الفرق الهندسية.. معركة الحياة ضد مفخخات الموت الحوثية
تخوض الفرق الهندسية لنزع الألغام في اليمن سباقا مع الزمن ضمن معركة طويلة الأمد لإعادة الحياة إلى المناطق الملغومة.
وتضع الفرق الهندسية على عاتقها مهمة شاقة ومحفوفة بالمخاطر لإزالة ما يقدر بنحو 2.5 مليون لغم زرعتها مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا في مناطق يمنية شاسعة أصبحت أكبر حقل ألغام في العالم.
وفتكت الألغام ومخلفات الحرب الحوثية بحياة أكثر من 20 ألف مدني حتى الآن، بحسب تقارير حقوقية، ولا تزال غالبية الألغام تحت الأرض تشكل خطرا دائما على أرواح آلاف الأبرياء.
كما تسببت الألغام بتضرر أكثر من 24 مليون يمني بشكل مباشر وغير مباشر على المدى الطويل.
وتواجه الفرق الهندسية في المناطق اليمنية المحررة تحديات معقدة، ويعد الساحل الغربي التحدي الأكبر كونه أكبر المساحات الموبوءة بالألغام وأكثرها كثافة وتتطلب شجاعة وتضحية أكثر.
وتتركز التحديات في نقص المعدات اللازمة لاكتشاف ونزع الألغام، مقابل المساحات الشاسعة المزروعة بالألغام بتقنيات إيرانية خبيثة.
ساحل المليون لغم
وبعد 3 أعوام ونصف على دحر الحوثيين من أولى مناطق الحديدة الساحل الغربي لليمن لا تزال مخلفات الإرهاب تهدد حياة آلاف المدنيين، في 10 مديريات تصنف كمناطق مُفخّخة.
وخلال الأعوام التي تلت تحرير مديرات الساحل أصابت مليشيا الحوثي نوبة سعار لتفخيخ بقية المناطق مستغلة وقف إعلان وقف إطلاق النار في أواخر ديسمبر 2018 تنفيذا لاتفاق استوكهولم.
وعلاوة على زراعتها ما يقارب مليون لغم في الساحل الغربي، وفقا لتقديرات خبراء، عمدت مليشيا الحوثي أيضا إلى استخدام بقايا القذائف غير المنفجرة كفخاخ قاتلة تستهدف شلّ الحياة في المناطق المحررة.
وعلى امتداد قرى ومزارع ومدن السهل التهامي والساحل الغربي، لا تزال الفرق الهندسية تنتشل يومياً مئات المخلفات الحوثية القاتلة بينها رؤوس صاروخية، تزن الواحدة منها نصف طن، حولتها مليشيا الحوثي إلى عبوات ناسفة.
هندسة القوات المشتركة
تبذل الفرق الهندسية التابعة للقوات المشتركة في الساحل الغربي جهودا جبارة في إزالة مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية التي أدت إلى مقتل وإعاقة الآلاف من المواطنين المدنيين.
وساهمت هندسة القوات المشتركة في عودة آلاف الأسر النازحة بمحافظتي الحديدة وتعز إلى قراهم بعد تطهيرها من الألغام، وكذلك نجحت في تأمين الطرق والمزارع والآبار وفي العديد من المناطق الحيوية.
وفي 20 يونيو/حزيران المنصرم تمكنت الفرق التابعة لوحدة هندسة القوات المشتركة، من تفكيك وانتزاع شبكة من الألغام زرعتها مليشيا الحوثي بمدينة الحديدة وتهدد صوامع ومخازن الغلال المخصصة لإغاثة ملايين اليمنيين.
فقد الفرق نجحت الهندسية في تفكيك شبكة من الألغام المضادة للدروع، زرعها الحوثيون في وقت سابق بالقرب من مطاحن البحر الأحمر التي يستخدمها برنامج الأغذية العالمي لتوزيع دقيق القمح المخصص للمساعدات.
وتستمر الفرق الهندسية في عمليات مسح المناطق القريبة من مطاحن البحر الأحمر، نظرا لكثافة الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها المليشيا الحوثية بشكل عشوائي.
وكانت الفرق الهندسية التابعة للقوات المشتركة تمكنت، في وقت سابق، من تنفيذ عمليات مسح مماثلة في محيط المطاحن تكللت بنزع وتفكيك شبكات ألغام حوثية مماثلة وقذائف صاروخية مفخخة تزن بعضها نصف طن.
في البر والبحر
وشهدت بداية يونيو/حزيران الماضي اكتشاف شبكة ألغام بحرية حوثية مثبته بقاع البحر الأحمر في أرخبيل حنيش قبالة سواحل الحديدة.
خبراء عدّوا الاكتشاف الذي أنجزته وحدة هندسة القوات المشتركة من أهم ما تم تحقيقه حتى الآن، حيث أن الشبكة زرعتها مليشيا الحوثي بتصميم مدروس يكفي لتفخيخ مساحات واسعة أمام حركة السفن ونشاطات الصيد.
وحملت شبكة الألغام المربوطة المعروفة لدى الحرس الثوري الإيراني دليلا إضافيا على تورط إيران في تفخيخ سواحل وشواطئ البحر الأحمر غربي اليمن.
واستطاعت هندسة القوات المشتركة وخفر السواحل اليمنية في قطاع البحر الأحمر، التعامب مع الشبكة وتفكيكها بعد عمل دؤوب ومتواصل.
وكانت شبكة الألغام البحرية تهدد معيشة آلاف الأسر اليمنية التي تعتمد على الصيد كمصدر دخل رئيسي ووحيد، بجانب تهديد حركة الملاحة الدولية.
مشروع مسام
المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن "مسام" كان له دور بارز في عمليات المسح وتطهير الأراضي اليمنية من وباء الألغام الحوثية، وتدريب الفرق الهندسية التابعة للقوات الحكومية.
ومنذ بدء المشروع في يونيو 2018 حتى يونيو الماضي، بلغ مجموع المساحة التي تم تطهيرها 23.834.486 مترا مربعا من الأراضي في اليمن كانت مفخخة بـ 257.976 لغما وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة.
وفي أحدث بياناته قال مشروع "مسام"، إن الفرق الهندسية العاملة في الميدان نزعت منذ بداية الشهر الحالي وحتى ال 25 منه 6427 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة من مختلف المحافظات اليمنية.
وكانت تلك الألغام تسببت في تعطيل الحياة وتهجير ونزوح مئات الأسر، كما أعاقت عمال الإغاثة من الوصول إلى المجتمعات الضعيفة.
وعلى الرغم من امتداد المساحات الملوثة وكثافة العلب المنفجرة فيها، يؤكد "مسام" أن فرقه الهندسية ماضية في إزالة هذا الشر وتطهير أرض اليمن من التلوث الذي لحق بتربتها.
ويقول مشروع "مسام" إن، حلم "يمن خال من الألغام" يداعب مخيلة كل عامل في مشروع مسام ويدفعه إلى التضحية بنفسه حيث يرى في تأمين حياة الناس من الموت القابع تحت أقدامهم والذي يشاركهم في حالات عدة مساكنهم واجب إنساني.
وأشار إلى أن فرقه مستمرة في عمليات البحث وتمشيط المناطق وتطهيرها من الألغام رغم الصعوبات التي تعرقل هذه العملية خاصة إصرار هذه الجماعة على مزيد نشر علب حقدها المنفجرة.