خبراء: الاقتصاد والتواجد العسكري خطة تركيا للهيمنة على الصومال
خبراء ومحللون يؤكدون أن تصاعد اهتمام تركيا بالصومال يأتي في إطار سعيها إلى تعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي في أفريقيا عبر بوابة مقديشو.
تحت ذريعة مساعدة الصومال على تجاوز آثار الحروب الأهلية والمجاعات والصراعات المميتة وتبعات الغياب الطويل للدولة، تنشط تركيا في عمليات "تتريك" واسعة للصومال، للسيطرة على مقدراته وثرواته وموقعه الاستراتيجي المطل على القرن الأفريقي والمحيط الهندي، لتحقيق مآرب نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
التحركات التركية في الصومال أصبحت مثار تساؤلات لكثير من المراقبين، الذين استطلعت "العين الإخبارية" رأيهم، خصوصا تحت حكم الرئيس الحالي عبدالله فارماجو، الذي نشطت في عهده العلاقات بين البلدين بشكل كبير.
خبراء ومحللون في الشؤون التركية والقرن الأفريقي يؤكدون أن تصاعد اهتمام تركيا بالصومال تحديدا بشكل يتجاوز الأهداف المعلنة التي روجتها أنقرة عبر وسائل الإعلام؛ يأتي في إطار سعيها إلى تعزيز نفوذيها العسكري والاقتصادي في أفريقيا عبر بوابة مقديشو.
الوجود العسكري
يرى خبراء أن تركيا، خصوصا في عهد أردوغان، الذي تم خلاله وضع خطة تجاه أفريقيا في عام 2005، تطمح إلى السيطرة على جميع السواحل الصومالية كجزء من استراتيجية شاملة تهدف من خلالها أنقرة إلى استخدام الوجود العسكري في الأراضي الصومالية كورقة ضغوط وكروت مساومة أمام القوى الدولية الأخرى، ونقطة انطلاق لتوسيع نفوذها الاقتصادي في القارة السمراء.
وأكد الباحث في شؤون القرن الأفريقي والأستاذ بجامعة أفريقيا العالمية الدكتور عبدالرزاق الطيب البشير، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن إنشاء القاعدة العسكرية التركية في مقديشو وقيام أنقرة بتدريب الجيش الصومالي هما محاولة منها لإيجاد إطلالة على المحيط الهندي، مضيفا أن تركيا تنظر كذلك إلى السودان أيضا كنقطة وجود في منطقة البحر الأحمر.
وأضاف أن تركيا تسعى بتعزيز علاقاتها في الصومال إلى بناء محور جديد معادٍ للوجود التاريخي المصري والخليجي بشكل عام، والبحث عن توازنات جديدة مع بعض القوى الإخوانية الموجودة في الصومال التي تعد الحليف الأول لها.
تحذير من تداعيات خطيرة
وحذر عبدالرزاق من التداعيات الخطيرة للوجود التركي، مؤكدا أن ذلك سيزيد من التوترات والتجاذبات الدولية والإقليمية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.
وقال إن الوجود التركي في الصومال ستكون له انعكاسات جمة إقليمية ودولية وعلى الوضع الداخلي الصومالي وتوازنات القوى بين العشائر والقبائل الصومالية، التي ترفض الوجود التركي باعتباره مدخلا للهيمنة عليها، وتغييرا للهوية العربية الأفريقية الصومالية الراسخة واستبدال أخرى إخوانية تركية بها.
ولفت إلى أن قيام أنقرة بإنشاء عديد من المدارس ذات الطابع التركي المتشدد تعد جزءا من عملية تشكيل ثقافي جديد للشباب الصومالي وإعادة تشكيله، كاشفا أن تركيا تلعب إعلاميا على وتر التعاطف تجاه الصومال ومشكلاته لخلق رأي عام في الداخل الصومالي يتعاطف مع الوجود التركي.
وألمح إلى أن هذه التحركات المريبة وجدت بعض التعاطف من الصوماليين لبعض الوقت، مؤكدا أن العديد من زعماء العشائر باتوا مدركين لحقيقة المشروع التركي الذي يظهر من خلال المطامع والأجندة الخفية في الصومال.
أفريقيا.. سوق أسلحة
من جهته، أكد الأكاديمي والباحث السياسي الصومالي عبدالرحمن جامع لـ"العين الإخبارية"، أن تركيا لها أطماع واضحة في أفريقيا بشكل عام، وفي الصومال تحديدا، حيث تطمح أن تكون سوقا للأسلحة لديها.
وقال إن سعي أنقرة للتعاون العسكري مع الصومال يهدف إلى رغبتها في الحصول على عقودات تسليح الجيش الصومالي بعد خروج قوات الاتحاد الأفريقي، وتصبح مقديشو مدخلا لفتح أسواق جديدة للصناعة العسكرية التركية في بعض بلدان شرق أفريقيا.
وقال جامع إن تركيا تحاول أن تظهر بمظهر الشرطي الجديد في منطقة القرن الأفريقي لابتزاز القوى الكبرى، كما تسعى في سباق للحصول على قاعدة عسكرية في منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية على غرار الدول الكبرى، مثل أمريكا والصين، عبر استغلال ضعف الدولة الصومالية تحقيقا لأجندتها بعيدة المدى.
توترات وتدخلات
بدوره، أكد الخبير السوداني في شؤون القرن الأفريقي الدكتور الزمزمي عبدالمحمود، لـ"العين الإخبارية"، أن المنطقة مرشحة لمزيد من الأزمات إذا لم تحدث تدخلات عربية لقطع التمدد التركي في الصومال.
وقال إن الاستراتيجية التركية تكمن خطورتها في أنها تدخل في إطار القوة الناعمة غير المحسوسة التي لا تظهر نتائجها في الوقت الحالي.
وأضاف أن تركيا تسعى من خلال الوجود المكثف عسكريا واقتصاديا في الصومال إلى الوجود في شرق أفريقيا والتمدد عبر المحيط الهندي إلى آسيا، مشيرا إلى أن تركيا تضع نصب عينيها الموارد الاقتصادية الصومالية الهائلة والموانئ التي تحاول استغلالها اقتصاديا وعسكريا وفتح أسواق كبيرة لها في شرق أفريقيا.
وشدد على ضرورة التحرك العربي لوقف التحركات التركية التي تتفق مع الأجندة الإيرانية في القرن الأفريقي.
وقد حذرت تقارير إعلامية وخبراء، تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، من مساعي قطر وإيران لتحويل الصومال إلى قاعدة جديدة لتصدير الإرهاب، وساحة خلفية لعمليات غسل أموال يعاد ضخها لدعم الأنشطة التخريبية.
aXA6IDMuMTMzLjExOS4yNDcg
جزيرة ام اند امز