القمة الأفريقية الـ35.. بدء توافد القادة وأجندة مثقلة بـ"الانقلابات"
بدأ القادة ورؤساء الحكومات، الجمعة، التوافد على العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، للمشاركة بالقمة الأفريقية الـ35 والتي تبدأ السبت ليومين.
ووصل إلى إثيوبيا الرئيس السنغالي، ماكي سال، الذي سيتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي للعام 2022.
تحديات وملفات عديدة
ورغم أن القمة تناقش ملفات عديدة وتحديات واسعة إلا أن الوتيرة المتزايدة للانقلابات العسكرية تفرض نفسها بشكل طارئ حيث شهد غرب القارة الأفريقية وحده في 8 أشهر أربعة انقلابات، في كل من مالي، غينيا، وبوركينا فاسو، ومحاولة انقلاب فاشلة في النيجر.
وقبل يومين من انعقاد القمة، وقعت محاولة انقلاب فاشلة في غينيا بيساو، مما يهدد القارة السمراء بالعودة إلى حقبة الاضطرابات بعدما عاشت عهودا من الديمقراطية بشكل نسبي في العقدين الأخيرين.
واستشعر القادة الأفارقة خطر هذه الانقلابات وتزايدها حيث قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، خلال كلمة له بافتتاحية اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، إن "التغييرات غير الدستورية في القارة السمراء قد تضاعفت وتعكس مؤشرات خطيرة لتراجع الإرادة السياسية".
وأوضح فكي أن السلم والأمن مهددان في العديد من أقاليم القارة جراء النزاعات وتمدد الإرهاب في الساحل والجنوب الأفريقي.
وأضاف أن "الانقلابات العسكرية التي تضاعفت بشكل سريع تبعث بالقلق على زعزعة استقرار القارة واقتصاداتها ويجب تفعيل الصكوك والقوانين الأفريقية الرادعة لما يهدد القارة"، مشددا على ضرورة أن تحد القارة الأفريقية من تبعيتها المالية على الشركاء الدوليين.
فيما وصفت رئيسة المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، وزيرة خارجية السنغال أيساتا تال سال، الأوضاع في القارة الأفريقية بالقاتمة.
وقالت تال سال، في كلمتها بأعمال التنفيذي للاتحاد، إن الأوضاع السيئة التي تعيشها القارة نتيجة النزاعات والإرهاب والانقلابات، ستقضي على الجهود التنموية.
وانطلقت، الأربعاء، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أعمال المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، تمهيدا للقمة الأفريقية الـ35 التي ستعقد يومي السبت والأحد المقبلين.
وأوضحت المسؤولة الأفريقية أن النزاعات والإرهاب وتزايد التغيرات غير الدستورية للحكومات تقضي على الجهود التنموية بالقارة الأفريقية، مضيفة أن القمة الأفريقية ستتيح للقادة الأفارقة فرصة تجديد التزامهم بأن يتركوا للأجيال القادمة أفريقيا آمنة ومندمجة ومتوجهة نحو التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
وفي ظل ارتفاع وتيرة الانقلابات التي تشهدها القارة الأفريقية، اعتبر مراقبون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن هناك تحفيزا ودعما من القوى الخارجية الدولية للانقلابات في أفريقيا، ويظهر ذلك من خلال تراجع استعداد الجهات الفاعلة الدولية في دعم فرض قواعد مناهضة للانقلاب في إفريقيا، وذلك نتيجة عدم تلاقي هذه العوامل، مع مصالحها في القارة السمراء.
ويقول هاشم علي حامد، وهو كاتب وباحث في شؤون القرن الأفريقي، إن هناك ظروفا عدة تحكم مسار الدول واستقرارها في مقدمتها الصراع السياسي على السلطة بين الكيانات السياسية المحلية المتنافسة، كما يشكل العامل الاقتصادي مؤثرا هاما لاستقرار العديد من الدول.
ويضيف حامد، في حديث مع "العين الإخبارية"، أنه بفعل العاملين تشهد العديد من الدول تنازع السلطة ما بين العامل المدني في الأحزاب السياسية التقليدية والمؤسسة العسكرية.
