المليشيات تعذب الليبيين.. طرابلس بين الظلام ودوي الرصاص
العين الإخبارية - عبدالهادي ربيع
اعتداءات على الأملاك واشتباكات مستمرة أغرقت العاصمة الليبية في ظلام دامس لا يخترقه سوى الرصاص المدوي من سلاح المليشيات المتناحرة.
صراع على النفوذ، وتنكيل بأمن المواطنين، وسرقات وفظاعات لا تنتهي لمليشيات حولت العاصمة وضواحيها إلى مرتع لجرائمها، فيما تستمر معاناة الليبيين بين أصوات السلاح وانتهاكات الجماعات المسلحة.
وتستمر سرقات المليشيات في طرابلس لمئات الأمتار من الأسلاك الكهربائية للضغط العالي المغذية للمحطات والمحولات، ما يؤدي إلى غرق العديد من المناطق بأكملها في ظلام دامس.
يوميا، تنشر الشركة العامة للكهرباء في ليبيا، بيانات حول الاعتداءات الممنهجة من قبل المليشيات على أعمدة الضغط العالي والمحطات، لسرقة الأسلاك والأجهزة وبيعها لاحقا في أسواق الخردة النشطة.
وأعلنت الشركة، في بيان الجمعة، معدلا خطيرا لسرقة الأسلاك في يوم واحد، حيث تخطت سرقات اليوم السابق لوحده (الخميس) 7 آلاف و850 مترًا من الأسلاك، بمناطق بدائرة توزيع السواني بالجفارة وعين زارة، والكريمية، ومدخل بئر العالم، ودائرة توزيع الحي الصناعي تاجوراء، وإدارة توزيع المرقب وغيرها، ما تسبب في إظلام تام بهذه المناطق.
وتشهد مناطق غرب طرابلس سرقات مستمرة لأسلاك نقل التيار الكهربائي ومعدات الشركة العامة للكهرباء.
صفقة تركية
في تصريحات سابقة، قال مصدر أمني لـ"العين الإخبارية"، إن مجموعات تتبع الإرهابي أسامة الجويلي قائد ما يعرف بـ"مليشيات المنطقة الغربية"، تسيطر على مناطق العزيزية والساعدية والسواني غربي طرابلس.
وتعاني ليبيا من انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي وساعات طرح أحمال طويلة، وسبق أن شهدت العاصمة طرابلس مظاهرات حاشدة ضد المسؤولين عن ملف الكهرباء، بسبب تدني الخدمات، وحدوث عجز كبير في تغطية أحمال الشبكة العامة.
ووصل العجز إلى ما يزيد عن 60 % من إجمالي الأحمال، إضافة إلى وصول ساعات الإطفاء على أغلب مناطق البلاد إلى ما يزيد عن 16 ساعة متواصلة.
وتهدف المليشيات من قطع الكهرباء وسرقة الأسلاك، لإجبار المواطنين الليبيين على شراء المولدات الكهربائية التركية التي تصدرها أنقرة بعشرات الآلاف للمنطقة الغربية.
وترمي تركيا بذلك إلى تحسين أوضاعها الاقتصادية المتردية بسبب الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة عليها، والذي تفاقم بسبب مقاطعة السعودية لمنتجاتها وبضائعها مؤخرا.
دوي الرصاص
وفي وسط ذلك الظلام الدامس بمناطق طرابلس، ترتفع أصوات الرصاص بين المليشيات التي تحتشد في صراع على النفوذ بين مليشيات مصراتة ونظيرتها في طرابلس التابعين لنفس الحكومة.
والخميس، اقتحمت عناصر من مليشيات مصراتة معسكر النعام التابع للمليشياوي هيثم التاجوري، بمنطقة تاجوراء شرقي طرابلس.
فيما تجري مليشيات طرابلس تجهيزات "ضخمة" للهجوم على المعسكرات والمقار التابعة لوزير الداخلية فتحي باشا أغا، غربي العاصمة وجنوبها، بحسب مصادر أمنية.
ومساء اليوم المذكور، سمعت أصوات رماية قوية بالأسلحة المتوسطة بوضوح في عدة مناطق داخل طرابلس.
ونشأ تحالف بين مليشيات مصراتة والزاوية ضد مليشيات طرابلس الممثلة في مليشيا ثوار طرابلس والنواصي ومليشيات معمر الضاوي.
وازداد الاحتقان بين مليشيات طرابلس ومصراتة، بسبب ممارسات باشا أغا خاصة في ظل اتهامه بموالاة مليشيات مصراتة على حساب نظيراتها في طرابلس، وأنه يخطط لإخراجهم من المشهد السياسي والأمني.
باشا أغا وحلم السلطة
يحاول باشا أغا التسويق لنفسه على أنه رجل القانون والمؤسسات لطرحه رئيسا للوزراء في الحكومة الانتقالية القادمة، وشرع في تحسين صورته وإبعاد الصورة الذهنية الراسخة عن المليشيات الإرهابية التي تسيطر على وزارته.
من جانبها، سبق أن أصدرت عدد من المليشيات بمدن الزاوية وزوارة وصبراتة والجميل، بيانات انتقدت فيها سياسة باشا أغا، معتبرة أنه يروج لأجندات دولية مشبوهة من خلال نزع سلاح من أسمتهم بـ"الثوار" وتفكيكها لتحقيق غاياته بالوصول لسدة الحكم، مستقويا بالمرتزقة السوريين.