما.. وداع فشل في فصلهما عن بعضهما البعض.. لفّت الرضيعة ذراعها برقبة والدها الذي بقي يصارع قبل أن تصرعه الأمواج ثم تلفظه مع عودة حركة المد.
الصورة تحكي الكثير.. أكثر من قصة مهاجر يلقى مصرعه مع رضيعته، وأكبر من مجرد نهاية حزينة تدمي القلوب ثم تتكوم في ذلك الجزء المنسي من الذاكرة الجماعية، فلقد اختبر العالم صورة بذات القسوة لمهاجرين ورضع، قبل أن يطويها النسيان.
السلفادوري؛ واسمه الكامل أوسكار ألبرتو مارتينيز راميريز (26عاما)، كان يحلم بالعبور إلى ولاية تكساس الأمريكية، لكنه قضى وطفلته قرب مدينة ماتاموروس المكسيكية، على الجانب المقابل من مدينة براونزفيل التابعة لتكساس، على بعد كيلومتر واحد من جسر دولي.
الصحف المكسيكية تناولت الخبر بإسهاب، ونشرت الصورة الصادمة، وقارنتها بحادثة غرق الطفل السوري آلان الكردي الذي قضى، في 2015، غرقا قبالة جزيرة كوس اليونانية، وزلزل العالم بصورة جثته الصغيرة الطافية على إحدى الشواطئ التركية.
وتساءلت الصحف عما إن كان غرق السلفادوري وطفلته سيثير ذات الجدل في دوائر القرار الأمريكي، بما يدفع إلى إعادة النظر في قوانين الهجرة.
أوسكار لم يودع طفلته، وإنما ضمها إليه وألصقها بجسده المتعب، وتأمل ملامحها البريئة التي كانت تجهل واقعها ومصيرها.. كانت جزءا من حلمه، "الحلم الأمريكي" الذي يلاحقه هذا الرجل وغيره من سكان الجزء الجنوبي لأمريكا.
انكسر الحلم على ضفاف ذلك النهر الحدودي، وبترت حياة تتأهب لتحقيق حلم، وأخرى لاكتشاف هذا العالم البغيض المشحون بتباينات التاريخ والجغرافيا والتوزيع اللاعادل للثروات والرفاهية.
جوليا لو دوك، مراسلة صحيفة "لا جورنادا" المكسيكية، والصحفية التي التقطت الصورة التي هزت العالم، قالت إن أوسكار وصل ماتاموروس يوم الأحد، على أمل طلب اللجوء من السلطات الأمريكية مع زوجته فانيسا ألفالوس وابنتهما.
لكن عندما أدرك أنه قد تمر أسابيع قبل أن يتمكنوا من بدء عملية اللجوء، قرر مارتينيز قطع المسافة سباحة، فعبر أولاً مع طفلته الصغيرة وتركها على الجانب الأمريكي، ثم عاد إلى الجانب المكسيكي،حيث تنتظر زوجته، لكن يبدو أن فاليريا أصيبت بالخوف عندما تركها والدها فحاولت اللحاق به، وهنا حدثت المأساة، وجرفهما التيار، لتلتقط الصحفية المكسيكية صورة صادمة أخرى، توثق من خلالها لمأسي المهاجرين ومعضلة الهجرة غير النظامية حول العالم.
aXA6IDE4LjIxNi4xNDUuMzcg
جزيرة ام اند امز