ويشير حامد إلى وجود ظروف عدم الاستقرار السياسي سواء كانت نتاج تنافس محلي على السلطة، أو ضغوط إقليمية ودولية، أو تبعات سياسية واقتصادية تتمثل في عدم استقرار وتعطل الإنتاج إلى جانب هشاشة الأمن القومي، وجميعها عوامل تكون فيها الدولة عرضة لأي مهددات خارجية نسبة لانشغالها الداخلي، ومجموع ذلك يؤدي إلى حدوث الانقلابات العسكرية.
وتابع: "لم تعد الضغوط السياسية الإقليمية والدولية والعقوبات الاقتصادية ذات فاعلية كافية لمنع الانقلابات العسكرية، فبينما تستغل الكوادر الحزبية جوانب الشرعية في تنافسها على السلطة، يقود المؤسسة العسكرية دافع الأمن القومي والحفاظ على الدولة وتماسكها من الانهيار وهذا ما تشهده العديد من الدول في القارة الأفريقية.
ويرى حامد أن العقوبات الدولية والإقليمية وتعليق العضويات في المنظمات الإقليمية كالاتحاد الأفريقي وغيره هي وسائل تمارس بصورة غير شفافة، ولا تتساوى الدول تحت نفاذها، ما جعلها ممارسات لا تأثير لها على الدول التي لا توليها أي اعتبار مما أفقدها فاعليتها.
ويشدد الباحث في شؤون القرن الأفريقي على ضرورة مواجهة الانقلابات العسكرية في القارة الأفريقية بمساعدة دولها سياسيا واقتصاديا، وحل مشاكلها بإنشاء المشاريع الاقتصادية الكبرى متبادلة الفوائد مما يدعم واقعها الاقتصادي والسياسي، ويحول دون أطماع دولية تستغل ذلك الفراغ.
قوى خارجية
بدوره، يرى محمد عيسى، المهتم بالشأن الأفريقي، أن "الانقلابات العسكرية في أفريقيا، ترتبط دائما بقادة عسكريين لهم ارتباطات بقوى خارجية لها دوافع معينة في هذه القارة، وغالبا ما يتم تنفيذ الانقلابات من خلال استغلال وجود "عملاء" داخل الدول الأفريقية، بالتالي، يكون هؤلاء القادة العسكريون تحت التأثير الخارجي لهذه القوى الدولية، وفق تعبيره .
ويضيف عيسى، في حديث مع "العين الإخبارية": "الانقلابات العسكرية بالقارة تدفعها عوامل أخرى أيضا بخلاف الدعم والتحفيز الخارجي للعسكريين، ففي كثير من الأحيان تنشأ صراعات بين العسكريين والمدنيين في عدد من الدول الأفريقية غير الديمقراطية، وهذه الصراعات تقود في كثير من الأحيان إلى حسم العسكريين للصراع باستيلاء السلطة من خلال الانقلابات العسكرية، بحجة سوء إدارة الدولة والفساد التي أصبحت حججا على ما يبدو ثابتة في غالبية الانقلابات التي تحدث مؤخرا بالقارة.
ويشدد على ضرورة اتخاذ عقوبات أكثر ردعا من تعليق العضويات السائد حاليا في الاتحاد الأفريقي، "يجب أن تكون هناك إجراءات أكثر صرامة يمكن أن تصل إلى درجة التدخل العسكري للقارة الأفريقية لمنع مثل هذه الانقلابات، وإلا فإن العقوبات الحالية لن تجدي نفعا مع ظاهرة الانقلابات المتسارعة حاليا".
وتشير تقارير دولية إلى أن أكثر من 200 محاولة انقلاب عسكري نفذت في أفريقيا منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، غير أن إجمالي محاولات الانقلابات العسكرية في أفريقيا في العقود الأربعة بين عامي 1960 و2000، ظل ثابتاً بشكل ملحوظ بمتوسط بلغ نحو أربع محاولات سنوياً، في حين انخفض العدد بين عامي 2000 و2019 إلى حوالي محاولتين كل عام.